سياحة لبنان.. "ستاتيكو" بإنتظار "رضى" الخليجيين

خضر حسان
الإثنين   2015/06/15
قد يعطي المغتربون اللبنانيون بعض الدفع لمؤشرات السياحة اللبنانية (getty)

غالباً ما يُشار إلى كثرة الحركة التي لا تُثمر نتائج إيجابية، على انها "كلام في الطاحون". هكذا حال السياحة في لبنان، وخصوصاً السياحة الصيفية، حيث تأمل المؤسسات السياحية كل عام ان يكون الوضع أفضل من الأيام الخوالي، لكن عبثاً تأمل، لأن انتعاش السياحة مرتبط بالسياسة، والسياسة تحافظ على "الستاتيكو السلبي".

يستند الحديث النظري عن الواقع السياحي الى إرتفاع بسيط لبعض المؤشرات، يوصف على اثرها الواقع بأنه يتحسّن. لكن التدقيق بمعنى الأرقام الواردة، لا يشي الا ببعض التغيرات الشكلية. فتسجيل حركة مطار بيروت إرتفاعاً في عدد المسافرين بنسبة 7% لشهر أيار المنصرم، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لا يعني طي صفحة الركود السياحي. وما إرتفاع حركة المسافرين سوى تعداد لأرقام لا تعني سياحياً شيئاً. فالمسافرون ليسوا جميعهم سيّاحاً، والسيّاح منهم لا يستوون في المنطق الإقتصادي، إذ ان في العين الإقتصادية يصحّ القول بأن هناك "سيّاح بسمنة وسيّاح بزيت"، فالنظرة للسياح الخليجيين، وبخاصة السعوديين، تختلف عن النظرة للسياح العراقيين أو الأردنيين وغيرهم، لأن كلمة السر للموسم السياحي اللبناني يملكها السعوديون، وبرز ذلك بوضوح في العام الماضي لدى إعلان دول الخليج "مقاطعة" لبنان سياحياً.

ستة أشهر من عمر السنة الحالية لم تسجّل سوى "بين 3 الى 4 في المئة تحسناً"، في حركة الحجوزات، على حد تعبير رئيس نقابة وكلاء السياحة والسفر جان عبود. لكن التحسن المشار إليه لا يعوّض سلبية الإنتكاسات المتراكمة للقطاع السياحي، إذ يشير عبود لـ"المدن" الى ان العراقيين يحتلون المرتبة الأولى على قائمة السياح الأكثر تواجداً في لبنان، يليهم الأردنيون، لكنهم "لا يصرفون كما يصرف السعوديون"، وبالرغم من أن الموسم السياحي الصيفي ما يزال في بدايته، إلا أنه لا يمكن التكهّن بنتائجه النهائية، إلاّ ان التجربة السابقة، و"ملاحظة سوق قطع التذاكر على مدى الأشهر الخمسة أو الستة الماضية" لا تقدّم أي جديد. أمّا الأنظار، فتتجه نحو نسبة اللبنانيين المغتربين الذين قد يقضون الصيف في لبنان، في حال استمر الوضع الأمني هادئاً.

سوق التذاكر تُعدّ مؤشراً أساسياً لحركة السياحة، وكذلك نسبة الحجوزات في الفنادق. والمؤشر الأخير لم تتّضح معالمه بعد، فتزامن قدوم شهر رمضان مع بداية موسم الصيف يُشيع جوّاً من "الركود"، وفق تعبير رئيس إتحاد نقابات أصحاب الفنادق بيار الأشقر. فأغلب السياح العرب هم من المسلمين، وهؤلاء يفضّلون تمضية هذا الشهر في بلادهم. ولا يختلف الأشقر وعبود حول عدم تقديم السياح غير الخليجيين لأي نقلة نوعية في المجال السياحي، فحجوزات الفنادق كما يقول الأشقر لـ"المدن"، شهدت تحسناً، نظراً "لقدوم أعداد كبيرة من الوافدين الى لبنان، لكن لم نشهد إقامات طويلة في الفنادق. فمتوسط الإقامة 3 أيام، في حين ان متوسط الإقامة لدى الخليجيين كانت 10 أيام، وإنفاق الخليجيين أضعاف ما ينفقه العراقيون والمصريون وغيرهم"، ويتابع الأشقر، "يمكن النظر الى هذا الفارق حتى في حجوزات السيارات، فالسائح السعودي يستأجر سيارة فخمة مع سائق، في حين ان بقية السياح يستأجرون سيارات عادية وبلا سائقين".
أمّا مردّ هذا الوضع، فيعود بحسب الأشقر الى "إرتباط السياحة بالسياسة، فالخطابات الأخيرة ضد السعودية ودول الخليج لا تُطمئن. والمطلوب إنتخاب رئيس للجمهورية لأن إنتخابه يعني إتفاقاً على تهدئة الأوضاع".

في جميع الأحوال، ينتظر اللبنانيون كثيراً، ليس فقط لمعرفة وجهة سير الموسم السياحي، بل لمعرفة وجهة سير البلاد عموماً، فكل ما قدّمته الأشهر الماضية، وحتى السنوات الأربع المنصرمة (على أقل تقدير) مأساوي. وتدل الأرقام المنشورة على موقع وزارة السياحة على التراجع الكبير لنسبة السياح بين العامين 2014 و2013، حيث سجل المعدل العام للسياح في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2014 تراجعاً بنسبة 21.50 في المئة، إذ بلغ عدد السياح 83361 في شهر آذار 2014، في حين وصل العدد في الفترة نفسها من العام 2013 الى 106192 سائحاً.
ويبقى السؤال في ظل هذا الجمود، هل سيعلن الخليجيون تحييد السياسة عن السياحة، أم ان المسار والمصير بين القطاعين واحد، وبالتالي سيبقى الوضع كما هو إلى حين إعلان "الرضى"؟