إسماعيل الإسكندراني.. الفرحة الحذرة

أحمد ندا
الأحد   2016/11/20
أخيراً، خرج الباحث والصحافي إسماعيل الإسكندراني من سجنه، بعد عام قضاه لا بحكم محكمة ولا تنفيذاً لعقوبة، بل بتجديد حبسه إثر قانون لا يعطي حداً أقصى للحبس على ذمم قضاياه.. ما يشير الى ان ثمة سلطة إضافية ضمن الدولة، للتعسّف، من دون ضوابط قانونية. وكان الاسكندراني أوقف قبل عام، واتهم بالانتماء إلى جماعة "الإخوان" والتحريض على نظام الحكم (التهمة الجاهزة لكل من يخرج على الخط العام للدولة وخطابها المعلن).
من حق متابعي القضية أن يفرحوا بهذا الإفراج، خصوصاً وأنه يأتي في وقت يتجه فيه كل شيء إلى الأسوأ على الأصعدة كافة في مصر، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. المشهد القاتم يتضمن إصدار قوانين تضيق العمل العام على الجمعيات الأهلية، وتحبس نقيب الصحافيين وعضوين من مجلسه، فيما تصدر قوائم العفو الرئاسية لتظهر الدولة بمظهر المتسامح مع المتجاوزين في حقها، وهي الصورة "الأبوية" نفسها التي كرّسها السادات في فاترينة الهوية المصرية.

لكن على الفرحة أن تكون حذرة أيضاً. فخروج الإسكندراني ليس تبرئة له من التهم الموجهة إليه، بل هو إفراج على ذمة القضية، أي أنه ما زال في انتظار الحكم الصادر بحقه، ويمكن أن يصدر الحكم بإدانته في كل الأحوال، ليعود مرة أخرى إلى السجن بتهمة مثبتة عليه. وكان الإسكندراني قد تقدم بأكثر من تظلم طوال العام الماضي، وقوبل بالرفض في كل مرة.

الفرح الحذر في الإفراج، يعود الى أن السياق العام لا يبشر بأي انفراج قريب. ومع ذلك، تبرز تخمينات كثيرة حول الدوافع وراء الاستمرار في توقيف الاسكندراني، وهي نفسها التي قيلت حين إلقاء القبض عليه، لا سيما ما واجهته به النيابة، وهو "إجراء عدد من الأبحاث عن أهالي سيناء"، وما تلاها من ردود على الاتهامات بأن كتاباته تتعلق بالأوضاع الاجتماعية في سيناء منذ 2011 لتقديم أهالي شبه جزيرة سيناء والمقيمين في وادي النيل بصورة غير المتداولة والتي تختزل سيناء في شرم الشيخ ومدن السياحة. وبعد العام 2011، بدأ الاسكندراني في كتابة عدد من الموضوعات التي تتعلق بالوضع الأمني في سيناء من دون تبني وجهة نظر الجيش أو الشرطة عن هذه الموضوعات.

فالتهمة الفعلية تصب في فكرة أنه كان باحثاً جيداً يعرف كيف يبحث وراء المعلومة، حتى وإن كانت في إطار المسكوت عنه. ما يعني ان التهمة الحقيقية التي واجهت الإسكندراني، هي تهمة "القيام بعمله" والالتزام بمهنيته.

خرج الإسكندراني بانتظار "الفرج النهائي" ببراءته من كونه "مهنياً".