طريق الحرير: إعادة إعمار سوريا عبر لبنان

عزة الحاج حسن
الجمعة   2017/04/07
الصينيون يترددون بالدخول في استثمارات مباشرة في لبنان (دالاتي ونهرا)
تعمل الصين منذ سنوات على تعبيد "طريق الحرير الجديد" وما يضم من دول آسيوية وأفريقية وأوروبية، أمام شراكات اقتصادية، من المخطط لها أن تشكل في المدى المتوسط أكبر الكيانات الإقتصادية والثقافية، فالدول الواقعة على خط "طريق الحرير" ويقارب عددها 62 دولة يبلغ إجمالي ناتجها المحلي نحو 55% من إجمالي المجموع العالمي، وتحوي 70% من مجموع سكان العالم و75% من موارد الطاقة المعروفة في العالم. ما يجعه أحد أهم الشرايين الاقتصادية العالمية.

ويخترق الحزام والطريق قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، طرفهما في شرق آسيا حيث الاقتصاد النشيط، وطرفهما الآخر في أوروبا حيث الاقتصاد المتقدم. وتتمتع الدول الشاسعة الكثيرة وسط الطرفين بقوة كامنة جبارة للتنمية الاقتصادية.

ونظراً لكون لبنان أحد الدول الواقعة على خط طريق الحرير، ويشكّل صلة وصل بين الشرق والغرب بحكم موقعه وتنوعه الثقافي، جذب اهتمام الصينيين كمركز تجاري وبوابة عبور إلى الدول العربية، لاسيما إلى سوريا التي باتت محط أنظار المستثمرين، تمهيداً لورشة إعادة الإعمار المرتقبة عاجلاً أم آجلاً.

دعوة المستثمرين الصينيين للاستثمار في لبنان والاستعداد للمشاركة في إعادة إعمار سوريا أطلقها رئيس الحكومة سعد الحريري خلال مؤتمر مشروع "حزام واحد في لبنان: مؤتمر طريق الحرير" الذي نظمته مجموعة فرنسبنك الخميس 6 نيسان في بيروت، ونصح بالاستثمار في البنى التحتية بشكل خاص، لأن في ذلك منفعة للبنانيين والنازحين السوريين على حد سواء، ويسهم في انطلاق الإقتصاد اللبناني لتعويض الانخفاض الحاد في النمو والعمالة منذ بدء الأزمة السورية.

الدور المرتقب أن تلعبه الصين في إعادة إعمار سوريا والعراق دفع برئيس مجلس إدارة مجموعة فرنسبنك عدنان القصار إلى دعوة الشركات الصينية للإفادة من شراكات ومشاريع مشتركة مع الشركات اللبنانية، والإستفادة من أهمية موقع لبنان الاستراتيجي. لكن القصار أوضح في حديث إلى "المدن" أن دخول المستثمر الصيني إلى لبنان يستلزم إقدام الحكومة على تذليل العقبات القانونية والإدارية أمام الإستثمار الأجنبي لاسيما الصيني.

وإذ كشف القصار عن أن صندوق طريق الحرير يرصد نحو 50 مليار دولار للاستثمار في الدول الواقعة على "خط طريق الحرير"، ومنها ملياران دولار للبنان، رأى أن على القطاعين الخاص والعام في لبنان الإقدام على تأسيس استثمارات ومشاريع انتاجية كبيرة للاستفادة فعلياً من الأموال المرصودة للإستثمار في لبنان.

ولكن الصينيين يترددون حتى اللحظة بالدخول في استثمارات مباشرة في لبنان نظراً لغياب الأرضية الخصبة للاستثمار المباشر، في ظل الأزمات السياسية والأمنية التي تتجدد من حين لآخر، وفق حديث عضو جمعية المصارف ومدير عام فرنسبنك نديم القصار لـ"المدن". فالدولة اللبنانية لا تلتفت إلى وضع خطط لتشجيع الإستثمار في لبنان، بل تصب اهتمامها على المناكفات السياسية وكيفية تحصيل الموارد الضرائبية بدل الإنكباب على تعديل القوانين التي تقلق المستثمر وتدفعه للتوجه إلى دول عربية أخرى بدل لبنان.

فالصينيون يعملون حالياً على ترسيخ وجودهم الإقتصادي في المنطقة عبر لبنان تمهيداً للمساهمة في عملية الإعمار في سوريا والعراق. وهو ما عبر عنه رئيس غرفة طريق الحرير للتجارة الدولية لو جيان تشونغ في حديث إلى "المدن"، إذ قال إن الصين مهتمة بجعل لبنان مركزاً للتجارة العربية ولعبور الصين إلى المنطقة عبره.

وركز تشونغ على أهمية الإتفاقيات التي تم توقيعها في المؤتمر، وهي اتفاقية تعاون بين اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان وغرفة التجارة الدولية لطريق الحرير، واتفاقية تعاون بين اتحاد الغرف العربية وغرفة التجارة الدولية لطريق الحرير، واتفاقية تعاون بين مجلس بلدية بيروت وتحالفات الأمم المتحدة لطريق الحرير القارية والبحرية. وجميعها تصب في خانة التعاون وتأكيد دور لبنان وموقعه في خريطة "حزام واحد، طريق واحد" وتعزيز مكانته كنقطة انطلاق الصين نحو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجالات الأعمال والتجارة والتمويل والبنية التحتية، والثقافة، والسياحة.