كارول معلوف وعقدة ستوكهولم

نذير رضا
الخميس   2016/02/04
وليد عبود بين نارين: "السبق" ينافس "الإحراج"
أسرت قناة "ام تي في" ليل الاربعاء، المشاهدين أمام شاشتها، لمشاهدة اسرى حزب الله لدى "جبهة النصرة". وألزمتهم، حكماً، بالاستماع الى خطاب سياسي مكرر، قاده ضيوفها والمتصلون أيضاً، يعبر عن حجم الانقسام الذي وصلت اليه الرؤية السياسية على خلفية الأزمة السورية.

لكن هذا النقاش العقيم، ليس سوى تعبئة لمساحة البرنامج الزمنية التي يُقدّر لها أن تنتهي، بسبع دقائق، وهي مدة عرض المقابلة مع عنصرين من عناصر الحزب الأسرى لدى التنظيم، إضافة الى الرسالة التي تحملها منفذة "السبق" الزميلة كارول معلوف، بالقول إن "الضربات الروسية في هذا الوقت في حلب، تمثل خطراً على أسرى الحزب" لدى "النصرة".

وما حمله السبق، بحسب توصيف الإعلامي وليد عبود مقدم برنامج "بموضوعية" الذي عرض المقابلة، يتلخص في أمرين مهمين. الأول مرتبط بظهور المقاتلين في الحزب، والشكوك حول سلامة الثالث. أما الثاني، فيرتبط بالرسالة التي تحملها معلوف، المتعلقة بسلامة المقاتلين الثلاثة (على افتراض أن الثالث بخير كما أكدت على الشاشة) لجهة الضربات الروسية.

عدا ذلك، دخلت الحلقة في نقاش "محرج" بالنسبة لقناة "إم تي في" ووليد عبود، الذي تعامل معها كإعلامي محاصر بين نارين، ونفَذ من الانتقاد باحترافية. فمن جهة، هو يعرض "سبقاً"، خصّته به كارول معلوف، التي تربطها علاقة مصادر معلومات مع التنظيم... ومن جهة أخرى، هو محرج على ضوء موقع "النصرة" في الداخل اللبناني والعالم، بوصفها "جماعة ارهابية". ومن هنا، خرج من الاحراج بالتعاطي مع الحدث، بوصفه سبقاً لا غير، وهو ما دفعه للقول بشراسة أن المقابلة "ليست تلميعاً لصورة النصرة".

على النقيض من وليد عبود، انخرطت كارول معلوف في دعاية لصالح التنظيم، إذا ما رُبطت بالامتداد اللبناني، وصورة الحكومة اللنبانية عن التنظيم. محاولة الفصل بين التنظيم في ادلب "على ضوء ما شاهدت"، كما قالت، والتنظيم في جرود عرسال، لجهة ذبح عسكريين لبنانيين، لا تُسقط عنها الانزلاق في اتجاه تلميع صورة التنظيم. برز ذلك في الاسئلة نفسها الموجهة الى أسيري حزب الله، التي قادت الى اجابتهما بأنهما يأكلان، ويستحمان "مرتين أسبوعياً"، لتُعقّب معلوف في سؤال دون المستوى: "وتقلّمون اظافركم أيضاً"!

في الواقع، ليس الأسير وحده من يُصاب بعقدة "ستوكهولم" (تعاطف المخطوف مع الخاطف)، بل الإعلامي أيضاً، إذا تحول طرف ما، أي طرف، إلى مصدر للمعلومات، ويفيض على الاعلامي بالثقة. يستطيع المخطوف أن يخفي ما ينتابه، تحت ضغط الأسر أو التعاطف، لكن ذلك يُفترض ألا يمنع الاعلامي من توجيه أسئلة نقدية، أن يوصف الحال بطريقة مغايرة لما يقوله التنظيم، أو معارضوه. أما الذوبان في وجهة نظر واحدة، فيعني أن عقدة "ستوكهولم" تنسحب أيضاً على الاعلاميين.

ما قيل منطقي. لا إضافات فيه. الأسير سيأكل ويشرب ويستحم... لا يستدعي ذلك أي دعاية، ولا أي جلبة. ما يعني أن المقابلة بأكملها، لا تستحق كل الجلبة التي أثارتها قبل عرضها. كان في إمكان "النصرة" أن تبث الشريط بلا "أم تي في". فالمقابلة تتشابه الى حد بعيد مع مقاطع فيديو كانت "النصرة" بثتها لحوادث أخرى. وكانت لتنتشر أكثر، على الشاشات كافة، بوصفها بياناً رسمياً. لكنها خصصت معلوف بها، لتحقيق السبق، ما ينفي كل التقديم الذي بدأت به ايضاحاتها عن المقابلة، بأنها "صدفة". بل الأرجح أن هذا السبق هدفه تحميل المقابلة، عن عمد، بالرسالة التي مرت في حديث معلوف: "الأسرى اليوم في خطر... بسبب نيران صديقة، هي الغارات الروسية".