2016 "العام الأسود" اقتصادياً

عزة الحاج حسن
الأحد   2016/12/18
أحدث الاستفتاء على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي عاصفة في أسواق المال العالمية (Getty)
تلقى العالم خلال العام 2016 العديد من الصدمات الإقتصادية والسياسية ذات الأثر السلبي اقتصادياً. بعضها أدخل تغييرات جذرية على اقتصادات دول العالم، وبعضها الآخر شكّل هاجساً لا يُعتقد أن تنحسر مفاعيله خلال العام المقبل.

ونظراً الى أن غالبية المحطات الإقتصادية العابرة للدول خلال العام 2016 أحيطت بالقلق وترافقت مع أزمات مالية أو هزات اقتصادية في أحسن الأحوال، أطلق محللون على العام 2016 تسمية "العام الأسود"، فما هي أبرز المحطات الإقتصادية العالمية التي مر بها العام 2016؟ 

 

1- وثائق بنما
في شهر نيسان/ أبريل من العام 2016 سُرّبت إلى العلن مجموعة من الوثائق السرية تعود إلى شركة "موساك فونسيكا" البنمية، تتضمن نحو 11.5 مليون وثيقة، تظهر قيام عدد من نجوم السياسة والفن والرياضة بإيداع أموالهم في ملاذات مصرفية آمنة عبر شركة "موساك فونسيكا". ووُصفت عملية التسريب تلك بـ"التسريبات الأكبر في العالم" وأطلق عليها مصطلح "وثائق بنما".


وكشفت الوثائق عن تورط 143 سياسياً بأعمال غير قانونية مثل التهرب الضريبي، وتبييض أموال عبر شركات عابرة للحدود، بينهم 12 من قادة العالم الحاليين والسابقين. وكُشفت مستندات توثّق تحويلات بنكيّة سرية مع شركات وهمية بقيمة 2 مليار دولار، ووثائق لـ33 من الشخصيات والشركات الذين تضعهم الولايات المتحدة في اللائحة السوداء.

وقد فتحت وثائق بنما الباب على قضية التهرّب الضريبي في العالم وتبييض الأموال والجنات الضريبية. ما عزّز العبور إلى قوانين عالمية تضبط إلى حد كبير عمليات التهرب الضريبي وتبييض الأموال والمقصود هنا قانوني فاتكا وغاتكا.

 

2- فاتكا وغاتكا
أنتج العام 2016 قانونين عالميين عابرين للحدود، Fatca وGatca، كانا كفيلين بإدخال العالم بأكمله في مرحلة جديدة من العولمة المصرفية، ضاربين عرض الحائط مفهوم الخصوصية أو السرية المصرفية للدول.

وقد وُضع قانون فاتكا Foreign Account Tax Compliance (وهو قانون الإمتثال الضريبي على حسابات الأميركيين الخارجية)، ثم قانون غاتكا Global Account Tax Compliance (وهو قانون الإمتثال الضريبي على الحسابات العالمية (والأوروبية خصوصاً)، بهدف مواجهة التهرب الضريبي عبر إخضاع الأشخاص الموجودين خارج حدود بلادهم للقوانين الضرائبية، وهو ما يُعرف بالإمتثال الضريبي والإبلاغ عن الأصول المالية. وقد أحدث القانونان تغييرات وتعديلات جذرية لدى كثير من دول العالم على مستوى أنظمتها المالية والمصرفية، وعرّضا المتحفظين عليهما أو المتأخرين في تطبيقهما من الدول أو الشركات أو الأفراد لمخاطر العقوبات والعزلة المالية.

 

3- بريكسيت
في شهر حزيران/ يونيو من العام 2016 شارك البريطانيون باستفتاء تاريخي في شأن عضوية البلاد فى الاتحاد الأوروبي. وأيد منهم نحو 51.9% خروج بريطانيا من الاتحاد. ما أحدث عاصفة في أسواق المال العالمية، وعرّض العملة البريطانية لخطر فقدان الثقة.

ولم تقتصر العاصفة المالية التي أحدثها الاستفتاء على أسواق المال العالمية، بدءاً من أوروبا مروراً بالولايات المتحدة الأميركية وصولاً إلى الصين واليابان وأسواق النفط التي تكبدت جميعها خسائر كبيرة، بل طغت العاصفة أيضاً على العلاقات التي تربط بريطانيا بالدول الأوروبية وبقية دول العالم.

 

4- انتخاب ترامب
في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 انتخب الأميركيون دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية. وشكّل ذلك صدمة قوية للعالم عموماً ولأسواق المال الأميركية خصوصاً، التي تكبّدت خسائر بملايين الدولارات فور إعلان فوزه بالانتخابات.

وأخذت غالبية التوقعات والتحليلات لمستقبل اقتصاد الولايات المتحدة منحى تشاؤمياً، نظراً إلى العشوائية التي اتسمت بها خطة ترامب الإقتصادية. فذهب محللون كثر إلى احتمال انكماش الإقتصاد الأميركي بنحو تريليون دولار بعد انتهاء ولاية ترامب، إضافة إلى احتمال زيادة حجم الدين العام الأميركي خلال عهده.

 

5- أول اتفاق نفطي
شهد العام 2016 في شهر كانون الأول/ ديسمبر أول اتفاق نفطي عالمي منذ عام 2001. فقد توصل منتجو النفط من داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وخارجها، إلى اتفاق مشترك لتقييد إنتاج الخام وتخفيف تخمة المعروض في الأسواق بعد استمرار تدني الأسعار على مدى أكثر من عامين. وهو الأمر الذي شكل ضغوطاً على ميزانيات كثير من الدول وأثار اضطرابات في بعضها.

 

6- دوتشيه بنك
تعرّض دويتشه بنك، أكبر مصرف في ألمانيا، خلال العام 2016 لخطر الإنهيار، لأسباب تتعلّق بتراكم مشاكل إدارية وتشغيلية وتنظيمية، تكلّفه معالجتها مليارات الدولارات. ما أثار الرعب على مستوى العالم، من تعرّض الإقتصاد الألماني لضربة مصرفية، ربما تعيد سيناريو الأزمة المالية للعام 2008.

والأمر الذي رفع حدة القلق العالمي هو تحذير صندوق النقد الدولي من أن انهيار دويتشه بنك، الذي يبلغ حجم ميزانيته العمومية تريليوني دولار أي ما يفوق نصف حجم الإقتصاد الألماني، ربما يشكّل الخطر الأكبر على النظام المصرفي العالمي.