الإعلام الغربي: الحريري إلى المنفى.. فمَن البديل؟

المدن - ميديا
الجمعة   2017/11/17
الصحف الأجنبية ككل تتعامل مع الموقف كأنه خبر في صفحة المنوعات، لكونه حدثاً غير مألوف (عزيز طاهر)
منذ دعوة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى زيارة فرنسا، كحل سحري يخرج به الحريري من "إقامته الجبرية" في السعودية، أخذت الصحافة الغربية تتساءل عن طبيعة هذه الزيارة: أهي زيارة فعلاً إلى بلد لطالما كان بمثابة حليف داعم للبنان خلال العقود الماضية، أم أنها منفى إجباري مثلما كان الحال بالنسبة للرئيس الحالي ميشال عون في وقت سابق؟ 

السيناريو الثاني بدا أكثر إقناعاً بالنسبة إلى معظم وسائل الإعلام الغربية، التي أجمعت على أن باريس ستكون أكثر من مجرّد محطة عبور بالنسبة للرئيس المستقيل، وستشكّل مخرجاً له من أزمته الحالية، وربما من السياسة ككلّ. ولمّحت إلى ذلك تكراراً، قبل أن يطرح الرئيس الفرنسي دعوته بشكل علني، وتتحدث عنه صحف كبرى مثل "واشنطن بوست" يوم الثلاثاء على سبيل المثال.

والحال أن الكاتب روبرت فيسك لم يضطر إلى التفكير مرتين في طبيعة هذه الدعوة الفرنسية. ففي مقالٍ له في صحيفة "إندنبندنت" البريطانية، عنون فيسك المقرب من أوساط الممانعة: "رئيس الحكومة اللبناني يقبل المنفى في فرنسا إذ أن السعودية لم تعد تبدو كموطن له". وقد إستبعد الإعلام الغربي إحتمال عودة الحريري إلى لبنان من فرنسا، فاعتبرت "بي بي سي" أن هذا الخيار "غير مقبول بالنسبة للسعوديين في المرحلة الحالية"، في مقارنة مثيرة للاهتمام بين داعمين دوليين للحريري منذ وقت طويل، بشكل أبرز أزمة لبنان كدولة عاشت على الوصاية الأجنبية طوال فترة استقلالها، ما جعل الأزمة الحالية تأخذ منحى وطنياً وحالماً لدى اللبنانيين، الذين يتوقون لفكرة السيادة الوطنية، وهو ما جعل الحريري في نظر كثيرين بطلاً قومياً رغم أنه طوال مسيرته السياسية لم يكن ذا أثر حقيقي.

وتساءلت "نيويورك تايمز" عن سر التنسيق السعودي - الفرنسي، فإذا كانت المبادرة مجرد دعوة عادية، فلماذا تحدّث ماكرون إلى ولي العهد محمد بن سلمان قبل إطلاقها؟ ولماذا ركّز ماكرون، في تصريحاته من الرياض، على دعوة أسرة الحريري بعدما كانت قد أثيرت الشكوك حول كونها في الإقامة الجبرية هي الأخرى؟ أما حاجة ماكرون إلى التوضيح بأنه لا يدعو الحريري إلى حياة في المنفى، فقد إعتبرتها الصحيفة دليلاً إضافياً على "غرابة الوضع"، علماً أن الصحف الأجنبية ككل تتعامل مع الموقف كأنه خبر في صفحة المنوعات، لكونه حدثاً غير مألوف على الإطلاق في السياسة المعاصرة.

وقد وجد الإعلام الغربي في ترحيل الحريري إلى فرنسا حلاً مرحلياً، فهو "وإن لم يحلّ جذور المشكلة، إلا أنه يسمح للحريري وللسلطات السعودية بأن يحفظوا ماء الوجه"، وفق "رويترز". وبدا جلياً للجميع أن السعودية فشلت في مسعاها للضغط على حزب الله وإيران عبر "اختطافها" الحريري، وقد "أيقنت كل من واشنطن والرياض أن الاستقرار في لبنان يخدم مصالحهم وإن تطلّب ذلك بعض التعاون مع حزب الله". وقد يعكس كل ما يجري حقيقة فهم السعودية أخيراً إلى أنه لا يمكن الانتصار على حزب الله في معركة قصيرة، بل يحتاج الأمر للعب دبلوماسي وسياسي طويل المدى، حتى لو كان تقويض حزب الله الخطوة الأكثر أهمية في مواجهة النفوذ الإيراني المتنامي في كافة أنحاء الشرق الأوسط، بحسب ما ذكرت "واشنطن بوست". 

ورغم ذلك، ما زالت نتيجة هذه الرحلة بعيدة من الجزم. وترى مجلة "إيكونوميست" العريقة أنها قد تعني أمراً من اثنين: الأول هو إنتهاء مسيرة الحريري السياسية وبقائه في المنفى، والثاني عودته إلى لبنان لتسلم رئاسة الحكومة مجدداً.
   
ويتطلب نفي إمكانية رجوع الحريري إلى لبنان بشكلٍ شبه قاطع، وإبعاده عن المشهد السياسي اللبناني نهائياً، إيجاد بديل له. وهنا توجهت الأنظار إلى شقيقه بهاء الحريري الذي أعلن، في أول تصريح رسمي له بعد الاستقالة، عن دعمه لاستقالة أخيه. ورأت "نيويورك تايمز" أن بهاء الحريري لمّح، في تصريحه الذي تزامن مع دعوة ماكرون بشكل مدهش، إلى أنه "مستعد إلى دفع الأجندة السعودية ومواجهة حزب الله بحماسةٍ أكبر من أخيه". كما لفتت الصحيفة إلى "النزاع القائم بين الأخوين على خلفية تفضيل رفيق الحريري لسعد، واختياره لتولي الإمبراطوريتين السياسية والإقتصادية للعائلة بدلاً من ابنه الأكبر بهاء".

أما تحليلات فيسك، فقد تناولت "الصديق الوفي والاقتصادي الموهوب فؤاد السنيورة" كبديلٍ محتمل بدأ التحضير له خلف الكواليس لطعن الحريري في الظهر!