الأزمة الخليجيّة.. هل تهدد التحويلات اللبنانية؟

عزة الحاج حسن
الجمعة   2017/06/16
العلاقات التجارية بين لبنان وقطر تواجه أزمة بارتفاع تكلفة الاستيراد والتصدير (عامر عثمان)
رغم محاولة لبنان النأي بنفسه عن الخلافات العربية، وتحديداً عن قطيعة بعض الدول العربية لقطر، غير أن ترابط اقتصاده مع اقتصادات دول المنطقة قد يدفعه إلى قلب الحدث، ولاسيما لجهة تأثره بشكل غير مباشر بتداعيات الأزمة الديبلوماسية القائمة منذ نحو عشرة أيام.

فالعلاقات الاقتصادية القائمة بين لبنان وقطر، وإن لم تسطر أرقاماً كبيرة في بعض جوانبها، إلا أنها تشكل داعماً من الدعامات الخليجية للإقتصاد اللبناني، ولاسيما لجهة التحويلات المالية. فكيف كانت، وكيف سترسم الخريطة الاقتصادية بين البلدين بعد أزمه حصار قطر؟

من المؤكد أن العلاقات المستجدة بين قطر ودول خليجية ستؤثر سلباً على الحركة الاقتصادية والاستثمارية والسياحية في كامل منطقة الخليج، ولن يكون لبنان بمنأى عن تلك التداعيات. فاللبنانيون في منطقة الخليج، الذين يُقدرون بنحو 500 ألف شخص، يحوّلون سنوياً نحو 4 مليارات ونصف المليار دولار إلى لبنان، منهم نحو 60 ألف لبناني عامل في قطر يحوّلون نحو 70 مليون دولار سنوياً.

ونظراً إلى الضغوط الإقتصادية التي تتعرّض لها قطر عقب أزمة المقاطعة، تتزايد المخاوف من حصول انكماش اقتصادي في قطر، وقد يؤثر بشكل مباشر على التحويلات المالية من اللبنانيين العاملين في قطر.

ويرجح خبراء احتمال تأثر التحويلات المالية من قطر إلى لبنان بتراجع العملة القطرية (الريال) أمام الدولار، ولاسيما أن التحويلات تتم من المغتربين اللبنانيين بالدولار الأميركي. ما يعني أن انخفاض الريال القطري سينعكس انخفاضاً في قيمة التحويلات إلى لبنان.

وفي الشأن السياحي، ورغم أن عدد السياح القطريين في لبنان يأتي بعد عدد السياح من الجنسيتين السعودية والكويتية خليجياً، إلا أن الفعاليات السياحية في لبنان تتوقع ارتفاع عدد السياح القطريين بشكل ملحوظ في المرحلة المقبلة.

وتتركّز آمال الفعاليات السياحية اللبنانية بتحول السياح القطريين من الإمارات إلى لبنان، ولاسيما في ظل شيوع التوتر الأمني في بعض دول أوروبا وبريطانيا كونها الوجهة الثانية للسياح القطريين. وفي حال صحّت التوقعات، وفق مصدر سياحي، فإن ما لا يقل عن 30 ألف سائح قطري سيتوجهون إلى لبنان في فترة قريبة، وتحديداً مع انتهاء شهر رمضان والعام الدراسي في قطر.

ولا تخلو الآمال من مخاوف ترتبط بإغلاق المجال الجوي للدول العربية المحيطة بقطر، إذ إن ذلك سيترك أثراً على الأسعار إن بالنسبة إلى القطريين العازمين المجيء إلى لبنان، أم بالنسة إلى اللبنانيين المغتربين في قطر. فالخطوط الجوية بين قطر ولبنان ستصبح أطول بحكم احتمال سلوك المجال الجوي الإيراني أو التركي. ما يؤدي إلى رفع التكلفة على السفر.

وبالنسبة إلى العلاقات التجارية بين لبنان وقطر، رغم تواضع أرقامها، إلا أنها ستواجه أزمة تتمثّل بارتفاع التكلفة في المرحلة المقبلة. فلبنان اعتمد خطاً تصديرياً إلى معظم الدول العربية عبر البحر منذ إغلاق المعابر إلى سوريا، إلا أن التصدير إلى قطر له حيثيات أخرى، إذ إن المصدّر اللبناني كان يعتمد الخط البحري وصولاً إلى السعودية ثم اعتماد خط بري مختصر للوصول إلى قطر. ومع إغلاق السعودية حدودها مع قطر بات على المصدّر اللبناني اعتماد خط آخر.

والخياران للتصدير إلى قطر مكلفان، بحسب وكلاء بحريين. فالخط البحري بين لبنان وقطر (من دون سلوك البر السعودي) هو خط طويل جداً وتكاليفه مرتفعة جداً، وكذلك تكاليف التأمين المرتبطة به على غرار تكلفة اعتماد خط جوي. ويبقى أحد الخيارات استحداث خط بحري- بري بين لبنان وقطر مروراً بتركيا وإيران. وهو خط طويل جداً.

يذكر أن لبنان يصدّر إلى قطر بقيمة نحو 76 مليون دولار سنوياً (2016)، أي نحو ثلاثة أضعاف ما يستورد منها. وتمثل الصادرات نسبة 2.8% من مجمل تصدير لبنان. ويستورد من قطر نحو 0.12% من مجمل استيراده.