"روسيا اليوم" تزوِّر فيديو هادي العبدالله في حلب؟

المدن - ميديا
الجمعة   2016/04/29
حوّرت قناة "روسيا اليوم" مقطعاً نشره الناشط المعارض هادي العبدالله لتوثيق المجزرة التي ارتكبها طيران النظام السوري في حي بستان القصر في حلب، وبثته على أنه قصف لـ"جبهة النصرة" على أحياء المدينة.

ونشر ناشطون معارضون مقطع الفيديو الأصلي والنسخة المعدلة منه، مشيرين إلى "صوت العبدالله الواضح في التعليق عليهما، ومشاهد الدمار الهائل الذي لا يمكن أن يحدث إلا من جراء براميل متفجرة أو صواريخ فراغية"، وليس "قذائف هاون" كما تقول القناة الروسية.

في ضوء ذلك، كتب العبدالله في صفحته الرسمية في "فايسبوك": "قناة روسيا اليوم تكذب وتزوّر الحقائق وتسرق فيديو صورته اليوم في أحياء بستان القصر والكلاسة وتدعي أن النصرة هي من يقصف حلب لتبرر جرائم نظام الأسد وروسيا في حلب. أتمنى من الحقوقيين وأصحاب الاختصاص رفع دعوى قضائية ضد قناة الكذب باسمي وملاحقة الموضوع كما أتمنى نشر كذب هذه القناة ليحذره الناس".

حادثة التزوير، تكررت في الإعلام السوري الموالي، مع نشر صور قديمة من المدينة على أنها صور للدمار الذي تحدثه "قذائف إرهابيي المعارضة" خلال الأيام الماضية، ومنها ما نشرته صفحة "دمشق الآن" شبه الرسمية في "فايسبوك" صباح الجمعة عن تدمير الآثار في حلب، فيما ذكرت منصة "تأكد" المعنية بكشف الأخبار المزورة وجود حالات أخرى.

يوحي ذلك بوجود سياسة إعلامية موحدة بين النظام وحليفه الروسي تحت شعار "حلب الصمود"، يراد منها تصوير الواقع في حلب على أنه "مكافحة نبيلة للإرهاب"، بأخذ جزء من الوقائع وتحريف جزء آخر وإهمال وقائع مهمة مثل المجزرة التي ارتكبها الطيران الروسي بقصفة مشفى القدس بحي السكري في حلب مساء الخميس.

تزوير النظام للحقائق وبثها عبر وسائل الإعلام الرسمية والحليفة أمر متكرر منذ 2011، ولا يبدو مأزقاً أخلاقياً خطيراً مقارنة بالجرائم ضد الإنسانية التي تحدث على الأرض. وهو جزء من سياق دعائي بحت تفقد فيه وسائل الإعلام مهماتها الأساسية في نقل المعلومات بحيادية، نحو تعليب الأحداث لخدمة آراء محددة سلفاً، ويصبح بها الإعلام مجرد أداة وظيفية ضمن أجهزة الدولة، ويأتي ذلك من النظريات السوفييتية– الروسية القديمة في الحقبة الشيوعية والاشتراكية.

في السياق، خصص الإعلام الرسمي السوري اليوم بكامله للتغطية من الأحياء التي يسيطر عليها في حلب، محاولاً نقل مظاهر الحياة الطبيعية هناك، أو الحديث عن الخدمات من كهرباء ومحروقات وغيرها وتحسن وضع الحياة بالنسبة إلى المواطنين ما أثار حفيظة بعض الضيوف على شاشة "الإخبارية" الذين انتقدوا طبيعة التغطية والأسئلة غير المنطقية في ظل وجود عدد كبير من الضحايا مهما كان انتماؤهم السياسي.

تغطية الإعلام السوري رفعت شعار "حلب الصمود"، وركزت على ضرورة إجراء حسم عسكري في الشمال السوري، ومن البشع أن يردد الضيوف والمذيعون خلالها عبارات مثل أن "يموت كثير من المدنيين هذا واجب أهالي حلب في المعركة ضد الإرهاب"! وهي نظرة أي  نظام شمولي لمواطنيه، ولا يشذ نظام البعث السوري عن تلك القاعدة.

ونشرت القنوات السورية الرسمية مجموعة من الأغاني والفواصل الجديدة مخصصة "لعودة حلب للوطن" قريباً، أبرزها أغنية للفنانة القديرة ميادة بسيليس "حلب رح ترجع"، التي تعبر فيها عن مشاعر الشوق للمدينة والحياة القديمة فيها قبل الدمار والحرب، وتجدر الإشارة إلى أن النظام يتحدث عموماً بمنطق القوة بعيداً عن منطق الضعف ولعب دور ضحية الإرهاب، وحتى في اللقاءات مع المدنيين لا يكون الحديث عن الحالة المأساوية للحياة بقدر ما يجري الحديث بحماسة عن النصر الآتي خلال أيام.

وتشهد حلب تصاعداً للعنف منذ منتصف نيسان/ أبريل الجاري، فيما يحذر ناشطون من عملية عسكرية كبيرة يحضر لها النظام للقضاء على أي وجود للمعارضة في عاصمة الشمال وريفها.