خالد علي: معركة الرئاسة المصرية قبل أوانها

أحمد ندا
الأحد   2017/11/12

أصبح اسم المحامي الحقوقي #خالد_علي عنواناً لسجالات كبيرة في مصر. لا يهمّ من أي موقع، سواء أكانت المعركة القانونية للبت في مصرية جزيرتي تيران وصنافير، أو "الإصبع الوسطى" المزعوم في وجه الدولة ومن أجله يحاكم في قضية أمام القضاء المصري، أو تخوينه الرئيس عبد الفتاح السيسي صراحة، أو -أخيراً- إعلانه الترشح في الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة في 2018.

غبار كثير يثيره خالد علي أينما حل وأينما ذهب، وهو المرشح "الأقل حظاً" والأكثر مثالية في الانتخابات "الوحيدة" الحقيقية التي عرفها المصريون بعد الثورة في 2012، حتى أُطلق عليه -سخرية- مرشح قصيدة النثر، وهو الذي حصد أقل من مليون صوت في انتخابات "عصر الليمون" الشهيرة.

هذه المرة، فتح إعلانه للترشح باباً عنيفاً للتأييد وباباً أعنف لمعارضة قراره، خصوصاً وأن انتخابات 2014 ليست بعيدة من الذاكرة، وهو من أعلن عدم ترشحه لأنه لا يريد المشاركة في مسرحية الانتخابات الرئاسية، قائلاً "من المستحيل في مثل هذه الدولة من دول العالم الثالث وفي ظل الظروف الراهنة أن يخوض وزير الدفاع السباق الرئاسي لأن قائد الجيوش دائماً ما يتمتع بشعبية جماهيرية لا لشخصه، وإنما لأنه قائد الجيوش".

هذا التصريح العنيف، من المحامي الحقوقي، هو ما أثار حفيظة الكثيرين ضد إعلان ترشحه، وأعاد إحياء الجدل السياسي في مواقع التواصل الاجتماعي: ما الذي تغير بين مسرحية 2014 وانتخابات 2018؟ وما الذي يدفعه للترشح من دون أن يبرر أسباب ترشيحه، وبحماسة مساوية لحماسة عدم ترشحه سالفة الذكر؟

المعترضون على ترشحه لم تختلف أسبابهم عن أسباب علي نفسها، بل إنهم يضيفون سبباً آخر، وهو عدم واقعية علي، واستخدامه لغة خطابية تعود إلى عصر صعود الثورة وهو ما لا يفيد أحداً في الوقت الراهن. ومع العداوة الرسمية للثورة على مستوى الدولة، وكراهيتها شعبياً، كيف يمكن لمرشح ذكي أن يستخدم هذه اللغة، وهو يحاول أن يستقطب قطاعا أوسع من ناخبيه؟

غير أن أسباب التحفظ بدا فيها بعض من التحفز، خصوصاً وأن علي في إعلان ترشحه -وبرنامجه لاحقاً- كان فيهما الكثير من الوعي باللحظة الراهنة وتغيراتها السياسية والاقتصادية، بل إنه ركز على الفاعلية الاقتصادية قبل أي كلام سياسي، ولم تأخذ منه قضية "تيران وصنافير" أكثر من بند واحد من بنود الترشح.

المؤيدون على الناحية الأخرى، أرادوا أن يكونوا "أكثر واقعية" مع معرفتهم أنه بالتأكيد لا فرص للمنافسة الحقيقية، ولا النزاهة المطلقة، مع الوعي بأن فئات كثيرة من الشعب ساخطة على الأوضاع الاقتصادية، وأن التأثير ومحاولة اكتساب الأرض ممكن، والأهم، معرفة كيفية التعامل مع الدولة في الفترة القادمة، ومقياس -شبه موضوعي- لتوغل المعارضة على الأرض. هذه التصورات على عكس مآخذ المعارضين، تبدو أكثر واقعية بالفعل، ومحاولة للخوض في المعترك السياسي، دون الوقوف كثيراً عند الهزيمة الثورية.

ما يثير الريبة أيضاً، كيف تعامل إعلام الدولة مع نية خالد علي للترشح. فرئيس تحرير جريدة "الجمهورية" في مقاله الافتتاحي في اليوم التالي لمؤتمر علي، كتب مقالاً شديد العنف والوضاعة تحت عنوان "خالد علي وألاعيب الأقزام"، حيث اعتبر علي محامياً مغموراً عاشقاً للظهور والنضال الكرتوني، وبدأ بالتشكيك في ذمته وأخلاقه.

لكن هذا النوع من التغطية الإعلامية لم يهيمن. بل على العكس، هاجم عمرو أديب ما نشرته "الجمهورية"، ومنطقه متماسك بالطبع، باعتبار أن خالد علي يمارس حقاً قانونياً وأن جريدة مملوكة للشعب تنحدر إلى هذا المستوى؟ وهو ما دعم شكوك المعارضين لترشح علي، وتأكيد مسرحة هذه الانتخابات.