هل ينجح "المركزي" بلجم المصارف عن استغلال التعميم 158؟

عزة الحاج حسن
الإثنين   2021/07/26
لا يغير بيان مصرف لبنان أياً من ممارسات المصارف (علي علّوش)
للمرة الثالثة يُصدر مصرف لبنان توضيحات حول تطبيق التعميم 158، ليس لصعوبة فهم آلية تطبيق التعميم، إنما للحد من "بلطجة" المصارف التي تمارسها تجاه مودعيها تحت سقف التعميم. فالمصارف لم تتردد لحظة بالإنقضاض على أموال المودعين، التي تحتجزها من دون أي مسوّغ قانوني، متذرعة بالتعميم 158 الذي يتيح للمودعين سحب 400 دولار نقداً بصورة شهرية و400 دولار بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف منصة Sayrafa، نصفها نقداً ونصفها الآخر عبر بطاقة مصرفية.

مصرف لبنان بتوضيحه اليوم (المستند المرفق) يستهدف من ناحية الشكل لجم المصارف عن ممارساتها المجحفة بحق المودعين، والتي أوردتها "المدن" بأكثر من تقرير، لكن في حقيقة الأمر قد لا يغير هذا البيان أياً من ممارسات المصارف. فمصرف لبنان يؤكد المؤكد لجهة عدم إلزام المودع بأي التزامات أو تعهدات تجاه المصرف. لكن ما لم تلتزم المصارف منذ بداية تطبيقها للتعميم كيف لها أن تلتزم اليوم؟ أضف إلى أن البنود الواردة في بيان مصرف لبنان التوضيحي، تفتح جميعها الباب على إشكالات وتجاوزات لا تعفي المودعين من تكبدهم خسارة المزيد من أموالهم.

توحيد نموذج 158
طلب مصرف لبنان من المصارف وبشكل واضح اعتماد نموذج موحد لاستفادة العملاء من التعميم 158، فكل مصرف اليوم "يفصّل" مستنداً أو تعهّداً على قياسه، يُلزم المودع على توقيعه كشرط للإستفادة من التعميم 158، وبموجب تلك التعهدات ابتدعت المصارف ما لا يخطر بالبال. ووصلت ببعضها الوقاحة إلى الفرض على المودع توقيع إبراء ذمة للمصرف عن أمواله المودعة لديها، وإسقاط حقه بالمطالبة بها لاحقاً أو بمقاضاتها.

وقد أرفق مصرف لبنان ببيانه نموذجاً (موحداً) لرفع السرية المصرفية والذي يقتضي أن يوقعه صاحب الحساب الخاص المتفرع أي المودع الراغب بالإستفادة من التعميم 158، من دون أن يقوم المصرف المعني بفرض أي التزامات أو شروط أو تعهدات أو إجراءات غير منصوص عليها في القرار المذكور بغية إفادة عملائه من أحكام التعميم.

وبذلك، تكون قد سقطت كافة المستندات والتعهدات التي فرضتها وتفرضها المصارف على المودعين. وبالتالي، على كل مودع قام في وقت سابق بالتوقيع على أي مستند أو تعهّد تجاه المصرف بغية الاستفادة من التعميم 158 يمكنه اليوم مطالبة المصرف بالتراجع عن تعهده والإلتزام بالتوقيع على المستند الموحد المفروض من مصرف لبنان فقط.

إشكالات وثغرات
لا يخلو بيان مصرف لبنان من الإشكالات والثغرات، وإن كان يُراد منه في جانب من الجوانب توحيد تعامل المصارف مع التعميم 158. ففي إحدى فقرات البيان، يعترف مصرف لبنان ضمناً بجواز سرقة المصارف رواتب الموظفين. ووفق نص البيان يقول مصرف لبنان أنه يمكن للموظفين والأجراء الذين يتلقون رواتبهم بالدولار الأميركي الاستفادة من أحكام التعميم 151 لسحب رواتبهم فقط، من دون أن يحرمهم ذلك من حق الاستفادة من أحكام التعميم 158، وبذلك يعترف مصرف لبنان صراحة بأن رواتب الموظفين المحوّلة بالدولار يتم صرفها وفق سعر صرف 3900 ليرة، أي باقتطاع أكثر من 85 في المئة من قيمتها.

وحسب المحامية في رابطة المودعين، دينا أبو زور، في حديث إلى "المدن"، فإن مصرف لبنان أجاز بموجب بيانه المذكور للموظفين الاستفادة من التعميمين 151 و158. وهو بذلك أكد بشكل أو بآخر على صرف رواتب الموظفين المحوّلة بالدولار وفق سعر صرف 3900 ليرة. مؤكدة أن العديد من المصارف تعمد إلى صرف نصف رواتب الموظفين وفق سعر صرف 3900 ليرة للدولار ونصفها الآخر وفق 1515 ليرة للدولار. فالمصارف -كما مصرف لبنان- تمارس كافة الأساليب المجحفة بحق المودعين.

وحسب البيان، يتم التنزيل من حسابات المودعين المستفيدين من التعميم 158 قيمة السحوبات بالعملات الأجنبية Banknotes والتحاويل إلى الخارج، بما فيها للطلاب، والتحاويل المحلية المنفذة عبر مراسل في الخارج، والمبالغ المستعملة في الخارج بواسطة البطاقات المصرفية، بعد تاريخ 31 تشرين الاول 2019 ،عندما تكون من غير الأموال الجديدة. كما يتم تنزيل قيمة الجزء من حسابات "صاحب الحساب" المدينة بالعملات الأجنبية لدى المصرف المعني التي يتم وسيتم سدادها بالليرة اللبنانية.

وليس تنزيل تحويلات الطلاب إلى الخارج من الحسابات بأقل ظلماً من حرمان أصحاب الحسابات التي يتم إيداع شيكات فيها من الاستفادة من التعميم 158. فمصرف لبنان لم يحسم هذا الأمر. والمصارف تُسقط حق الاستفادة من التعميم 158 لصاحب كل حساب يودع فيه الشيكات. علماً أن من السهل احتساب رصيد المودع في التاريخ المحدد نهاية تشرين الأول 2019 ودراسة حركة الشيكات لديه.