تطبيقات الحريري لغداء الوزراء

حسن يحيى
الإثنين   2017/03/06
هذه الشركات الثلاث تتنافس في سوق ضيق (دالاتي ونهرا)

سهّل الهاتف الذكي حياة كثيرين، إذ بات في الإمكان الاستعانة بالانترنت لتأمين معظم الاحتياجات الأساسية والكمالية اليومية. وهذا هو تماماً ما قام به رئيس الحكومة سعد الحريري عندما استعان بهاتفه المحمول لطلب الغداء للوزراء الذين "أرهقتهم" جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، الجمعة في 3 آذار.

لكن هذه الاستعانة لم تكن بريئة تماماً، بل قصد الحريري منها إطلاق مبادرة تُشجع قطاع التكنولوجيا والإقتصاد الجديد اللبناني من خلال تسليط الضوء على ثلاثة شبان لبنانيين أسهموا في إطلاق ثلاثة تطبيقات مختصة في مجال إيصال الطعام إلى المستهلك.

وعرّف الحريري الوزراء على عوني الأحدب وتميم الخلفا ودانيال كونفدرالي، وهم مطورو تطبيقات "Wizmate" و"Toters" و"onlivery" على التوالي.

ولكن، ما هي هذه التطبيقات وإلى ماذا تهدف؟

يجيب مؤسس تطبيق "اونليفري" دانيال كونفدرالي عن هذا السؤال في حديث إلى "المدن" بأن تطبيقه يهدف إلى ربط أصحاب المطاعم بالأشخاص الذين يريدون تناول الطعام، إذ يلعب دور الوسيط في هذه العملية من خلال إيصال طلبات الزبائن إلى المطاعم وإيصال الطعام إلى الزبائن.

بدأت الفكرة مطلع العام 2013، انطلاقاً من الحاجة إلى طلب الطعام من المطاعم، خصوصاً مع التغير المستمر والدائم في قوائم الطعام والأسعار.

ويعتمد التطبيق على الموقع الجغرافي للمستخدم، ليقدم لائحة بالمطاعم المتعاونة مع إدارة التطبيق والقريبة من مكان وجوده. واللافت أن التطبيق يستطيع تأمين الطعام حتى من المطاعم التي لا يوجد لديها خدمة إيصال الطعام، إذ يقصد عامل تابع للشركة المطعم وإينقل الطعام إلى المستهلك.

واستطاع التطبيق التعاقد مع أكثر من 350 مطعماً أغلبهم في بيروت وضواحيها. ما يؤمن باقة متنوعة من الخيارات والمطابخ اللبنانية والعالمية للمستخدم. ويستطيع المستخدم الدفع عند الاستلام من خلال "الكاش" أو الدفع المسبق من خلال البطاقات المصرفية عبر مصرف لبنان والمهجر.

ورغم أن مبادرة الحريري لم تكن وليدة اللحظة، بل تم التخطيط لها قبل يوم من جلسة مجلس الوزراء وشملت إضافة إلى تطبيق كونفدرالي، تطبيقين آخرين يقومان بالمهمات نفسها تقريباً، إلا أنه اعتبر أن المبادرة جاءت "في وقتها" لتسليط الضوء على القطاع التكنولوجي اللبناني وعلى الشركات اللبنانية التي تعمل في هذا المجال.

من ناحيته، اعتبر تميم خلفا، في حديث إلى "المدن"، أن تطبيق "توترز" بدأ بشكل أساسي كخدمة للمطاعم التي لا تقوم بخدمات التوصيل. إذ تقوم إدارة التطبيق بتحديث قوائم المأكولات والمشروبات الخاصة بالمطاعم ووضعها على التطبيق لكي يتمكن المستخدم من طلب الطعام حسب الموقع.

واللافت أن هذا التطبيق يعتمد على تكنولوجيا محلية الصنع من خلال مبرمجين لبنانيين، لتأمين أفضل خدمة للزبائن. إذ تم تصميم التطبيق بطريقة تُشبه إلى حد ما طريقة عمل "أوبر"، فيستطيع المستخدم مراقبة مسار عامل التوصيل ومعرفة معلوماته الشخصية وصورته لتأمين أكبر قدر من "الشفافية" بين المستخدم والتطبيق.

ورغم أن الفكرة بدأت بإيصال الطعام من المطاعم التي لا يوجد لديها خدمات التوصيل، إلا أن الآراء الواردة من الزبائن دفعت إدارة التطبيق إلى تطوير الفكرة لتشمل المطاعم التي لديها خدمات توصيل أيضاً.

ولاتزال العقبة الأساسية في هذا المجال تكمن في معرفة المواقع بدقة، خصوصاً في ظل الفوضى الموجودة في هذا المجال. وتعمد الشركة إلى خيارين لمواجهة هذه المشكلة، فأولاً يمكن للمستخدم تحديد مكان وجوده عبر استعمال الخريطة واجهزة تحديد المواقع، كما يمكنه كتابة المعلومات الشخصية والعنوان بدقة تامة. وفي حال لم يتمكن العامل من معرفة المكان، يتم الاتصال بالمستخدم لتحديد المكان في المرة الأولى فقط.

ويعتمد هذا التطبيق بشكل رئيسي على عنصر السرعة، إذ يشير خلفا إلى أن تطبيقه يعدّ "الأسرع" بين منافسيه في مجال إيصال الطعام، مع تشكيلة من أكثر من 80 مطعماً مختلفاً أغلبهم في بيروت وضواحيها.

أما عوني الأحدب، فيشير في حديث إلى "المدن" إلى أن تطبيق "ويزمات" بدأ العمل في حزيران 2016، وهو من "أسهل التطبيقات" على المستخدم. ولا يهدف التطبيق إلى تأمين الطعام من أيّ مطعم، بل يعتمد على صورة العلامة التجارية. إذ يؤمن هذا التطبيق الطعام من المطاعم "الراقية" بشكل أساسي. ويعمل هذا التطبيق من خلال خريطة تُظهر الموقع الجغرافي للمستخدم والمطاعم المتعاقدة مع إدارة التطبيق، والتي تخطت المئة مطعم معظمها أيضاً في بيروت.

ورغم أن هذه الشركات الثلاث تتنافس في سوق ضيق فعلياً، هو السوق اللبناني، إلا أن اللافت أن هناك علاقة واضحة تجمعهم ببعضهم. إذ أصرّ المؤسسون على ذكر أسماء الشركات المنافسة في معرض الموضوع.

وعند السؤال عن طبيعة هذه العلاقة، أشار الأحدب إلى أنه رغم المنافسة، إلا أن أيّ نجاح لتطبيق هو نجاح للسوق برمته نظراً إلى أن المعضلة الحقيقية في هذا المجال هي إقناع المستخدم باستخدام التطبيقات عوضاً عن الهاتف في طلب الطعام. وهو ما أكده كلّ من خلفا وكونفدرالي.

والحال أن السوق اللبناني لن يكون كافياً أمام تعدد الشركات بطبيعة الحال. ما سيدفعهم بشكل رئيس إلى التفكير في الانفتاح على الأسواق العربية والعالمية.

إلا أن هذه الأسواق لن تكون نزهة على هذه الشركات، خصوصاً أنها تشهد تنافساً قوياً ومستمراً من شركات عملاقة في المجال نفسه على غرار "اوبر" التي أطلقت خدمتها لايصال الطعام في الامارات، إضافة إلى تطبيق "طلبات" وتطبيق "زوماتو" الذي تأسس في العالم 2008 وأصبح منتشراً في أكثر من 23 بلداً منها لبنان.

لذا، من الضروري التركيز على المبادرات الحكومية والخاصة لدعم هذا القطاع، وتمكين الشباب اللبنانيين من الابتكار ومنافسة الأسواق العربية والعالمية من خلال تذليل العقبات التي تواجههم وتمكينهم من الناحية القانونية والمؤسساتية.