غرف التجارة السعودية تقاطع لبنان: المزيد من الضربات آتٍ

خضر حسان
السبت   2021/11/06
تأزيم الموقف مع لبنان سيوقف الإستيراد والتصدير مع السعودية (Getty)
وصلت العلاقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية ومن خلفها الإمارات العربية والبحرين، إلى حائط مسدود لم يعد ينفع معها الترقيع، بل الحل المتكامل على المستوى السياسي أولاً وأخيراً. وحتى محاولات القطاع الاقتصادي اللبناني تذكير دول الخليج بأن أهل القطاع الاقتصادي لا يوافقون على ما يُطرَح بالسياسة، باءت بالفشل، إذ مَضَت دول الخليج برسم حدود جديدة للعلاقة مع لبنان. إلاّ أن السعودية، آثرت التصعيد الاقتصادي هذه المرة، عبر إعلان غرف التجارة السعودية مقاطعة القطاع الاقتصادي اللبناني. وهذا ينقل لبنان إلى مستويات أخطر.

سقوط النأي بالنفس
مع اشتعال الموقف السعودي إثر تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، حاول رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، إعلان نأي القطاعات الاقتصادية عن الموقف السياسي الذي أطلقه قرداحي، وتالياً الطلب الضمني من السعودية تحييد القطاعات الاقتصادية. وإذ لم يؤتِ النأي ثماره، صعَّدَ شقير متّخذاً موقفاً مسانداً للسعودية، معلناً طرح الهيئات الاقتصادية للإضراب العام "في حال لم تحل الأزمة خلال الأيام المقبلة".
وبفعل تأزم الوضع، كشف الصناعيون اللبنانيون عن تفكيرهم بنقل استثماراتهم خارج لبنان، وهو ما عبّر عنه نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش.
النأي بالنفس والمساندة اللاحقة، لم تثنِ رئيس اتحاد الغرف السعودية عجلان العجلان، عن تنفيذ ما طالب به منذ يومين، من ضرورة مقاطعة لبنان اقتصادياً. فقد أعلن أن "جميع الشركات الوطنية (السعودية) أوقفت كل تعاملاتها مع الشركات اللبنانية". موضحاً أن هذا القرار ينعكس على الاستثمارات السعودية في لبنان أيضاً، وعلى "جميع المستويات، الاقتصادية والتجارية وكذلك الاستثمارية". وهذا الشمول في القرار ينطلق من عدم منطقية استمرار "التعاطي من قبل الحكومة اللبنانية، من تشجيع للأعمال الإرهابية، وإغراق السوق السعودية بالمخدرات، رغم أن الحكومة السعودية تعاونت مع الجهات المعنية في لبنان لوقف هذه الأعمال، حفاظاً على مصالح الشعب اللبناني".

قرارات متوقّعة
لم يكن قرار الغرف السعودية مفاجئاً لغرفة تجارة بيروت. إذ أن "الوضع متأزم جداً مع المملكة. وكل ما يمكن أن يصدر من قرارات لاحقة، سيكون متوقّعاً"، على حد تعبير رئيس لجنة التجارة في الغرفة، جاك الحكيم، الذي يشير في حديث لـ"المدن"، إلى أن "القرارات السعودية بدأت تدريجية، وصولاً إلى حد المقاطعة اليوم، فيما نحن لا يمكننا الوقوف في وجه هذه القرارات، رغم تأثّرنا بها، فهناك على الأقل 250 مليون دولار يصدّرها لبنان إلى السعودية، وهذه توقّفت، ونحاول اليوم الحفاظ على مصالح اللبنانيين العاملين في السعودية والخليج، وكذلك ضمان استمرار التحويلات الدولارية إلى لبنان لأنها المصدر الأساسي للدولار النقدي".
ويخلص الحكيم إلى أن "ما يهمّنا كغرفة وكاقتصاد، هو إيجاد حل متكامل، يبدأ من السياسة، لأن المشكلة في الأصل سياسية". وذكّر الحكيم أن "العلاقات بين الغرفتين اللبنانية والسعودية كانت جيدة في الأصل، وهناك مشروع علاقات أخوية وتواصل دائم، لكن قرارهم اليوم كبير".

من غير المعروف إلى أين يمكن أن تصل ردود الفعل السعودية بوجه خاص والخليجية بوجه عام. وإن كانت القرارات المستقبلية متوقّعة، إلاّ أن اتّخاذها رسمياً يُحدث صدمة على المستوى الاقتصادي والنقدي، لا يقوى لبنان على معالجة تداعياته. وأولى التداعيات هي عرقلة التصدير وبالتالي تكديس الإنتاج وانهيار أسعار المنتجات، وبالتالي ترتيب خسائر على المنتجين، ومن جهة أخرى، تسجيل الليرة المزيد من الانهيارات المتسارعة أمام الدولار.