مياومو "الضمان" بطرابلس إلى الشارع: ثلاث سنوات بلا رواتب

جنى الدهيبي
الأربعاء   2021/06/09
قضية المياومين تعيقها حسابات طائفية-سياسية (الأرشيف)

عادت قضية مياومي مركز الضمان الاجتماعي في طرابلس إلى التفاعل مجددًا، بعد مرور نحو 3 سنوات ونصف السنة من العمل، من دون تقاضي رواتبهم، التي تقدر يومياً بـ30 ألف ليرة لكل مياوم (أي ما يوازي 2 دولار حالياً). 

اعتصام ونقابات
قبل نحو 5 سنوات، صدر قرار عن مدير المركز، محمد زكي، سمي بالإنجاز. وأفضى حينها إلى التعاقد مع 13 موظفًا لحلّ مشكلة قلّة عدد الموظفين، الذين يخدمون نحو 50 ألف مضمون و150 ألف مستفيد. إلا أنّ هؤلاء المياومين، تفاجأوا بهدر حقوقهم كاملة، رغم حقهم بالتثبيت الوظيفي، ولم توقّع إدارة الضمان على أيّ عقد معهم، رغم أنهم ساهموا بالحد من مشكلة تراكم معاملات المواطنين.  

ومن بين هؤلاء، لم يبق سوى ستة مياومين، يقامون لنيل حقهم، بعد أن ثابروا على الالتزام بدوامهم و"واجباتهم" الوظيفية، من السابعة صباحًا حتى الثالثة ظهرًا، بينما غادر البقية عملهم تدريجيًا، بعد أن وجدوا فرص عمل بديلة سواء داخل لبنان أو خارجه.  

وصباح الأربعاء 9 حزيران، نفذ هؤلاء المياومون اعتصاماً لتصعيد خطواتهم، أمام مركز الضمان في مدينة الميناء، وحضره ممثلون نقابيون والنائبان علي درويش ووليد البعريني، بدعوة من اتحادات النقل البري في الشمال، ونقابة السائقين العموميين، ولجنة سائقي الباصات، ونقابات وفعاليات ناشطة من طرابلس.  

وعلى إثر الاعتصام الذي عبّر فيه المياومون عن معاناتهم الشديدة، تحت وطأة الانهيار الاقتصادي في البلاد، وحرمانهم من أدنى مقومات العيش الكريم، يشكو المياوم محمد السيد (26 عاماً) معاناته لـ"المدن"، وهو شاب نال شهادته المهنية التي لم تسعفه لتأمين عمل لائق، ويضطر للعمل بعد دوامه في ظروف صعبة، لتأمين بعض متطلبات قوته اليومي، ويعتبر أنه مع رفاقه من حملة الشهادات يعيشون وسط انتهاك مستمر لحقوقهم.    

وقال: "مرّ أكثر من 3 سنوات على نيل الوعود من السياسيين والاتحادات النقابية على أمل استحصال حقنا الطبيعي بتقاضي رواتبنا، من دون جدوى، بل كانت وعوداً فارغة، فوجدنا أنفسنا متروكين لمصير مجهول". وأوضح أن بقاءهم بالضمان سيستمر "لأن لهم حق داخله، ولو توفر بديل عنه لما بقينا يومًا واحد، بسبب عدم تقدير جهودنا. وقبل 5 سنوات بدأنا عملنا، وبقينا نحو عام ونصف عام نعمل من دون بدل نقل أو الحصول على ورقة ضمان، إلى أن انقطعت رواتبنا بشكل كامل".  

الاعتبارات الطائفية
وأفادت مصادر رسمية بالضمان لـ"المدن"، أن قضية المياومين تعيقها حسابات طائفية-سياسية، إذ يرفض مجلس إدارة الضمان المركزي البت بقضيتهم المحقة، بحجة أن تثبيتهم واعطاءهم حقوقهم يخل بالتوازن الطائفي لعمليات التوظيف بين مختلف مراكز الضمان في لبنان، إلى جانب الأزمات المالية التي يعاني منها  الضمان. وهو ما تبين مؤخراً بالتعميم الداخلي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والذي تحدث عن وجوب حصر التغطية التي يؤمنها بالحالات الطبية الطارئة فقط، بعد أن أصبح المرضى اللبنانيون ملزمين بدفع فوارق كبيرة مع اعتماد معظم المستشفيات تسعيرة الدولار الواحد مقابل 3900 ليرة لبنانية، وبقاء الصندوق على التسعيرة الرسمية أي 1500 ليرة للدولار الواحد.  

تدمير المؤسسات
من جهته، نقل رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، عن المدير العام  محمد كركي، استعداده لرفع قضية المياومين إلى مجلس الإدارة للبت به، من دون إيضاح آلية ذلك.  

وخلال مواكبته لاعتصام المياومين، يتساءل نقيب السائقين العموميين في الشمال شادي السيد عن العدل في قضية المياومين، بينما فرع الضمان في طرابلس يحتاج لعدد إضافي من الموظفين لرفع مستوى الخدمة في ظل الضغوط الكبيرة.  

وقال لـ"المدن": "يبدو أن ثمة نية بتدمير المؤسسات الرسمية في لبنان، وتحديداً في طرابلس بعد أن جرى تسييسها وتطييفها، ولا يعقل أن يواظب المياومون على تخليص معاملات المواطنين، فيما فهم محرومون من تقاضي أجورهم الزهيدة، كما لا يتمتعون بحقهم في الدخول إلى المستشفى على حساب الضمان"، ويتساءل "إلى أين ذاهبون إذا استمر انهيار مؤسسات الدولة واحدة تلو الأخرى؟".