هل باستطاعة لبنان استيعاب عقوبات مالية؟

عزة الحاج حسن
الأحد   2017/12/10
التحويلات المالية عصب الاستقرار النقدي
يرتبط الاستقرار النقدي للبنان بشكل مباشر بالتحويلات المالية الدولارية، وهي تشكّل أحد أهم الركائز التي تستند إليها سياسة مصرف لبنان للحفاظ عى استقرار العملة الوطنية والسوق النقدية عموماً، ولكن مع ارتفاع وتيرة الأزمة السياسية أخيراً، وتوجيه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أصابع الإتهام الى المصارف اللبنانية بتمرير أموال حزب الله عبرها، باتت مسألة التصعيد السعودي وربما الخليجي تجاه لبنان أمراً محتملاً، لاسيما بعدما ألمح البعض إلى احتمال اتخاذ تدابير اقتصادية ذات منحى "عقابي".

هنا، لا بد من طرح تساؤلات عن قيمة التحويلات المالية من المغتربين اللبنانيين في الخليج، ومدى قدرة لبنان على استيعاب "هزة" قد تطال جزءاً من تحويلاته المالية؟

لا أرقام دقيقة للتحويلات وكيفية توزعها على الدول، لكن التقديرات تشير إلى أن متوسط التحويلات المالية التي دخلت لبنان في العام 2017 بلغت نحو 7.5 مليار دولار، منها نسبة 35 إلى 40% تأتي من المغتربين اللبنانيين في دول الخليج، أي نحو 3 مليارات دولار، ونصفها من السعودية، والثلث من الإمارات والباقي من قطر.

هذه الأرقام يؤكدها أكثر من مصرفي، ومنهم عضو لجنة الرقابة على المصارف سابقاً ومستشار مجموعة لبنان والمهجر الدكتور أمين عواد الذي يرى في حديث إلى "المدن" أن لبنان قادر على استيعاب أي من السيناريوهات المحتملة حيال التحويلات المالية.

وإذ يستبعد عواد أن تلجأ أي من دول الخليج إلى تهديد لبنان بوقف التحويلات المالية إليه أو التشدد بشأنها يوضح أن لبنان قادر على احتواء واستيعاب هكذا أزمة (في حال حصلت) "إذ إن أسوأ الاحتمالات يتمثل في منع اللبنانيين المغتربين من تحويل أموالهم إلى لبنان، ولكن لا شيء سيمنعهم من تحويل أموالهم إلى بلد ثالث كأي بلد أوروبي مثل قبرص أو أفريقي ثم إلى لبنان، بمعنى أن التحويلات لا يمكن أن تتوقف وإنما قد تتأثر بشكل طفيف".

ويبقى الجانب الأكثر أهمية بالنسبة إلى القطاع المصرفي اللبناني تعويله على ارتفاع نسب التحويلات المالية في الفترة المقبلة. وهو الأمر المتوقع نظراً إلى ارتفاع نسب الفوائد أخيراً. وهنا، يؤكد عواد أن لبنان عوّض في الأسابيع القليلة الماضية الأموال التي خسرها خلال الأيام الأولى التي تلت استقالة الحريري.

ففي مرحلة الأزمة الحكومية تراجعت التحويلات المالية الصافية بنسبة 1.25% من مجمل التحويلات (احتساب التحويلات الواردة وحسم التحويلات الخارجة من لبنان)، أي ما يقدر بنحو مليار و800 مليون دولار. ولكن تلك التحويلات الهاربة بدأت العودة، وفق تأكيد عواد، ومن المتوقع أن يدخل إلى القطاع المصرفي خلال الشهر الجاري ما يفوق الأرقام المسجلة قبل الازمة، لاسيما بعد رفع الفوائد. ومن المرتقب أن تسجل التحويلات المالية 8 مليارات دولار في نهاية العام 2017.

وأكد مصدر مصرفي لـ"المدن" ارتفاعاً ملموساً في التحويلات المالية من دول أوروبية في الأيام القليلة الماضية، وبانتقال عدد من الحسابات المصرفية من دول أوروبية إلى لبنان، عازياً السبب إلى ارتفاع الفوائد على الودائع المحلية التي تعد جاذبة للأموال.