مليار و100 مليون دولار هدر مرفأ بيروت.. سنوياً

عزة الحاج حسن
الجمعة   2017/03/03
رسوم مرفأ بيروت من الأغلى في العالم (Getty)
يجهد الباحثون عن ايرادات جديدة لسد العجز في موازنه العام 2017 إلى هندسة موارد ضريبية كأسرع وأقصر طريق لجمع الايرادات، من دون الإلتفات إلى أي وسائل أو موارد أخرى ذات جدوى اقتصادية واصلاحية.

ولأن المصالح الشخصية غالباً ما تغيّر بمجرى المعادلات السياسية، فمن الطبيعي أن تتستّر في حكومة "وحدة وطنية" خلف الطروحات الإقتصادية، بمعنى آخر، يحاول بعض الأفرقاء السياسيين التمسّك بالجزء الأكبر من السلة الضريبية المتعلّق بأصحاب المؤسسات والمصارف في موازاة إقرار سلسلة الرتب والرواتب، فيما يحاول البعض الآخر من السياسيين اعفاء أصحاب رؤوس الأموال من الأعباء الضريبية حماية لمصالح المصارف، وإن كان الثمن تجميد ملف السلسلة.

ولكن بين هذا وذاك لم يذكر أي من الأفرقاء السياسيين فتح ملفات الهدر والفساد في المرافق العامة، إذا ما استثنينا الشعارات التي يتغنّون بها، ولم يتجرأ أي منهم على طرح تمويل الموازنة أو أقله السلسلة من سد أحد مزاريب الهدر والفساد.

وإذا أخذنا مرفأ بيروت مثالاً حياً لأحد مسارب الهدر والفساد في المرافق العامة، وإذا سلّمنا جدلاً وجود نية لدى الحكومة بضبط هذا المرفق العام، فماذا ستكون النتيجة؟

تنقسم الموارد في مرفأ بيروت إلى منافذ عدة، أهمها رسوم المرفأ والجمارك. بالنسبة إلى رسوم المرفأ، فإنها من بين الأغلى في العالم، وهي لا تدخل في حسابات المالية العامة. بالتالي، لا تخضع لرقابة ديوان المحاسبة، ولا تتولى وزارة المال أي دور بشأنها باستثناء تسلم حصتها من دخل المرفأ، 25% من أصل الدخل الذي تنفرد بتحديده شركة إدارة واستثمار مرفأ بيروت.

وتّقدّر رسوم المرفأ خلال العام 2016، وفق الوزير السابق فادي عبود وهو من المتابعين لملف مرفأ بيروت، بنحو 300 مليون دولار بالحد الأدنى. وهذه الأموال يجب أن يكون مصيرها واحداً وهو خزينة الدولة، يقول عبود في حديث إلى "المدن": لأن رسوم المرفأ تعتبر ضريبة سيادية وعلى الدولة تحصيلها، ولكن الواقع أن أموال المرفأ لا تدخل خزينة الدولة ولا تندرج في سياق مالية الدولة.

وإذ ينتقد عبود تستّر الرسوم الجمركية وراء ما يُعرف برسوم المرفأ، يكشف عن أن إدارة المرفأ تضع تعرفات على نوع البضاعة فحسب، وليس حسب الكمية أو الحجم، "فكل دول العالم تضع رسوماً على وزن البضاعة أو على حجمها الذي يقدّر بالمتر المكعب إلى جانب نوعها".

أما بالنسبة إلى المنفذ الآخر في مرفأ بيروت، أي الجمارك، ففي العام 2016 دخل المرفأ نحو مليون و500 ألف كونتينر. ومن المعلوم أن المعدّل العام لمكوث البضائع في المرفأ هو 12 يوماً. بالإضافة إلى رسوم مكوث البضاعة في المرفأ "هناك ما لا يقل عن 300 دولار عن كل كونتينر يتم دفعها لتخليص المعاملات وتعقيدات السيستام وتوفير الوقت للحصول على كونتينر فارغ واجراء سكانر للبضاعة والتحميل وما إلى ذلك والحصيلة"، وفق عبود، أن نشاط المرفأ ارتفع ولكن إيراداته انخفضت.

وهنا، يؤكد عبود أن ضبط عملية حركة البضائع عبر مرفأ بيروت ووضع يد الدولة على الجمارك، يمكن أن يوفر على الخزينة ما لا يقل عن 300 مليون دولار سنوياً، لاسيما في ظل الظروف الراهنة التي أدت إلى إغلاق الحدود البرية، وتحوّل النشاط التجاري إلى مرفأ بيروت.

وفي سياق منفذ الجمارك، هناك أحد أهم الموارد الضائعة وهي تهرّب شركات وتجار من سداد الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، عبر التواطؤ على خفض فواتيرهم وعدم الإفصاح عن الكميات التجارية التي يستوردونها. وبناء على أرقام الاستيراد يقدّر عبود حجم التهرب الضريبي عبر المرفأ بنحو 400 مليون دولار.

وفي حال حصّلت الدولة كل تلك المداخيل، أي من ضبط الضريبة على القيمة المضافة 400 مليون دولار، ومن ضبط الجمارك 400 مليون دولار، ورسوم المرفأ 300 مليون دولار، تكون الحصيلة دخول مليار و100 مليون دولار إلى الخزينة، والتي يُحصّل منها حالياً سوى الفُتات.

ويمكن بالتالي أن تموّل الدولة بواردات المرفأ تكاليف سلسلة الرتب والرواتب المقدّرة بـ1200 مليار ليرة، أي نحو 800 مليون دولار. ويمكنها أيضاً أن تستعيض عن سلة الضرائب الموجودة في موازنة 2017 والتي لن تحصّل للخزينة العامة أكثر من مليار و200 مليون دولار.