كارثة إضافية: تهريب واسع النطاق للخبز والطحين إلى سوريا

محمد علوش
الإثنين   2022/07/25
تجارة الخبز، بدأ يمتهنها لبنانيون وسوريون في البقاع (مصطفى جمال الدين)

يقف اللبنانيون وغير اللبنانيين في صفوف طويلة بشكل يومي للحصول على ربطة الخبز، وفي أحيان كثيرة لا يحصلون عليها لعدم توافر الطحين، فيستبدلونها بأي نوع من أنواع العجين، بغض النظر عن "لون" الخبز الذي يسد جوعهم. وأزمة الخبز عابرة للمناطق، بسبب ما يُقال بشكل رسمي بأنه نقص بالطحين، لكن حسب معلومات "المدن"، فإن للأزمة أسباب أخرى تتعلق بالتهريب.

تهريب الخبز والطحين ..
في وزارة الإقتصاد مافيا تعيث فساداً في كيفية مقاربة ملف القمح والطحين المدعوم، استفادت سابقاً قبل تقنين أموال الدعم، من تهريب القمح المدعوم إلى الخارج عبر تصدير القمح القاسي الذي يُزرع في لبنان، ومن تخصيص تجار معينين للتصدير حصراً مع شركة واحدة، تتبع لأحد موظفي الوزارة، وتستفيد اليوم من "توزيع" الطحين والبونات للمحظيين. لكن ليس هذا موضوعنا اليوم، بل التهريب عبر الحدود إلى سوريا، وتجارة الخبز.

تكشف مصادر بقاعية عبر "المدن" أن التهريب إلى سوريا ينقسم إلى قسمين. الأول، هو تهريب الخبز، والثاني هو تهريب الطحين وهو الأخطر والأكثر تأثيراً على لبنان. فبالنسبة إلى تهريب الخبز، تكشف المصادر أن الأمر يحصل بالتعاون مع المهربين التقليديين الذين يعملون بالتهريب منذ زمن، وأصحاب الأفران. إذ يحصل الأمر في الصباح الباكر حين يشتري المهرب من صاحب الفرن حوالى 500 أو 600 ربطة خبز، بسعر تقريبي للربطة يبلغ 16 ألف ليرة لبنانية، ويمكن أن يصل إلى 18 ألف ليرة، ليقوم المهرب بإدخالها الحدود السورية عبر المعابر المعروفة، النبي شيت–جنتا، القاع–الهرمل، الصويري–المصنع، أو راشيا.

هذا التهريب يضرّ أهالي البقاع والشمال بالتحديد كونهم يُحرمون من الخبز العربي لصالح التهريب، لكن تهريب الطحين المدعوم يطال بضرره كل اللبنانيين الذين يخسرون المال من أجل دعم لا يرونه. وهنا تُشير المصادر إلى أن هذا النوع من التهريب يحتاج إلى "المطاحن" التي تملك الطحين ومهربين كبار، أولاً بسبب الحاجة إلى شاحنات للنقل، وثانياً من أجل الحاجة إلى علاقات هؤلاء الأمنية التي تُتيح لهم التنقل بحرية على المعابر، والتي يصل عددها -حسب المصادر- إلى حوالى 6 معابر غير شرعية فقط قادرة على استقبال شاحنات، علماً أن أغلب المعابر غير الشرعية مخصصة للدراجات النارية والسير على الأقدام أو الحمير والبغال.

لم تنفع الحملة الأمنية الكبيرة التي بدأت عام 2018 بإقفال كل المعابر غير الشرعية، والتي قدّرها جهاز أمن الدولة يومها بـ136 معبراً، أغلبها للدراجات النارية، وتمكن الجيش اللبناني من إقفال عدد كبير منها، علماً أن بعض المعابر التي كانت تُقفل، سرعان ما تُفتح من جديد فور خروج الجيش من المنطقة.
وتكشف المصادر الأمنية أن الجيش الذي تمكن من منع تسلل ما يزيد عن 50 ألف سوري إلى لبنان خلال السنوات الست الماضية، وتمكن بمساعدة البريطانيين الذين شيدوا أبراج المراقبة من إقفال معابر غير شرعية وتوقيف عمليات تهريب، لا يستطيع لوحده تحمل هذه المسؤولية بسبب المساحة الموجودة من جهة، وقدراته البشرية واللوجستية من جهة ثانية، وضعف التنسيق بين لبنان سوريا. معتبرة أنه خلال الأزمة الاقتصادية أصبحت الأمور أصعب بكثير، وما يتم تهريبه أكثر بكثير. فبعد أن كان التهريب في السابق محصوراً بشكل أساسي بالألبسة والتبغ والخضار، أصبح اليوم يطال كل شيء.

تجارة الخبز والسوق السوداء
تتحدث المصادر البقاعية عن تجارة الخبز، والتي بدأ يمتهنها لبنانيون وسوريون في البقاع، تُشبه حد التطابق تجارة المحروقات، يوم كان البعض يقف في طوابير الانتظار للحصول على المحروقات من أجل إعادة بيعها في السوق السوداء.

وتُضيف المصادر: "يقضي هؤلاء أيامهم في الانتظار في طوابير الخبز أمام الأفران، وهم عادة لا يعملون بشكل منفرد، بل يجمعون أنفسهم ليشكلوا عصابة، يحصلون على حصة الفرد من الخبز ويبيعونه من جديد بسعر مختلف بعد انتهاء الكميات من الأفران، فيصل سعر الربطة إلى 25 ألف ليرة، وأحياناً إلى 30 ألف ليرة".
تقول المصادر إن "المال السايب يعلّم الناس الحرام"، ما يعني أنه بغياب الرقابة يُصبح كل شيء مباحاً، فكيف إذا كان الأمر متعلقاً بمنطقة يغيب فيها الأمن، وتسيطر عليها عصابات التهريب؟