السياحة في لبنان... أوروبا أرخص وأفضل؟

خضر حسان
الخميس   2018/08/23
القطاع السياحي ينتظر عودة الخليجيين (علي علوش)
تتأثر الحركة السياحية بشكل دقيق وسريع بالتغيّرات السياسية، خصوصاً أن لبنان يعتمد في سياحته على حركة الخليجيين بشكل أساسي. ومع هدوء التوتّرات السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد خلال السنتين الماضيتين، سجّلت الحركة السياحية بعض التحسن.

على صعيد حجوزات بطاقات السفر، "سجّلت الأرقام، منذ بداية العام 2018 حتى شهر حزيران زيادة تراوح بين 4 و5%، ونتوقع أن ترتفع النسبة مع نهاية فترة الصيف"، وفق رئيس نقابة وكلاء السياحة والسفر جان عبود، في حديث إلى "المدن". ويشير عبود إلى أن "حركة الحجوزات سجّلت منذ بداية العام 2018 قدوم مليون و800 ألف زائر. وكان متوقعاً أن ترتفع نسبة الحجوزات لو أن الحكومة كانت قد تألفت في وقت أسرع، فالخليجيون ممتنعون عن زيارة لبنان، في حين أن أغلب الحجوزات العربية هي من العراقيين والأردنيين والمصريين".

وكان مطار بيروت قد سجّل ارتفاعاً في أعداد الركاب خلال النصف الأول من العام 2018، بنحو 10% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2017، إذ بلغ عدد الوافدين نحو ثلاثة ملايين و819 ألفاً، مقابل ثلاثة ملايين و495 ألفاً في العام الفائت. أما شهر تموز من العام الحالي، فسجّل قدوم نحو 20 ألف وافد يومياً.

هذا التحسّن انعكس على حركة حجوزات الفنادق، إذ "تحسّنت مداخيل القطاع في فصل الصيف لهذا العام بنسبة تراوح بين 7 و8%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي"، وفق رئيس اتحاد نقابات أصحاب الفنادق بيار الأشقر، الذي يقول في حديث إلى "المدن"، إن القطاع الفندقي كان ينتظر تحسناً أكبر، "لكن، في ظل عدم توافد السياح الخليجيين، لم نحقق أرقاماً أفضل، فلا أحد يعزز التحسن السياحي في لبنان كالخليجيين، لأن معدّل فترة حجوزاتهم لا تقل عن 10 أيام، على عكس السياح من جنسيات أخرى".

ولمقاربة الفارق بين التوافد الخليجي وبين بقية السياح من جنسيات أخرى، لا بد من بعض الأرقام. ففي العام 2010 "دخل إلى لبنان نحو 300 ألف خليجي، حجزوا غرفاً بمعدل وسطي 10 أيام. ما يعني أنهم حجزوا نحو 3 مليون ليلة فندقية. في المقابل، دخل إلى لبنان في العام 2017، نحو 300 ألف سائح من جنسيات عربية أغلبهم من العراقيين والمصريين والأردنيين، حجزوا نحو 900 ألف ليلة فندقية. كما أن السياح غير الخليجيين، يحجزون غرفاً عادية أسعارها محددة، في حين أن حجوزات الخليجيين أغلبها أجنحة وليس غرفاً. وفي المقارنة بين مداخيل الفنادق في العام 2010، ومداخيلها في العام 2017، يمكن تسجيل تراجع بنسبة 32%".

ويتفق ممثلي القطاعات السياحية على أن سبب عدم تحسن أرقام القطاع بشكل كبير، هو "الأزمة السياسية في البلاد". في المقابل ينتظر أهل هذا القطاع "تشكيل الحكومة وإعلان البيان الوزاري لمعرفة إذا ما كان الخليجيون سيعودون إلى لبنان أم لا".

هذه المخاوف تؤكدها مصادر في وزارة السياحة، التي تعلّق على واقع القطاع بالقول إن "وزارة السياحة لا يمكنها تغيير الواقع، لكنها تقوم بتسويق صورة مختلفة للبنان، تؤكد عودة الأمور الأمنية والسياسية الى طبيعتها، وأن السجالات السياسية بين القوى المختلفة لا تؤدي إلى اختلال الوضع الأمني. فهذا السجال طبيعي بالنسبة إلى أحزاب تريد تعزيز موقعها في السلطة". وتدعو المصادر الخليجيين والعرب إلى إعادة التوجه إلى لبنان في الوتيرة نفسها التي كانت سائدة منذ ما قبل العام 2010".

إلى حين تحقق الآمال، تبقى الإشارة إلى أن الحركة النشطة التي يسجّلها مطار بيروت على مستوى الوافدين والمغادرين، "لا يمكن اعتبارها حركة سياحية، فأغلب الداخلين إلى البلاد هم في حركة ترانزيت، أو من اللبنانيين، فلا يمكن التعويل عليهم لتسجيل إنتقال مرتفع المستوى من التراجع السياحي إلى التقدّم. فبدون الحل السياسي والتسويق السياسي، لا يمكن النهوض بالحركة السياحية".

من هنا، تشدد المصادر على أن "على لبنان تغيير الآلية التي يدير بها قطاعه السياحي. وأوّل ما يجب القيام به، هو وضع آلية ودراسة تجذب اللبنانيين قبل غيرهم، إلى مراكزهم السياحية. ما يستدعي إعادة النظر في تلزيم المراكز السياحية، وبالأسعار المفروضة في تلك المراكز. وعلى أصحاب الفنادق والمنتجعات السياحية عدم التعنّت وإبقاء الأسعار مرتفعة، فمن غير المنطقي أن يكون سعر غرفة الفندق في لبنان أغلى من سعر الغرفة في أغلب العواصم الأوروبية. وبما أن الأزمة السياسية تنعكس سلباً، وتنفّر الخليجيين، فإن هؤلاء يذهبون إلى أوروبا حيث الخدمة والأسعار أفضل من لبنان".