استقطاب أموال السوريين في الخارج

رولا عطار
السبت   2018/08/11
ستخضع معدلات الفائدة التي ستعرضها المصارف السورية لمبدأ العرض والطلب (AFP)

وافق مجلس الوزراء السوري على إصدار شهادات إيداع بالقطع الأجنبي نقداً في المصارف العاملة بعوائد تنافسية بهدف استقطاب أموال السوريين في الخارج وإعادة ضخها في الاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة.

وأشار وزير المال مأمون حمدان إلى أنه تم تحديد سعر الفائدة بشكل أولي للإصدار الأول بـ4.25%، ويمكن لأي شخص داخل سوريا أو خارجها إيداع هذه الأموال من خلال شراء شهادات الإيداع، التي يصدرها مصرف سوريا المركزي، مع العلم أن هذه العملية مراقبة من مجلس النقد والتسليف، ووفق السياسات التي يعتمدها المصرف.

ووفق مصرف سوريا المركزي، فإن قرار اصدار شهادات الايداع جاء لتوفير الأرضية اللازمة لمن يرغب من المتعاملين ضمن سوريا ممن يكتنزون أوراقاً نقدية معرضة للمخاطر المختلفة لوجودها خارج النظام المصرفي أو المتعاملين الموجودين في الخارج، بإعادة الرساميل الموجودة لديهم إلى سوريا، مع الأخذ بالاعتبار أن أي مودع لم يتعرض لضياع أي من ودائعه بالعملة الأجنبية أو بالعملة السورية، مع ضرورة التأكيد أن النظام المصرفي السوري مستمر في متانته.

ويؤكد المركزي أن العوائد التي سيتقاضاها المتعاملون على تلك الودائع سترتبط بسياسات تلك المصارف لتوظيف الودائع مباشرة أو توظيفها في المصرف المركزي كودائع أو شهادات إيداع مقابل فوائد تتجاوز 4.5% وعلى الدولار. ما سيمكن المتعاملين والمصارف التعامل ضمن أجواء مصرفية مختلفة عما كان سائداً في الماضي، خصوصاً أن المصرف المركزي والجهات المعنية تأخذ بالاعتبار أن كثيراً من المتعاملين لديهم اكتناز من العملة الأجنبية بسبب ظروف الحرب السورية. ما يتطلب إجراءات مبسطة للعموم تتيح فتح الحسابات والتعامل بالعملة الأجنبية.

أما المواطنون فتعاملهم سيكون حصرياً مع المصارف السورية وحسب العرض والطلب، مع الإشارة الى أن درجة الاقبال ستحدد تغير معدلات الفائدة بالنسبة إلى المودعين، الذين سيتأخرون في جلب مبالغهم من الخارج إلى المصارف السورية.

وستخضع معدلات الفائدة التي ستعرضها المصارف السورية على المودعين لمبدأ العرض والطلب ووفق درجة اقبالهم، إذ سيستفيد المودعون الأوائل من الفوائد الأعلى. وكلما تأخروا في إيداع مبالغهم وجلبها من الخارج أو اخراجها من خزائنهم الحديدية ووضعها في النظام المصرفي السوري ستكون الفوائد عليها أقل، وفق ما تراه المصارف السورية مناسباً.

يقول خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه، إن اتخاذ هذا القرار وتصديقه يعني أن صلاحية إصدار شهادات الايداع هي لمصرف سوريا المركزي فحسب. لكن، هذا لا يعني أنه سيتم اصدار هذه الشهادات بعد شهر أو سنة، وربما لن تصدر خلال السنوات المقبلة، إلا بعد أن يستقر الوضع المالي.

يضيف الخبير أن المقلق هو عدم تحديد المصرف المركزي معدل الفائدة على هذه الشهادات سواء أكان بالليرة السورية أو القطع الأجنبي، إلا أننا في الوقت نفسه نشجع ونؤيد المركزي على اصدار شهادات ايداع بالدولار بشروط نقدية واقتصادية، على أن يسهم الاصدار بالحد من المضاربة على الدولار في السوق السوداء وأن يتم توظيف هذه الأموال من قبل المركزي في الأنشطة الانتاجية التي تسهم في زيادة الانتاج السلعي، بالتالي رفع القيمة المضافة في الانتاج الوطني.

وبالنسبة إلى سعر الفائدة الذي أعلنه وزير المال، وهو 4.25% لشهادات الايداع بالعملة الأجنبية، فيجده الخبير الاقتصادي جيداً، لأن المصارف تقلص قبولها الايداعات بالعملة الأجنبية لأنه ليس لديها قنوات تشغيل لهذه الأموال وتشكل عبئاً عليها، خصوصاً مع وجود ضوابط للاقراض بالقطع الأجنبي في الوقت الحالي. لذلك، فإن اصدار شهادات ايداع هو ضامن جيد لأموال المودعين، الذين أصبح لديهم مخزون كبير من العملة الأجنبية خلال السنوات السبع الماضية، وهذه الشهادات لن يكون لها أي أثر نقدي سلبي.

وما يراه الخبير الاقتصادي مهماً في هذه المرحلة هو الوقت المناسب لاصدار شهادات إيداع. والأهم، عند اصدارها دراسة تحديد سعر الخصم وسعر الفائدة، بحيث لا تكون منافسة للمصارف العاملة وبحيث تكون مغرية للبعض كبديل من الايداع في المصارف. لذلك، نقول إنه عند إصدار شهادات ايداع بالليرة السورية سيكون الوضع اشكالياً ودقيقاً جداً، لأنه سيضارب على المصارف العاملة وهذا ما يجب التنبه إليه.