سوريا: رشى زراعية للأسر الموالية

مرشد النايف
الجمعة   2016/09/23
الزراعة الأسرية تشجع عمالة الأطفال (Getty)

في سابقة هي الأولى في القطاع الزراعي السوري، أعلنت وزارة الزراعة السورية عن توجه حكومي، وصفته بـ"الجدي جداً"، نحو "الزراعة الأسرية" في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بشكل كلي أو جزئي.

وتعتزم دمشق تقديم مداخل إنتاج (بذار خضار صيفي، سماد عضوي، معدات زراعية وعبوات بلاستيكية... الخ) تراوح قيمتها بين 180-150 ألف ليرة (350 دولاراً تقريباً) إلى نحو 5000 أسرة، على أن تكون "الأولوية لأسر الشهداء والجرحى التي تعيلها النساء"، على حد تعبير مسؤولة في الوزارة.

ولهذه الغاية التقى الوزير أحمد القادري عدداً من ممثلي المنظمات الدولية التي تعمل في مجال المساعدات الإنسانية العاجلة والمنح الإنتاجية الزراعية، لدعم الزراعة الأسرية التي "تلقى اهتماماً خاصاً من الحكومة وإمكانية دعمها من هذه المنظمات من طريق المنح الإنتاجية".

يهدف المشروع الذي بدأ تنفيذه حالياً في نحو 50 قرية إلى "زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي للأسر الريفية وتحسين الدخل والمستوى الغذائي"، وفق مديرة تنمية المرأة الريفية في وزارة الزراعة رائدة أيوب.

ويرى الخبير الزراعي يعرب سعيفان أن الزراعة الأسرية في حالها السورية يمكنها تأمين شراء دجاج أو طيور داجنة وتربيتها، أو شراء ماعز شامي، عدد 2 أو 3 رؤوس من الغنم أو ثلاث خلايا نحل. أما زراعياً فلا يمكن للمبلغ المخصص أن يموّل نفقات زراعة مساحات واسعة من الأراضي، بل زراعة 3 دونمات بازلاء أو 5 دونمات قمح أو سقاية البساتين المثمرة فقط.

يضيف سعيفان في حديث إلى "المدن" أن المشروع برمته لا يمكنه تحقيق "وفر غذائي، لكن يمكنه أن يؤمن جانباً من مصروفات أي أسرة ريفية". ففي حال تم شراء 3 رؤوس ماعز، على سبيل المثال، سيكون الإنتاج تقريباً 3 كيلوغرامات حليب، ثمن نصفها سيذهب لشراء علف لتغذية الماعز، وسيبقى كيلو ونصف حليب للأسرة يومياً، إضافة إلى المواليد الجدد.

ووفق سعيفان فإن المشروع هو توفير لجزء من المصروفات لعدد قليل من الأسر المحتاجة، ولا يصل إلى مرحلة وفر الغذاء. وهو نوع من "الرشى للبيئات الموالية لنظام الأسد، يقوم بها تعزيزاً للعلاقة بينهما".

ويتعرض هذا النمط الزراعي لانتقادات، منها أنه نشاط يمزج بين الإنتاج والاستهلاك، ويحدّ من قدرة الأسر على التعامل مع حوافز السوق. كما أنه مجال "خصب" لنمو عمالة الأطفال، فنحو 60% من الأطفال العاملين في شتى أنحاء العالم يعملون في القطاع الزراعي، وأغلبهم في سياق الإنتاج الأسري، أو المزارع الأسرية، وفق منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة (فاو).

وتوجه "فاو" بشكل متواتر دعوات للعمل على "زيادة التمويل الموجّه إلى مساعدة المزارعين السوريين على حماية إنتاجية أراضيهم والحيلولة دون مزيد من تدهور الأوضاع". لكن بعد 5 سنوات من الحرب خرجت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية عن الدورة الزراعية، وهبط الإنتاج الزراعي، وتقلصت الإمدادات الغذائية إلى أدنى مستوياتها. ما دفع بنحو 9 ملايين سوري يعيشون داخل البلاد إلى براثن الجوع.

وكان المدير العام لـ"فاو" جوزيه غرازيانو دا سيلفا قد لفت في وقت سابق إلى أن "أكثر من نصف السوريين المتبقين في البلاد يعانون انعدام الأمن الغذائي، بينما يعجز واحد من كل 3 أشخاص عن تأمين المواد الغذائية الأساسية لأنفسهم".