"أبو عزرائيل": "أسطورة" الميليشيات العراقية

نذير رضا
الإثنين   2015/03/16
تسبقه الأخبار التي تتحدث عن بأسه، شدته، فائض قوته

البحث عن "أسطورة" حربية في العراق، أنجتها الحرب على "داعش"، يقود تلقائياً الى "أبو عزرائيل". لقبه، قد يتخطى قدراته، كما تصور مقاطع الفيديو المتداولة بين مؤيديه.. لكنه إسم حَرَكي، بخلفية دينية، يبعث على الإعتقاد بأن هذا الرجل الضخم، الذي يحمل أحدث سلاح فردي أميركي، هو حامي الحمى، وقائد الحرب على "داعش"، وملهم مقاتلي "الحشد الشعبي".

الحرب العراقية التي اشتعلت منتصف العام الماضي، وأنتجت ميليشيات وقادة محاور، تحتاج سنوات طويلة لإدخالها في "السيستم" العسكري العراقي. كما سائر الحروب الأهلية، يصبح "القبضاي" زعيماً. تسبقه الأخبار التي تتحدث عن بأسه، شدته، فائض قوته، عزمه على تهميش العدو.. عادة ما تُستخدم في حرب نفسية، تنجح في تجهيل الرمز.. وتسقط عند الكشف عن وجهه. فالحرب اللبنانية، كانت ساحة لكثيرين من تلك الوجوه المجهّلة حسياً. وهو ما لا ينطبق على "أبو عزرائيل"، الذي بات بطلاً أسطورياً بنظر جمهوره، لدرجة إشهاره كمنقذ، وتكريسه كرمز في الحرب، عبر افتتاح صفحتي "فايسبوك" باسم محبيه (محبي ابو عزرائيل)، تهدفان الى تكريس بطولته.

وليس أبو عزرائيل، إلا حالة حربية مؤقتة، تنتجها ظروف الحرب الحالية في العراق، التي يصعب تنقيتها بعد نهاية الأزمة. لا يختلف "أبو عزرائيل" عن "رامبو طالبان" الذي أدهش وسائل الإعلام الغربية قبل سنوات، نظراً لقدرته على إطلاق النار من رشاشين متوسطتين يحملهما. تلك الوجوه تتكرر، بحثاً عن مقاتل أسطوري، يُردّ به على القتل من الجانب المقابل. بمعنى آخر، هو تعويض، بالصورة، لمخاطبة المؤيدين، ويُعاد إنتاج غيره، حين تنهيه الحرب.

بطول فارع، وجسم ضخم، يتحرك "أبو عزرائيل" بين المناطق العراقية. يطلق النار من سلاح متوسط، ويرمي، من بعيد، على الخصم، ببندقية يقل حجمها عن حجم ذراعه. شهرته، إكتسبها من عبارته الشهيرة التي دأب على تكرارها "أين تفرون؟.. إلا طحين"، في إشارة الى أنه لا تراجع حتى يصبح مقاتلي "داعش" طحيناً بالكامل.

وفي الجانب الشكلي، بدا أن شكله، وإسمه الحركي بخلفياته الدينية التي تحاكي ثقافة "العدو"، الى جانب اسم الكتيبة التي يتزعمها (كتائب الإمام علي)، عناصر ساهمت في أسطرة الرجل وتنصيبه على رأس قائمة المقاتلين الأشداء، الذين لا قيمة لهم في زمن الرصاص والمدفع وسلاح الجو. وفي هذا الزمن، يُسجل لمخترع الرصاص أنه إخترع أكثر ما يهين الإنسان، مفكراً كان أم بطلاً، نظراً الى صغر حجم آلة القتل تلك.

غير أن مقاطع الفيديو التي ينشرها "محبوه" في مواقع التواصل الإجتماعي، لا تشير الى إنجازات اسطورية حققها، أو أنه يتمتع بمهارات عسكرية خارقة. لا يعدو "أبو عزرائيل" كونه وجهاً أنتجته الحرب العراقية. ليس أكثر من شخص، يتمتع بجثة ضخمة، ويتزعم مجموعة عسكرية، ويطلق النار أمام العدسات التصوير. لكن إسمه الذي سبقه، مهّد له لقاء قادة عراقيين، يدعمون القوى الشعبية المقاتلة ضد "داعش". وعليه، يصبح الإيحاء بأنه "سوبرمان"، ينطوي على مبالغة تهدف الى خلق رجل من نار.

"أبو عزرائيل"، جزء من حرب دعائية تُكرّس رجلاً في معركة وتُنصِّبه إلهاً من تمر، يؤكل لحظة إنتاج التسويات.