"إل بي سي": الجمهور المسيحي لي.. والشيعي أيضاً

علي سعد
الثلاثاء   2016/08/23
في تقرير حمل عنوان "التعديات العقارية مستمرة على أملاك الكنيسة في لاسا" يظهر التناقض جلياً بين أهداف المؤسسة اللبنانية للإرسال-LBC، في تكريس نفسها قناة أساسية عند الجمهور الشيعي، وبين دور المراسل ومعد التقرير، مارون ناصيف، الذي أظهر نَفَساً مسيحياً بدا واضحاً أكثر من مرة في التقرير.
فالمراسل الذي زار لاسا واطلع على خلفيات إلغاء حفلة وضع حجر الأساس لمقام النبي شمعون في البلدة، بسبب الخلاف على ملكية الأرض بين الكنيسة المارونية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لم يضع الخلاف في شكله العقاري. إذ اعتمد عنوان "التعديات العقارية مستمرة على أملاك الكنيسة في لاسا"، في ما بدا أنه افتعال لأزمة مضخمة، انتهت إثر تدخل وساطات سياسية على أرفع المستويات، وساهمت في حله.

التفريق بين وجهة التقارير، وطريقة إدارتها، يبدو وفق آلية تقسيم الأدوار. إذ يجب الحفاظ على العصب المسيحي مشدوداً، إلى جانب الانفتاح على جمهور آخر، وهو ما بدا قبل فترة وجيزة، في التغطية المباشرة لأحداث بلدة القاع، وسؤال المراسلة حينها سكان البلدة عن خوفهم، وعما إذا كانوا عازمين على مغادرة البلدة!

الحماسة المفرطة في تعاطي ناصيف مع ملف لاسا، من زاوية أنها اشكالية و"تعديات"، تخالف السبب الرئيس في دفعه من قبل المحطة لاجراء تقرير عن خلاف، بدا أنه تمّت حلحلته، وهو ما دفع محطات أخرى لاعتماده خبرياً، أو تجاهله، كما في حالة القنوات الشيعية. فإلى جانب أن المحطة تفردت به كتقرير خاص، يفتح على خلافات تتجدد كل فترة، ظهر أن "ال بي سي"، كإدارة، دفعت مراسلها لاجراء تقرير خاص، تحاكي من خلاله جمهوراً شيعياً، فتحت له منبرها على أعلى المستويات، في سياق معركتها مع قناة "الجديد" لاستمالة للجمهور الشيعي.

ولا يبدو أن "أل بي سي" ستستسلم في معركة "الرايتنغ" والتي أجبرتها أكثر من مرة على ممارسة "براغماتية" إعلامية عابرة للطوائف تخالف نشأتها كقناة أسسها اليمين المسيحي. فهي ترى اليوم في الخلاف بين قناة "الجديد" ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فرصة سانحة لاستمالة الجمهور الشيعي المؤيد لحركة أمل، والذي بات لديه نفور من "الجديد".

ويسعّر المعركة على الجمهور الشيعي، ابتعاد الجمهور السنّي عن القناتين، بفعل وقوعه في مكان مختلف من تحديد أولويات الصراع في المنطقة وتوجهاته، ووجود باقة أكبر من الخيارات أمامه لا يلتفت إليها الجمهوران المسيحي والشيعي.

من هذا المنطلق، تحمل تقارير "ال بي سي" ذات البعد الطائفي الخلافي، منهجين، واحد يمثل عقيدة المراسل المرتبطة بأبعاده الإيديولوجية والتي بحكم واقع الإعلام اللبناني ومنحاه الطائفي لن يجد نفسه مضطراً للتخلي عنها.. والبعد الآخر يفرضه الإطار الانتشاري للقناة التي تحتاج الى شعبية مساندة خارج خريطة الانتشار المسيحي، ترفع أسهمها في سوق الإعلانات وتعطيها شرعية وطنية.

على مدى سنوات خلت، نجحت "الجديد" في اجتذاب جمهور حزب الله وبقيت علاقتها بالجزء الآخر من الجمهور الشيعي ملتبسة، حتى أتى الخلاف مع بري ليكسر الجرة، فوجدت "أل بي سي" فرصة سانحة تحاول استغلالها عبر ازدواجية الرأي في التقرير الواحد، حيث يمثل المراسل رسالة عقائدية لا تخسرها الجمهور المسيحي الذي تستمد منه شرعيتها الأساسية.

فيما يفرض القائمون على المحطة سياسة تهدف الى إرضاء الجمهورين المستهدفين، وهما في هذه الحالة الجمهور المسيحي والجمهور الشيعي، اللذين يبدوان في هذه المرحلة من الصراع الطائفي المشتد في المنطقة، متقاربين من حيث مشاعر الخوف والتهويل بالخطر الذي تعتبر الاقليات أنها محاطة به، وهو ما سيسهل على القناة عملها.. مع استثناءات القليلة.