أيلول السوريين: كابوس المونة واللوازم المدرسية

مروان أبو خالد
الأربعاء   2014/08/27
زادت أسعار اللوازم المدرسية بمقدار 200% وسطياً ( ا ف ب)


يستقبل السوريون شهر أيلول ككابوس حقيقي، إذ أنه "يزيد الطين بلة" بالنسبة لسوء الأحوال المعيشية نظراً للتكاليف الإضافية التي يحملها هذا الشهر، لكونه يشهد بدء العام الدراسي الجديد وسط ارتفاع أسعار اللوازم المدرسية إضافة لتكاليف إعداد مونة الشتاء. فتكاليف المونة واللوازم الدراسية ستشكل عبئاً إضافياً على السوريين وستزيد من إنفاق الأسرة السورية الشهري الذي ارتفع إلى ما لا يقل عن 90 ألف ليرة (529 دولارا عند سعر صرف 170) بعدما كان الانفاق الشهري يقارب 30 ألف ليرة (176 دولارا تقريباً) عام 2010 وفقاً للأرقام الحكومية.


وبالنظر لأسعار اللوازم المدرسية فإن تكلفة تجهيز الطالب الواحد لا تقل عن 10 ألاف ليرة (58.8 دولارا)، وبأخذ عينة من الأسعار يتبين أنها زادت بمقدار 200% وسطياً، إذ تراوح سعر الحقائب المدرسية بين 1500 و5000 ليرة (8.8 و29.4 دولارا)، وسعر دفتر 100 ورقة 175 ليرة (قرابة دولار واحد)، والدفتر 200 ورقة يصل إلى 400 ليرة (2.35 دولارا)، والأقلام يصل سعر الأنواع الممتازة منها إلى 550 ليرة (3.2 دولارا)، وعلب التلوين الخشب تصل إلى 500 ليرة (3.2 دولارا) للعلبة التي تضم 24 لونا، أما أغلفة الدفاتر فتصل إلى 125 ليرة للمتر الواحد (0.7 دولارا)، وعلب الأدوات الهندسية يتراوح سعرها ما بين 125 و800 ليرة (0.7 و4.7 دولارا).


وإذا كانت ظروف الحرب والنزوح وتضرر 5 ألاف مدرسة جزئياً وكلياً جعلت من 40% من أطفال سورية يتركون تعليمهم في العام الدراسي الماضي، فإن ارتفاع أسعار اللوازم المدرسية وتعمق سوء الأحوال المعيشية في ظل استمرار الحرب سيدفع نحو ارتفاع هذه النسبة أكثر خلال الموسم الدراسي المقبل. لا سيما أن كثيراً من الأسر باتت تعتمد على تشغيل أبنائها لتأمين قوتهم اليومي، فبرغم مخاطر الحرب والقصف تزخر شوارع دمشق بالأطفال الذين يعملون بمسح السيارات أو بيع المحارم والبسكويت وغيرها على إشارات المرور، ناهيك عن استغلالهم في أعمال البناء والحدادة وغيرها بأجور منخفضة. وليس حال الأطفال السوريين بدول الجوار بالأفضل، فالعديد من التقارير تحدثت عن قرابة 50 ألف طفل سوري يعملون في لبنان، و60 ألف طفل سوري يعملون في الأردن، إذ أنّ سوء المعيشة في كلا البلدين دفعتهم إلى سوق العمل باكراً على حساب إكمال تعليمهم.


أما بخصوص المونة فلا تزيد نسبة السوريين الذين ما زالوا يعدون مونة الشتاء عن 10% حسب مصادر الأسواق. وفي حين اكتفى البعض بإعداد كميات قليلة جداً تناسب دخولهم المتآكلة، فإن الغلاء الفاحش قد منع أعدادا كبيرة من الأسر السورية، مع دخول أكثر من 80% من السوريين في دائرة الفقر، من مجرد التفكير بإعداد المونة، وبالنظر إلى أسعار الأسواق فسعر كيلو الملوخية يزيد عن 300 ليرة (1.7 دولارا)، ولا يقل سعر كيلو زيت الزيتون عن 750 ليرة (4.4 دولارا)، دبس الفليفلة 600 ليرة للكيلو (3.5 دولارا)، كيلو الثوم 350 ليرة (دولاران تقريباً)، وكيلو ورق العنب 400 ليرة (2.3 دولارا)، سعر كيلو السمنة النباتية 450 ليرة (2.6 دولارا) للصنف منخفض الجودة، سعر كيلو الفاصولياء ما بين 150 و350 ليرة (0.8 و2 دولارا) تبعاً لأصنافها، والبامية 350 ليرة للكيلو (دولاران). وليس حال مربيات الشتاء بالأفضل، فالأسواق تشهد فقداناً تاماً لها، لتقتصر عملية المتاجرة بها على الفلاحين في الأرياف والذين يعدونها في منازلهم ويبيعونها مباشرة للمواطنين، ولهذا تشهد أسعار المربيات والفواكه المجففة اختلافاً كبيراً بين المناطق ووسطياً فإن سعر كيلو دبس العنب لا يقل عن 700 ليرة الآن (4 دولارات تقريباً)، والزبيب والتين المجفف لا يقل سعر الكيلو لكل منهما عن 300 ليرة (1.7 دولارا).

وأما المكدوس الذي يعتبر عماد بيت المونة للأسر السورية فإن إعداده هذا العام يحتاج لمعجزة بعد ارتفاع أسعار الباذنجان والفليفلة والجوز بمعدلات كبيرة جعلت تكلفة الحد الأدنى للكيلو لا تقل عن 700 ليرة (4 دولارات) وسطياً، وأكثر من ذلك حسب جودة المكونات.
ولا تبدو معادلة السوريين المعيشية اليوم قائمة على الاختيار بين المونة وتكاليف التعليم. فتكاليف كل منهما تبدو مرتفعة للغاية في ظل الأوضاع الكارثية المعيشية التي يواجهها السوريون، ولا سيما أن سوريا باتت من ضمن أسوء 10 دول في نسب الفقر والبطالة ومعدل الالتحاق المدرسي وفق التقرير الذي إصدره "المركز السوري لبحوث السياسات"، مؤخراً.