المازوت يُباع بالدولار حصراً.. والتسعير على "مزاج" الشركات

عزة الحاج حسن
الثلاثاء   2021/09/21
خرج المازوت من يد الدولة وبات رهن استيراد وتنظيم وتسعير الشركات المستوردة (علي علّوش)
منذ أن أصدرت المديرية العامة للنفط قراراً بتحديد سعر مبيع المازوت بـ549 دولاراً للطن الواحد بأرضه، بعد تحرير استيراده، حتى تحوّل سوق المازوت إلى ما يشبه أسواق الخضار. كل مستورد يبيع بالسعر الذي يناسبه، وكل تاجر يشتري بضاعته بدولار يختلف سعر صرفه عن الآخر. فلا راعي للسوق ولا ناظم له، وحدها الفوضى تحكم عمليات التسعير والبيع. فكم يبلغ سعر مبيع طن المازوت؟ وكيف يتم تسعيره؟ وهل بات بمتناول الجميع؟

سعر طن المازوت
حين قررت وزارة الطاقة والمياه بيع المازوت بالدولار وبسعر 549 دولار للطن الواحد، كانت تستهدف تسعير المازوت بأرض منشآت النفط فقط، وعندما استتبعت الوزارة قرارها بتغييب تسعيرة المازوت عن جدول تركيب الأسعار الصادر عنها أسبوعياً، فإنها بذلك تكون قد سحبت يدها كلياً من ملف المازوت في لبنان.

ما يعني أن المازوت خرج من يد الدولة وبات رهن استيراد وتنظيم وتسعير الشركات المستوردة. ما يحصل اليوم أن منشآت النفط تستحوذ على حصة من المازوت المستورد تتراوح بين 30 في المئة إلى 40 في المئة بالحد الأقصى من حجم السوق. وهي تبيع المازوت بالسعر الرسمي أي 549 دولاراً للطن الواحد. وإذا ما أضيف إلى سعر الطن رسم التوزيع ونسبة الأرباح لمحطة المحروقات، فمن المرجّح أن يصل سعر الطن إلى ما لا يزيد عن 600 دولار.

أما الشركات المستوردة للنفط، فتسعّر المازوت في أرضها بأسعار تتراوح بين 610 دولار و700 دولار، وتتجاوز هذا السعر أحياناً. ما يحتّم على الموزع ومن بعده على محطة المحروقات تسعير طن المازوت بأسعار تفوق تلك المحدّدة من قبل الشركة المستوردة.

وحسب مصدر من تجمع الشركات المستوردة فإنها تسعّر طن المازوت المستورد في أرضه بما يتناسب وسعر صرف الدولار الذي اشترته من السوق بغية استيراد المحروقات. وهي -حسب المصدر- غير ملزمة بالتسعير وفق تسعيرة المازوت في أرض منشآت النفط. لكن ما تبرير الاختلاف الشاسع بين تسعير المازوت بأرض المنشآت وبأرض الشركات؟ من يضمن التسعير وفق سعر صرف الدولار، ومن يحدّد نسبة أرباح الشركات من بيع المازوت، ومن يحدّد نسبة أرباح الموزعين والمحطات حسب سعر البضائع المسلّمة من الشركات؟ كل تلك الأسئلة جوابها واحد، هو أن لا أحد يراقب كل هذه الأمور.

فالشركة المستوردة للمازوت تسعر الطن "على مزاجها" حرفياً. فلا ناظم ولا ضابط لها فيما لو قررت أن تضع هامشاً عالياً من الأرباح. وذريعتها جاهزة، وهي ارتباط استيرادها بسعر صرف الدولار في السوق السوداء. لذلك نشهد أسعاراً مختلفة لطن المازوت في الأسواق والفوارق فيما بينها كبيرة.

كيف يُباع المازوت
تشتري محطات المحروقات المازوت من الشركات المستوردة بالدولار الأميركي نقداً وتسعّره بما يتناسب وسعر الشراء مع حفظ هامش الربح للمحطة، "فلا سعر واضحاً للمازوت اليوم وكل محطة تسعّر طن المازوت حسب ثمن شرائها للمادة". يقول عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس في حديث إلى "المدن": نحن كمحطات نشتري المازوت بالدولار من الشركات المستوردة. ونأتي بالدولارات من السوق، نضعها في حساباتنا المصرفية كفريش دولار. يحسم المصرف منها عمولته التي تتراوح بين 1 و2 في المئة حسب كل مصرف، ثم يتم تحويلها إلى الشركات المستوردة.

أما المحطات، فتبيع بدورها المازوت بالدولار حصراً، "ونظراً لعدم تحديد سعر صفيحة المازوت من قبل وزارة الطاقة، فلا يمكن للمحطات بيع المازوت للأفراد أي بالصفيحة (20 ليتراً). كما لا يمكنها بيعه على المحطات لتعبئة خزانات آليات السير، بل تبيعه عبر الصهاريج فقط، وبالأطنان، يقول البراكس.

إذاً ما هو سعر صفيحة المازوت؟ لا سعر محدّداً لها بكل بساطة. فسعر الطن من المازوت يختلف بين محطة وأخرى على اختلاف أسعار المازوت بين الشركات المستوردة. ويتراوح سعر الصفيحة الواحدة بين 12.2 دولاراً و14 دولاراً أما الثابت الوحيد فهو بيع المازوت بالدولار حصراً حتى من قبل المحطات.

بالنسبة إلى حاجة السوق من المازوت، وهنا نتحدث عن المازوت المستورد عبر شركات استيراد النفط وليس عن المازوت الإيراني المستورد عبر قنوات حزب الله، فإنه يُباع عبر الصهاريج للمؤسسات والشركات والمولدات، ولا حائل دون بيعه للأفراد بداعي التدفئة. لكن لا يمكن للشخص العادي تعبئة المازوت من المحطة، بل إنه مضطر لشراء المازوت من المحطات عبر صهاريجها، وبما لا يقل عن نصف طن (500 ليتر). أما الدفع فيتم بالدولار حصراً. وكما ذكرنا سابقاً، يختلف سعر طن المازوت بين محطة وأخرى.

هذه الفوضى قد يحد منها بعض الشيء مشروع توزيع المازوت الإيراني، خصوصاً أن توزيعه للأفراد سيبدأ مطلع تشرين الأول. لكن مهما تكثفت شحنات المازوت الإيراني فإنه يستحيل عليها تغطية حاجة السوق بكاملها، لاسيما مع ارتفاع حجم الطلب على المازوت تزامناً مع موسم الشتاء.