القرم لـ"المدن": التجديد لـ"ليبان بوست" غير وارد ولدينا خيارات

باولا عطية
الثلاثاء   2023/05/02
للدولة أربعة موظفّين فعليين فقط يعملون بالبريد (الأرشيف)

بعد سقوط عقد الشركة الفائزة بمناقصة البريد (الائتلاف ما بين شركة ميريت انفست وColis Privé France المملوكة من مجموعة CMA CGM الفرنسية) التي أجريت يوم الخميس 30 آذار الماضي، بعد خضوعها للتدقيق، في هيئة الشراء العام، حين تبيّن أنّ عقد الشركة غير مطابق لدفتر الشروط ولا يحقق التوازن المالي (راجع المدن).. يتخوّف المراقبون من التجديد لشركة "ليبان بوست" مرّة جديدة، بعد أكثر من 23 عامّاً على احتكارها لقطاع البريد، وبشروط العقد القديمة نفسها المجحفة بحقّ الدولة اللبنانيّة، في حال لم تتمكّن وزارة الاتصالات من إجراء مناقصة جديدة قبل انتهاء مهلة التجديد الحكوميّ الأخير لشركة "ليبان بوست" في 31 أيار.

إدخال تعديلات على دفتر الشروط
وفي هذا الإطار تواصلت "المدن" مع وزير الاتصالات جوني القرم، الذي أكّد في حديث خاص أنّ "التجديد لشركة ليبان بوست غير وارد إطلاقاً". لافتا إلى "أنّنا أخذنا قراراً في مجلس الوزارء بالمضي بواحد من ثلاثة خيارات".

الخيار الأوّل، يقول القرم، يقضي بتعديل دفتر الشروط. "فعندما تجري الدولة أكثر من مناقصتين ولا ترسو أيّ مناقصة على شركة فائزة، هذا يعني أنّ هناك بعض التفاصيل التي تحتاج إلى تعديل في دفتر شروط المناقصة. ونحن سوف نعدّل بعض الشروط، على أن نحرص في الوقت ذاته على أن تتلاءم هذه الأخيرة وملاحظات ديوان المحاسبة. وقد شارفنا على إنهاء التعديلات، على أن يكون دفتر الشروط الجديد جاهزاً بالكامل يوم الثلاثاء، ليعرض على هيئة الشراء العام، ويأخذ موافقتها بعد أن تعرضه هذه الأخيرة على الخبراء"، لافتاً إلى "أننا قد نطالب هيئة الشراء العام المتمثّلة بشخص رئيسها جان العليّة، موافقة خطيّة على دفتر الشروط الجديد، منعاً لأي التباس في هذا الملفّ".

وتابع: "وبعد أخذ موافقة الهيئة، سوف نطلق مزايدة بعد 6 أسابيع، حين تكون الهيئة قد أخذت الوقت الكافي لمراجعة دفتر لشروط، والتأكّد من عدم مخالفته لملاحظات ديوان المحاسبة، أو أيّ قوانين مرعيّة".

تعريف Cost of good sold
وعن التعديلات التي قد تطرأ على دفتر الشروط، يكشف القرم أنّ "أبرز تعديل سيكون بتعريف معنى Cost of good sold التي وردت في دفتر الشروط السابق، (والذي ذكر في أحد بنوده أنّ الدولة ستأخذ نسبة من الإيرادات ناقص الـcost of good sold) والتي نتج عنها التباس كبير منع الشركة الفرنسيّة من أخذ المناقصة. فالمعنى الذي قصده دفتر الشروط كان "كلفة المواد المباعة". فيما لهذا المصطلح أكثر من تعريف. ففي مجال الصناعة تعني كلفة المواد الأوّليّة زائد كلفة اليد العاملة، أمّا في مجال التجارة فتعني كلفة البضاعة في بلد المنشأ زائد الشحن والتخليص والجمرك. فيما في قطاع الخدمات، وحسب تعريف أكبر 5 شركات لهذا المصطلح، تعني cost of good sold في قطاع البريد، كلفة السيارة زائد أجرة السائق والبنزين لتوصيل الطرد، وهذه الأكلاف تحسم من الكلفة الأصليّة وتعتبر مصاريف. أمّا عندما ذكرنا كوزارة هذا المصطلح لم نعنِ به المصاريف، بل فقط كلفة البضاعة المباعة. وعندما تقدّمت الشركة الفرنسيّة على المناقصة فهمت من دفتر الشروط أن النسبة التي يجب أن تدفعها الشركة للدولة تضمّن كلفة توصيل الطرد، ولذلك عرضت الشركة نسبة 15% أيّ بزيادة 5% على النسبة التي كانت قد وضعتها الدولة في دفتر شروطها. لأنّ الشركة كانت تريد خصم الكلفة من أرباحها وهو ما لم يتوافق مع دفتر الشروط".

وهذا التعديل بالاضافة إلى غيره من التعديلات الطفيفة"، برأي القرم، "سيشجع شركات كبيرة كأرامكس وغيرها للتقدّم إلى المناقصة".

قطاع البريد على طريق "ألفا" و"تاتش"؟
وفي حال فشل الخيار الأوّل، يجيب القرم "إذا فشلت المزايدة، كنت قد طلبت إذناً من مجلس الوزراء بانشاء شركة S.a.l على غرار شركتي ألفا وتاتش، لإدارة قطاع البريد في لبنان وبذلك يبقى المرفق بيد الدولة اللبنانيّة، التي بدورها تمتلك الأسهم في الشركة، ويشغّل القطاع بنظام ش. م .ل".

تسليم القطاع للدولة: لا مال ولا موظّفين
وعن المشاكل والانتقادات في حال اعتماد نموذج Mtc وAlfa، الذي أثبت فشله أجاب "هذا هو خيارنا الوحيد في حال فشل المناقصة، فخيارنا الثالث هو بتسليم القطاع بالكامل للدولة، حيث لا أمل بنجاحها بإدارة القطاع. فللدولة أربعة موظفّين فعليين يعملون بالبريد. وإذا أردنا توظيف عدد أكبر، فنحن مجبرون على إجراء مباريات لهؤلاء في مجلس الخدمة المدنيّة. ما سيوقّف عمل قطاع البريد لنحو عام على الأقلّ، حتى تتمّ عمليّا التوظيف. وإن تمكّنا من ذلك، من أين نؤمّن التمويل؟ فما من موازنة ملحوظة لهذا القطاع. وبالتالي، ستكون الموسّسة من دون موظفين ولا مال، لنعود ونعلق في الدوامّة ذاتها".

وبناء على ما تقدّم، يبقى الحلّ الأمثل لقطاع البريد، بأن ترسو المناقصة على شركة بعقد يحافظ على حقوق الدولة اللبنانيّة، كي لا تتكرّر تجربة "ألفا" وتاتش"، فنترحّم بذلك على أيّام شركة "ليبان بوست".