ما مصير الهبات الدولية من المستلزمات الطبية؟

عزة الحاج حسن
الثلاثاء   2020/08/11
في عز أزمة المستلزمات الطبية جاء الانفجار وأغرق المستشفيات بالجرحى والمرضى (علي علّوش)
بعد أكثر من 4 أشهر من المماطلة من قبل مصرف لبنان والمصارف، لفتح اعتمادات مالية لاستيراد مواد ومستلزمات طبية، وعقب أشهر من التجاهل والتعامي من قبل الحكومة (المستقيلة حالياً) لمناشدات المستشفيات، للتحرك قبل نفاذ المستلزمات الطبية، مع توقفها مؤخراً عن استقبال معظم الحالات الاستشفائية، مستثنية مرضى السرطان وغسيل الكلى والحالات الحرجة... وصلت شحنات المستلزمات الطبية البالغة قيمتها مئات آلاف الدولارات. وقبل إخراجها من مرفأ بيروت، وقع الإنفجار المزلزل في 4 آب ذهب ضحيته مئات القتلى وآلاف الجرحى، واحتُجزت بطبيعة الحال البضائع في ما تبقى من المرفأ.

وإلى حين تبيان مصير شحنات المستلزمات الطبية، المتعلّق بسير عمليات رفع الأنقاض، والكشف على محتويات البضاعة المُتواجدة في محطة الحاويات، لتبيان مدى صحتها، تتعاظم أزمة شح المستلزمات الطبية، لاسيما بعد نفاذها من بعض المستشفيات، خصوصاً بعد أن تم استخدام ما تبقى منها في عمليات إسعاف جرحى الانفجار، البالغ أكثر من 6000 جريح. حتى أن غالبية المستشفيات اضطرت بعد الانفجار، ونتيجة الضغط الذي تعرّضت له وفق مصدر، إلى استخدام العديد من المستلزمات الطبية لأكثر من مرة ولعدة مصابين ومرضى، بعد تعقيمها.. بدلاّ من تلفها. وذلك بسبب النقص الحاد بالمستلزمات الطبية.

لكن ماذا عن المساعدات التي وصلت بالأطنان من دول العالم؟ ألم تصل المساعدات إلى المستشفيات؟ ومن يتولى عمليات التسلم والفرز والتوزيع؟ ووفق أي معايير؟

البضاعة سليمة ولكن..
تؤكد رئيسة تجمّع مُستوردي المُستلزمات الطبية، سلمى عاصي، في حديث إلى "المدن" أن أزمة نقص المستلزمات الطبية حتى اللحظة تتفاقم، خصوصاً أن البضائع العالقة في المرفأ ليست شحنة واحدة، إنما كميات كبيرة تعود إلى عدد كبير من الشركات المستوردة: "ولم نتأكد مما إذا كانت البضاعة في المرفأ لا تزال سليمة، أم أنها تضرّرت بالانفجار"، تقول عاصي.

وحسب مصدر مطلع في مرفأ بيروت لـ"المدن"، فإن كافة البضائع المتواجدة في محطة الحاويات في المرفأ، بما فيها المستلزمات الطبية لم تتأثر بشكل مباشر بالانفجار. من هنا، يشدد مستشار وزير الصحة في الحكومة المستقيلة، رضا الموسوي، على أن الوزارة باشرت بالكشف على البضائع المتواجدة في المرفأ، للتحقق من مدى صلاحيتها للاستعمال بعد الانفجار، باعتبار أن الوزارة هي المعنية بالكشف على المستلزمات الطبية. ويلفت الموسوي في حديثه إلى "المدن" إلى أن تلك الكميات المستوردة والمتواجدة في المرفأ، وحتى ولو تبيّن انها صالحة بكاملها، فإن ذلك لن يحل مشكلة الشحّ الواقعة حالياً على الإطلاق: "خصوصاً أننا استنفذنا ما لدينا من معدات ومستلزمات عقب الانفجار، بسبب ارتفاع أعداد الجرحى لما يفوق 6000 جريح، في حين أن عمليات الاستيراد كانت تتم سابقاً "بالقطارة"، بسبب أزمة الدولار وصعوبة التحويل المالي إلى الخارج".

إدارة المساعدات
ونظراً لهول الفاجعة التي واجهت لبنان بانفجار المرفأ، وما خلفه من ضحايا، باشرت العديد من الدول منذ اللحظة الأولى إلى التبرّع بمساعدات وتقديم مستلزمات طبية كهبات. لكن وعلى الرغم من أهمية هذا الأمر، إلا أن الفوضى التي يُدار بها الملف قد تساهم، وفق عاصي، باستمرار نقص الإمدادات "إذ لم نتمكن من الحصول على لوائح كاملة للمستلزمات الطبية المُقدّمة كمساعدات من الدول، كي نكون على بيّنة من المواد المتوفرة وتلك غير المتوفرة. وبالتالي، لتحديد ما نحن بحاجة إليه". وتستغرب عاصي عدم إشراك الشركات المستوردة للمستلزمات الطبية بعمليات فرز المساعدات، وتحديد النواقص. فما قيمة أن نحصل على كميات كبيرة من المواد المستخدمة لتغطية الجروح على سبيل المثال، من دون حصولنا على مساعدات من الخيوط المخصصة لمعالجة الجروح؟  تسأل عاصي.

مخاوف عاصي في مكانها. لكن هناك من يقوم بهذه المهمة. وبحسب الموسوي، فقد تولت وزارة الصحة الطلب من الدول التي أعربت عن رغبتها في تقديم المساعدات "بأن تمدنا بالمعدات والمستلزمات الطبية التي نحن بحاجة إليها، خصوصاً القطع الخاصة بالعمليات كالريسور وبطاريات القلب وغير ذلك.. فلا نحتاج مثلا إلى أمصال. إذ لدى لبنان ما يحتاجه من الأمصال على سبيل المثال. لكننا بحاجة ماسة الى مختلف المستلزمات الطبية الأخرى"، يقول الموسوي. وعما إذا كان هناك من تنسيق بين الوزارة والجيش اللبناني لفرز المساعدات وتحديد الحاجات، يوضح أنه حين تضرر مستودع الكارنتينا للأدوية، عمدت الوزارة بداية إلى توزيع الأدوية على مستودعات الجيش، بالتنسيق معه، خصوصاً ان مستودعاته لم تتأثر بالإنفجار. وقد تم تزويد الجيش بلائحة المستشفيات وحاجاتها لتوزيع الأدوية والمستلزمات عليها: "لكن، لاحقاً حين تمكنا من تجهيز أكثر من مستودع، ومن بينها مستودع مستشفى رفيق الحريري الحكومي، عدنا إلى تخزين الأدوية والمستلزمات وتوزيعها على المناطق".

آلية التوزيع
حالياً، يتم التنسيق بين وزارة الصحة والجيش لاستلام المساعدات الطبية والاستشفائية. لكن يبقى الأهم "أننا نقوم بإبلاغ كل دولة تعرب عن استعدادها للمساعدة بالحاجات التي نعاني من نقص فيها. وبالتالي، يتم التنسيق مع الدول بشأن المواد المرسلة كمساعدات، خصوصاً لجهة المستلزمات الطبية"، وفق الموسوي.

أما المستشفيات التي تعاني النقص الفادح بالمستلزمات الطبية، فمن المتوقع أن تبدأ بتسلم حصصها من المساعدات خلال هذا الأسبوع، حسب ما يؤكد نقيب المستشفيات سليمان هارون في حديث إلى "المدن". فهناك تنسيق بين وزارة الصحة والجيش والمستشفيات. وقد وضعت آلية وفق معايير معينة، لتحديد حاجة كل مستشفى وحصتها من المستلزمات. وتعتمد المعايير على حجم المستشفى وحجم الأضرار اللاحقة به، وقدرته التشغيلية، وغير ذلك.