مصفاة طرابلس المتلهفة للعمل يهددها الصدأ.. والسياسة

جنى الدهيبي
السبت   2018/12/15
مصفاة النفط في طرابلس كفيلة بتحقيق تقدم اقتصادي كبير للمدينة (Getty)
لم تمرّ "بشارة" رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، بالعمل على إعادة ضخّ النفط من العراق إلى منطقة البداوي، عبر مصفاة طرابلس، من دون طرح التساؤلات على مدى جديّة هذا الطرح. ميقاتي الذي سرّب نوايا إعادة تشغيل المصفاة وتخزين النفط في البداوي، وقال أنّ الاتصالات قائمة بين الجهات السلطات اللبنانية والعراقية في هذا الصدد، خرق جدار الأمل بهذه الخطوة النوعية، التي بامكانها توفير مئات فرص العمل وتنشيط الحركة الاقتصادية محليًا ووطنياً، على نحو استرتيجي.

فماذا في خبايا هذا المشروع الذي بامكانه تحقيق نقلة اقتصادية نوعية للبنان عمومًا وطرابلس على وجه التحديد؟

المصفاة رهن الحكومة
كشف السياسي توفيق سلطان، في مؤتمر صحافي عقده لهذا الشأن، الجمعة في 14 كانون الأول 2018، أن هناك اتفاقاً عراقياً سورياً بعودة خط الأنابيب بين العراق وبانياس من جهة، والعراق وطرابلس من جهة أخرى، في القريب العاجل وربما خلال شهر. وذلك، بعد معالجة الوضع الأمني للجزء الموجود في قلب الصحراء السورية، حيث يمر أنبوب النفط العراقي، وربما يصار إلى إنشاء أنبوب بديل منه.

وفي السياق نفسه، تشير مديرة عام النفط في وزارة الطاقة والمياه أورور فغالي في اتصال مع "المدن"، أن مطلب تشغيل مصفاة النفط في طرابلس، قد طُرح قبل أربع سنوات، في عهد تولي الوزير جبران باسيل لوزارة الطاقة. لكن عرقلته، "كانت نتيجة تفاقم الأحداث العسكرية في سوريا، مكان مرور خطّ الأنبوب الذي يصل إلى العراق. ورغم ذلك، لم يتأذَ بأيّ تفجير".

تعتبر فغالي أنّ الخط هو بكامل جهوزيته التقنية، و"لا يحتاج سوى للكشف عليه، لا سيما أنّ الجانبين اللبناني والعراقي إيجابيان حول هذا الطرح، وفوائده تعود على الحوض المتوسط، ومصير تشغيله مرهون بقرار الحكومة المقبلة".

تاريخ التعطيل
مصفاة النفط في طرابلس، الكفيلة بتحقق تقدم اقتصادي كبير للمدينة، تندرج ضمن مطلب تشغيل المرافئ في الشمال: المرفأ، المعرض، ومنشآت النفط . وآثار هذا التشغيل، قد تظهر بشكل مباشر على مستوى المدينة، لا سيما أنّ اقتصادها يعاني من الانكماش، فيما هو قابل للنمو في ظلّ وجود أرضٍ خصبة للمشاريع والمرافئ.

وبالعودة إلى تاريخ تعطيلها، فإنّ مصفاة طرابلس دخلت مرحلة الشلل الكامل في العام 1992، إثر صدور قرار وزاري بإقفالها، بحجة الصيانة التي لم تبدأ ولم تنتهِ. وحسب القانون الذي صدر في أيار 1931 قامت شركة نفط العراق (IPC)، (شركات بريطانية، هولندية، فرنسية)، بنقل النفط الخام المنتج في كركوك - العراق، وذلك من خلال خطوط أنابيب النفط الممتدة من العراق عبر سوريا، إلى المصب في طرابلس لتصديره وتصفيته. وبعد تسع سنوات،  جرى إنشاء المصفاة لتصفية النفط الخام المستورد عبر خطوط أنابيب من حقول كركوك في العراق، تولت الحكومة اللبنانية إدارة هذه المنشآت، في العام 1973.

والجدير ذكره أنّ منشآت النفط في طرابلس تنقسم إلى ثلاث مديريات رئيسية: مديرية المصب، مديرية المصفاة والمديرية المالية، قبل أن يتم استحداث مديريات جديدة وهي: الفنية، شؤون الموظفين والدائرة الطبية حسب الإمتياز المصادر عليه.

وبعد أن وصل انتعاش انتاجية العمل في مصفاة طرابلس إلى الذروة في السبعينات، بسبب وجود "وحدة التكسير" التي كانت تعود على خزينة الدولة بأموال طائلة، أدى انقطاع العلاقات بين سوريا والعراق في الثمانينيات إلى تدهور الوضع في المصفاة. وذلك، بعد أن توقف الضخ عبر الأنابيب من كركوك إلى طرابلس.

وحسب ما تشير معلومات "المدن"، في مديرية المصفاة، فإنّ العمل لن يستقيم ويكون منتجًا، من دون استبدال المصفاة بواحدة أخرى، بعد أن أصبحت غير قابل للانتاج، كمًّا ونوعًا، نتيجه التصدؤ والاهتراء الذي أصابها على مرور الزمن.