#الفدائيون_الثلاثة: إحالة إلى مرحلة فلسطينية سابقة

علي السقا
السبت   2016/02/06
يواصل الفلسطينيون انتفاضتهم في وجه الاحتلال. مرت على الانتفاضة شهور عرفت خلالها فترات صعود وهبوط. لكن الجديد، أن أحداً من الفصائل الفلسطينية التي تتقاسم ما تبقى من فلسطين، لم تستطع التحكم في مسار الانتفاضة. وذلك بالرغم من كل المساعي لتكرار تجربة مأسسة الانتفاضة وتجيير نتائجها لصالح فريق دون آخر، على غرار ما حصل في العامين 1987 و 2000.


يمكن القول إن الفلسطينيين، بانتفاضتهم الجديدة، قد تحرروا، إلى حد ما، من عباءة السياسة وما تفرضه عليهم من مقاربة للواقع تظهر كل المؤشرات أنهم لم يعودوا يقبلونها. #الفدائيون_الثلاثة، نموذج من هؤلاء الفلسطينيين الذين حولتهم الانتفاضة، بحسب وصف محلل عسكري إسرائيلي، إلى "ذئاب داشرة"، لأنهم لا يخضعون لمؤسسة مسؤولة عن آليات العمل والتخطيط، لإسرائيل باع طويلة في متابعتها ومحاربتها.

أحمد أبو الرب، محمد كميل، وأحمد زكارنة، هؤلاء الشبان الثلاثة أطلق عليهم الفلسطينيون لقب الفدائيين. وبالرغم من الجهل بالجهة التي سوّقت لمصطلح "فدائيين"، وإشاعة خبر انتمائهم لسرايا القدس، فإن في الامر إحالة إلى تاريخ سابق ومحاولة للتماهي معه. حيث عرف المقاتلون الفلسطينيون في كل جبهات القتال، ومنها الجنوب اللبناني، بأنهم فدائيون، بينما كرّست "حماس" في مرحلة لاحقة مصطلح "شهيد"، مع كل ما يحمله من دلالات دينية صرفة.

مواقع التواصل الاجتماعي غصّت، منذ أمس الجمعة، بخبر تسليم جثامين الشبان الثلاثة ثم تشييعهم في بلدتهم قباطية في جنين في الضفة الغربية. وفي حين لم تخرج التغريدات عن سياق التبريك، إلا أنها بدت انعكاساً للجو العام الذي يشيع في "تويتر" بعد استشهاد أي فلسطيني أو فلسطينية إثر عملية طعن أو دهس. فقد كان لافتاً تداول رسم كاريكاتير للفنان الفلسطيني محمد سباعنة. ويظهر الرسم وجود ثلاثة قبور مرصوفة خلف قبر وحيد، يقول هذا لأصحابها "أهلاً يا أصحابي". ويقول مغردون إن الرسم تعبير عن وصية "الفدائيون الثلاثة" بدفنهم خلف صاحبهم الذي سبقهم إثر عملية، ويدعى أحمد عوض أبو الرب.

على أن فكرة الوصية باتت تحتل حيزاً واسعاً في ثقافة الانتفاضة، حيث يتم تداول وصايا يكتبها الفلسطينيون في "فايسبوك" بعد قيامهم بأي عملية، في محاولة لتثبيت شكل آخر لإعطاء الوصية صبغة الهوية الجماعية، التي غالباً ما تتضمن على نحو صريح الدعوة للإستمرار بالانتفاضة.

وغالباً ما تصبح بعض العمليات مغناة للفنانين الفلسطينيين. هكذا، أصدر الفنان محمد عساف أغنية خاصة لبلدة قباطية، يتغنى فيها بما يراها أمجاد أهل هذه البلدة، علماً أنها ليست الخطوة الأولى لعساف في هذا المضمار. وكذلك انتشرت أغنية أخرى تحت عنوان "قباطية قومي"، لمحمد أبو الكايد.

يُشار إلى أن "الفدائيون الثلاثة" نفذوا عمليتهم في الثالث من شباط/فبراير الجاري قرب باب العامود في القدس المحتلة. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الشبان الثلاثة وصلوا مسلحين إلى باب العامود، ببنادق وسكاكين وعبوات ناسفة. وعندما طلب عناصر الجيش الإسرائيلي من الشبان إبراز هوياتهم الشخصية، استل أحدهم سلاحه وبدأ بإطلاق النار ما أدى إلى إصابة مجندتين وإسرائيلي ثالث، ثم أطلق الجنود النار عليهم ما أدى إلى "مقتلهم" على الفور.