لبنان "الرخيص" يجذب العرب والمغتربين في الأعياد

بلقيس عبد الرضا
الأربعاء   2022/05/04
حركة سياحية لا تحقق الأرباح بل تقلص الخسائر (Getty)
للمرة الثانية خلال فترة بسيطة، تزور حنين الريحاني وزوجها لبنان لتمضية عطلة عيد الفطر. ريحاني من الجنسية الأردنية مقيمة في إحدى الدول الخليجية. لم تسنح لها فرصة زيارة لبنان من قبل. تقول لـ"المدن": "لطالما كانت زيارة لبنان بالنسبة لي حلماً، إلا أن ارتفاع تكاليف السفر حالت دون ذلك". تضيف "في الفترة الماضية، سنحت لي الظروف أن أزور لبنان برفقة عائلتي، مستفيدة من انخفاض الأسعار". وحسب ريحاني لا تتخطى تكاليف إجازة عيد الفطر، من دون احتساب بطاقة السفر، 700 دولار، وهي تكلفة مناسبة بالنسبة لها، وتضاهي وجهات سياحية مختلفة، مثل جورجيا، أرمينيا، وأذربيجان. وهي وجهات يقصدها المقيمون في دول الخليج باستمرار.

تعتمد ريحاني في إقامتها على الفنادق المتوسطة، التي تتراوح تكلفة الليلة الواحدة فيها نحو 50 دولاراً، وهو سعر منخفض مقارنة مع أسعار المنتجعات أو الفنادق في الخليج، حيث تبدأ أسعار الليلة الواحدة من 150 دولار وتصل لأكثر من 3000 دولار.

فرصة جيدة
لطالما شكلت الأعياد فرصة لانتعاش القطاع السياحي في لبنان. وعادة، يشكل المغتربون النسبة الأكبر من السياح بعد غياب السائح الخليجي. ولكن العديد من العوامل طرأت على الخريطة السياحية في الفترة الماضية، وبات لبنان وعلى الرغم من الظروف السياسية الحالية وجهة شريحة من مقيمي الدول الخليجية.

خلال عطلة عيد الفصح، زار لبنان نحو 12 ألف شخص، وحسب أرقام مطار رفيق الحريري الدولي، حققت حركة المطار ارتفاعاً خلال الأشهر الأولى من العام، اذ ارتفع عدد المسافرين من لبنان وإليه بنسبة 131 بالمئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتوقع  نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود أن تكون نسبة التشغيل خلال عطلة عيد الفطر مماثلة للحركة التشغيل خلال عيد الفصح، أو حتى أكثر نسبياً، على اعتبار أن جميع الدول العربية ملتزمة نسبياً بإجازة عيد الفطر.

ارتفاع الحجوزات
يتوقع نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، أن تكون نسبة الإشغال الفندقي في لبنان مرتفعة خلال هذه الفترة، خصوصاً في المناطق البعيدة نسبياً من العاصمة، وتحديداً في أماكن التزلج، حيث يمكن الاستفادة من موسم الثلوج. ووفق الأشقر، تستفيد مراكز الفنادق في المناطق الجبلية من فرصة عيد الفطر، مع قدوم العديد من السياح من دول عربية، بمن فيهم العراقيون والمصريون، إضافة إلى عرب وأجانب من مقيمي الدول الخليجية. وهي فرصة لتعويض جزء من الخسائر.

يتوقع الأشقر في حديثه لـ"المدن" أن تكون نسبة التشغيل في الفنادق متفاوتة بين بيروت والجبل. ففي العاصمة قد تصل إلى ما يقارب 40 و50 في المئة، وفي المناطق الجبلية ترتفع أكثر. ورغم زيادة الإشغال الفندقي، لا تزال النسبة منخفضة مقارنة مع السنوات الماضية، خصوصاً قبل العام 2019، كما أنها ليست كافية للحديث عن أرباح مالية يحققها أصحاب الفنادق. ويعزو السبب في ذلك إلى ارتفاع التكلفة التشغيلية، التي يتم احتسابها  بالدولار، خصوصاً مادة المازوت، التي ارتفعت كلفتها وتتراوح ما بين 15 ألف دولار و20 ألف دولار للفنادق المتوسطة شهرياً. أما الفنادق الكبيرة فترتفع كلفة المازوت فيها إلى أكثر من 60 ألف دولار.

لا ينفي عدنان مطر مدير مكتب "النجمة البيضاء" للسياحة والسفر، أن الفترة الماضية شهدت تحسناً في نسبة الحجوزات، سواء لناحية حجز الفنادق، أو سيارات الإيجار من الجنسيات العربية، التي تستفيد من انخفاض سعر العملة، وتحسن الطقس نسبياً. ويقول لـ"المدن" إن معدل الإشغال في مكتبه زاد بنسبة 30 في المئة، مقارنة مع عطلة عيد رأس السنة. ويعزو ذلك إلى أسباب سياسية، إذ انعكست أجواء المصالحة الخليجية إيجاباً على القطاع السياحي، وإن كانت النسب خجولة.

الملاهي والمطاعم 
تستفيد المطاعم والملاهي بنسبة كبيرة من إقبال العرب إلى لبنان، خصوصاً أن الأسعار مقبولة جداً بالنسبة إليهم. ويشير حسين جميل كسيرة عضو لجنة الملاهي الليلية، إلى أن نسبة الحجوزات تراوحت ما بين بنسبة 60 و80 في المئة في بيروت والمناطق، وهي نسبة مقبولة وقادرة على تشغيل القطاع، خصوصاً أن الحركة خلال شهر رمضان لم تكن مرتفعة جداً.

ويقول كسيرة لـ"المدن": "صحيح أن الأسعار ارتفعت في السنوات الماضية، وتحديداً منذ عام، بسبب ارتفاع التكلفة التشغيلية، ولكن بالنسبة إلى المغتربين والعرب لا تزال مقبولة، ولو تم احتساب التكلفة على الدولار، نرى أنها انخفضت بمعدل 50 في المئة عن ما كانت عليه سابقاً".

مع ذلك، يعترف كسيرة، أن القطاع لا يزال يعاني من مشاكل، أبرزها ارتفاع تكلفة الخدمات، بسبب أسعار الوقود، وغياب العديد من السلع من الأسواق اللبنانية التي يعتمد عليها أصحاب المطاعم والملاهي، كأنواع معينة من المأكولات والمشروبات التي يتم استيرادها من الخارج. ويأمل كسيرة أن يحمل موسم الصيف بارقة أمل للقطاع، وأن يستفيد بشكل أكبر من السياح العرب، خصوصاً المقيمين في الدول الخليجية.

تبقى الأوضاع السياسية المقبلة، حسب المعنيين في القطاع السياحي، المحرك الرئيسي لاستقطاب الزوار، وتعويض جزء من الخسائر، خصوصاً مع اقتراب فصل الصيف.