توسعة المطار.. صفقة جديدة مخالفة للقانون؟

خضر حسان
السبت   2018/05/19
مجلس الوزراء وافق على مخالفة القانون (Getty)
أكدت كل أحزاب السلطة أنها ستكتب صفحة جديدة من صفحات مكافحة الفساد، بعد الانتخابات النيابية. إلا أن الممارسة غالباً ما تختلف عن الكلام، خصوصاً في لبنان، الذي تُدار فيه العمليات السياسية والمشاريع الاقتصادية، بمنطلق الصفقات الخاصة. والسلطة حملت ملفاتها الاقتصادية، ورتّبت أوراق موازنةٍ مخالفة للدستور، بهدف الحصول على أموال مجتمع دولي يبحث دائماً عن طرقٍ لإغراق دول العالم الثالث بالديون. فكان مؤتمر سيدر الذي رتّبت خلاله السلطة، ديوناً على لبنان، بحجة المشاريع التنموية.

وتحت الستار نفسه، وعلى عكس ما ترفعه السلطة من شعارات ضد الفساد، وقعت وزارة الأشغال العامة والنقل، الخميس 17 أيار، وتحت رعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، عقوداً استشارية بين المجلس الأعلى للخصخصة وثلاثة استشاريين دوليين، هم مؤسسة التمويل الدولية، البنك الاوروبي للإعمار والتنمية وشركتا KPMG وSOLON، لمساعدة لبنان تمهيداً لتلزيم مشروع توسعة مطار رفيق الحريري الدولي وإنشاء مبنى ركاب جديد فيه، ومشروع طريق خلدة- نهر إبراهيم (أوتوستراد بيروت- العقيبة)، ومشروع مركز المعلومات الوطني.

وقع الاتفاق الأول، الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، والمدير الإقليمي للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مؤسسة التمويل الدولية منير فيروزي، ثم وقع الاتفاق الثاني، حايك والمدير المقيم للبنك الأوروبي للإعمار والتنمية في لبنان غريتشين بياري، ووقع الاتفاق الثالث، حايك وممثل شركة KPMG نافذ المرعبي.

العقود الاستشارية في ظاهرها مقدّمة لمشاريع لاحقة، لكن النية الحسنة سرعان ما تتبدّد حين تتم قراءة تلزيم العقود على ضوء القانون. ففي الحد الأدنى، قبل توقيع العقود الاستشارية، "يجب اجراء استدراج عروض بعد تأهيل مسبق، توافق على نتيجته ادارة المناقصات، وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم 09/2017"، بحسب ما تقوله مصادر متابعة للملف.

مرة أخرى، تخالف السلطة القانون، من خلال تجاهلها المؤسسات الرقابية. لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ إن جميع الأطراف في مجلس الوزراء، وافقت على هذا التجاهل، ووافقت على إدخال جهات غير رسمية، ولا اعتبار قانونياً لها في مثل هذه المشاريع. لكن معرفة الترابط بين تلك الجهات التي تُسمى عادةً مراكز وجمعيات، وبعض أحزاب السلطة، يُبطل عَجَب التلزيمات. فالتلزيمات الأخيرة "تعاقدت خلالها السلطة، بموافقة مجلس الوزراء، مع مؤسسات غير رسمية خلقتها السلطة لتتخطى بها الرقابة الرسمية. أما وجود المؤسسات الدولية، فيعطي ثقة زائفة، لأن هذه المؤسسات تستفيد من الفساد في دول العالم الثالث، لكنها تغطي نفسها بصبغتها الدولية. فالمجتمع الدولي إذا كان يريد خلق بنية تحتية لمشاريعه وشركات تهمه، ليثبّت سيطرته في البلدان النامية، يهمه وجود الفساد، أما إذا كان سيدفع هو مباشرة كلفة المشاريع، فسيتأكد بدقة إلى أين تذهب الاموال. وفي الحالة اللبنانية، المشاريع ليست مشاريع مقررة في مؤتمر سيدر، وإن جرى الترويج لها على أنها مقدمة لمشاريع سيدر، كي يصار إلى تبنيها دون معارضة"، تضيف المصادر.

عليه، تلزيم الاستشاريين هو عملية مخالفة للقانون، وربط المشاريع الثلاثة بمشاريع مؤتمر سيدر، هو مقدمة لمزيد من المشاريع المشابهة، التي تتستر بالصبغة الدولية. "لكن، ما يجب التركيز عليه، هو ضرورة مساءلة مجلس الوزراء على موافقته على مخالفة القانون". لكن من سيحاسب؟ تقول المصادر إن "المحاسبة غائبة، لأن مجلس الوزراء هو الخصم وهو الحكم في هذه الحالة، ومجلس النواب الذي يجب أن يسائل الحكومة، هو عبارة عن أحزاب موجودة في الحكومة، فهل ستحاسب الأحزاب نفسها؟ بالطبع لا!".