سوريا: حرية التعبير في عهدة الدانماركيين

وليد بركسية
الأربعاء   2014/09/24
بات في وسع الجمهور الدانماركي، المساهمة بشكل مباشر في دعم وتمويل مجموعة من صحف الإعلام البديل في سوريا بعد الثورة، عبر حملة منظمة أطلقتها صحيفة "بوليتيكن" الدانماركية لثلاثة أسابيع، بقصد جمع التبرعات لمصلحة "الشبكة السورية للإعلام المطبوع"، دفاعاً عن حرية التعبير المتدهورة في البلاد.

 

تقوم فكرة الحملة على تعريف الجمهور الدانماركي بالصحافة السورية البديلة المطبوعة، من خلال "التعريف بالشبكة والصحف الداخلة فيها"، لحث الجمهور الدانماركي على المساهمة في دعم الصحف السورية المعارض من خلال "شراء نسخ افتراضية من النسخ الورقية التي توزع مجاناً في سوريا"، لمساعدة الصحف على الاستمرار، كما يوضح رئيس تحرير صحيفة "صدى الشام" عبسي سميسم لـ"المدن".

 

أتت الفكرة من اقتراح تقدمت به "بوليتيكن" بالتعاون مع منظمة "أي إم سي" الدانماركية المتخصصة في رعاية الإعلام البديل. "معظم المنظمات والصحف الأوروبية تتجه للتعاون مع تجمعات لمؤسسات صحافية ناشئة، أكثر من التوجه للتعاون مع صحف بشكل منفرد". هكذا يصف سميسم التجربة، مضيفاً: "أجرت بوليتيكن لقاءات مع كل صحيفة على حدة للتعريف بالصحف الخمسة المعارضة، كما اتفقت معها على نشر مواد عبر صفحاتها من تلك التي تنتجها هذه الصحف طوال فترة الحملة، إضافة الى نشر تقارير فيديو من كل صحيفة".

 

الحملة هي أولى ثمار التعاون بين الصحف المطبوعة المنضوية في اتحاد "الشبكة السورية للإعلام المطبوع"، والمكونة من خمسة صحف سورية معارضة تطبع في تركيا وتوزع في الداخل السوري ودول الجوار التي يتوزع فيها اللاجئون السوريون، والصحف هي: "عنب بلدي"، "سوريتنا"، "صدى الشام"، "تمدن" و"كلنا سوريون".

 

وذكرت الصحيفة الدانماركية في مقال  عبر موقعها الإلكتروني، أن الحملة تهدف للدفاع عن حرية التعبير في سوريا، حيث يتم الضغط على "المعارضة المعتدلة" من جانب النظام السوري و"داعش" على حد سواء، مشيرة إلى أن الناس العاديين في سوريا لا يملكون حق الوصول إلى المعلومات حيث تسيطر السياسة والدين على المعلومات المتدفقة عبر الإعلام، مشددة على كون الصحف الخمسة مهنية، ومتنوعة من الناحية الفكرية بشكل يعكس جوهر الديمقراطية.

 

"اشتر نسخة في سوريا" هو الشعار الأساسي الذي تروج له "بوليتيكن" بين قرائها في الدانمارك. تستمر الحملة طوال الأسابيع الثلاثة المقبلة بعد تحضيرات امتدت لشهر كامل شهد اجتماعات مع مندوبي "بوليتيكن" و"أي إم اس" والصحف الخمسة كما يوضح سميسم، علماً أنها ليست المبادرة الأولى التي تطلقها الصحيفة العريقة التي تحتفل بعيد ميلادها السبعين في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، إذ سبقتها قبل أشهر مبادرة لجمع التبرعات لقصد الإغاثة الإنسانية.

 

تندرج الحملة في إطار التعاونات المثمرة التي بدأت تظهر في الإعلام السوري البديل أخيراً. فبعد "ميثاق الشرف" الذي جمع الإذاعات السورية الناشئة في شباط / فبراير الماضي، وبعد التعاون الإذاعي في البث والإنتاج بين مختلف الإذاعات السورية، تبدو "الشبكة السورية للإعلام المطبوع" قادرة على القيام بدور مماثل بين الصحف الجديدة، لكن مهمتها تبدو أصعب في ظل النمو المتزايد لقطاع الصحافة الإلكترونية على حساب بقية وسائل الإعلام في سوريا اليوم.

 

ويرى سميسم أن الفكرة من الشبكة بالأصل تتمثل "بتوحيد الجهود بين وسائل الإعلام، وهي خطوة مهمة جداً في ظل أجواء عدم التنسيق بين معظم المؤسسات التي تعمل في الجانب المعارض للنظام"، مع طموح مشروع بأن تتطور الفكرة لتتجاوز مفهوم جمع المال والدعم نحو التأثير بشكل أكبر في بعض القضايا، "كالقيام بحملات إعلامية مشتركة وتشكيل لوبي اعلامي يستطيع الضغط بشكل اكبر على صناع القرار".

 

تهدف الشبكة السورية، وفق سميسم، إلى مجموعة من الأهداف بما يضمن "إستقلالية كل صحيفة"، وهي: "تبني ميثاق شرف أخلاقي، القيام بحملات اعلامية مشتركة في بعض القضايا التي تخدم الهدف العام، التنسيق في شأن الطباعة والتوزيع بما يوفر الجهد والمال، والعمل على تقديم مشاريع مشتركة لدى المنظمات لتمويل احتياجات الصحف".

 

وفي المستقبل القريب، تهدف الشبكة إلى توسيع نطاق عملها ليشمل صحف جديدة، وذلك بعد الانتهاء من صياغة نظام داخلي يعتمد من قبل مؤسسي الشبكة، وتعتبر خطة تطوير المواقع الإلكترونية لصحف الشبكة، وإنشاء موقع خاص بالشبكة، أبرز الخطط في المرحلة القادمة.

 

لن يحصل الدانماركيون على مقابل لتبرعاتهم، المواد المترجمة للدانماركية ستنشر عبر "بوليتكين" فحسب، الدانماركيون سيدفعون ثمن النسخ التي يقرأها السوريون في الداخل. "إنه ليس بالعمل الكبير لكن مساعدتكم أفضل من لا شيء"، هكذا ختمت "بوليتيكن" دعوتها القراء إلى التبرع، موجهة عبارة تضامن لطيفة مع "عشاق الصحافة الذين يعملون بشكل غير قانوني في الطرف الآخر من العالم".