"أمراء النحل" لا يصوّر قمع النظام للعلويين

رأفت الغانم
الأحد   2015/05/24
أنجز دلير يوسف ما بدأه الراحل باسل شحادة: شهادات تطرح الأسئلة بما يتخطى الحلول

يرقد طفل على سريره، ويقول إنه يحب النوم وأيام العُطل، لكن صوت قذيفة وقعت الى جانبه توقظه. بهذا المشهد، يبدأ فيلم "أمراء النحل" عشية الذكرى الثالثة لاستشهاد المخرج والناشط السوري باسل شحادة في حي الصفصافة بحمص. فقدد عرض النادي السينمائي السوري في باريس الفيلم الذي أخرجه شحادة في بدايات الثورة السورية، وأنجز أكثر من 90 في المئة من مقاطعه، قبل أن يكمله أحد أصدقائه وهو المخرج دلير يوسف.

والفيلم الذي تغيب عنه مجازر النظام بحق الناشطين، تغيب أيضاً منه لقطات تصور قمع النظام للمتظاهرين، خصوصاً أن بعضهم تحدث عن إعتصام ساحة الساعة بحمص، من دون أن تظهر الطريقة التي فرّق بها النظام ذلك الإعتصام. غير أن المخرج يوسف، أوضح في اجابة على سؤال "المدن" بأنه "كانت هناك فكرة بأن نضيف هكذا مشاهد، لكن مجازر النظام واضحة ولم تعد تخفى على أحد، والمهتم بمشاهدة الفيلم يعرف قمع النظام"، مؤكداً أن الشهادات في الفيلم "تطرح الأسئلة بما يتخطى الحلول". وقال: "شخصياً، لم أشاهد فيلماً يتحدث عن العلويين من دون قمع وضرب، وهو ما لم أضعه في الفيلم بحثاً عن حل، إذا كانت هناك من حلول".

في بداية العرض، تحدثت المخرجة السورية هالة محمد عن المخرج الراحل باسل، وكيف التقت به في المركز الثقافي الفرنسي بدمشق، لحضور أحد أفلامها قبل الثورة السورية. ثم تحدث مخرج الفيلم دلير يوسف عن علاقته الشخصية بباسل شحادة وعن نشاطات شحادة قبل الثورة السورية كأحد أعضاء الجمعية السورية للبيئة التي كانت تهتم بتنظيف الشوارع والأنهار، وكأول من زرع نبتة في الحديقة البيئية بدمشق، إضافة الى تنظيم شحادة أول مظاهرة أمام السفارة المصرية في دمشق تعاطفاً مع الثورة المصرية.

أعقب ذلك حديث لمجموعة من أصدقاء شحادة وما قام به أيضاً قبل الثورة كتعليمه للأطفال النازحين في المخيمات، وبأنه كان عضواً في الهلال الأحمر، ومتضامناً مع الأطفال المصابين بالسرطان.

والفيلم الذي عُرض هو عبارة عن شهادات لناشطين ينتمون الى الطائفة العلوية، ويتحدثون عن قمع النظام لهم ومحاولته تحويل الثورة الى صراع طائفي. وبين كل شهادة وأخرى، يكون هناك فاصل لمقطع من مظاهرة أو هتاف أو قسم بأن يبقى المتظاهرون أوفياء للثورة، لا تتنازعهم الدعاوى الطائفية، أو لقطة لمتظاهرين يحيون العلويين الذين شاركوهم بالمظاهرة.

الشباب الذي أدلى بشهاداته في الفيلم من الرجال والنساء، ظهر أنهم جميعاً من المنتمين للحراك الثوري، أما أبرزهم فهو شاب اقتادته مجموعة من عناصر النظام إلى حي موالٍ، تاركين للناس شتمه وضربه.

شهادة أخرى لشابة تحدثت عن مشاركتها باعتصام ساحة الساعة الشهيرة بحمص، والشائعات التي طاولتها بعد ذلك من أبناء الحي الذي تسكن به، وبأنها صعدت على أكتاف السلفيين وتسعى لتخريب البلد.

الصور جاءت معتمة. اما المتحدثون فقد غابت وجوههم. والحديث لم يبتعد كثيراً عن تجاربهم الشخصية، وبعضها لم يكن واضحاً. أما آخر الشهادات التي وردت في الفيلم، فكانت لشاب مجّد الثورة وضرورة إستمراها حتى إسقاط النظام، وقال انه لا مجال أبداً للتراجع، لينتهي الفيلم بعد نصف ساعة من بدء عرضه.

غابت الإشارة الى مجازر النظام، في حين أوردت إحدى الشهادات قضية مقتل نضال جنود، المنتمي للطائفة العلوية، في ساحة بانياس في بداية الثورة. وأوضح المخرج ان "الشباب كلهم ينتمون للطائفة العلوية، وهم الآن في الداخل وفي مناطق خاضعة لسيطرة النظام، ويعملون ضد النظام السوري حتى اللحظة".

غابت المشاهد الدرامية عن الفيلم، واكتفى معدوه بالشهادات، على اعتبار أن "باسل شحادة كان يرغب فقط بالشهادات وأنا أنجزت ما كان يريده"، كما يقول دلير.. ويبدو أن شحادة نفسه، كان اختار اسم الفيلم، كون "أمراء النحل" لا يبتعد كثيراً عن لقب "أمير النحل" لعلي بن أبي طالب، الشخصية الدينية الأشهر لدى الطائفة العلوية، والتي يدور الفيلم عن المعارضين للنظام من داخلها.