عزالدين شكري لـ"المدن": روايات الجريمة قد تعرّي خراباً أكبر

أسامة فاروق
الثلاثاء   2023/04/04
الرواية ليست لعبة فيديو كل فقرة فيها تلقي إليك بتحدٍ جديد
عقب صدور رواية عزالدين شكري فشير السابقة، "حكاية فرح"، التي تحمل طابعاً اجتماعياً، سألته إن كان يعتبرها خروجاً على الخط السياسي الذي رسمه لنفسه منذ روايته الأولى "مقتل فخر الدين" حتى "باب الخروج" و"كل هذا الهراء"، الأعمال التي قدمت الثورة المصرية وتابعت مساراتها، فقال إنه يكتب فقط ما يلح عليه بالطريقة التي يراها مناسبة، بلا برنامج ذهني أو مشروعات لبناء مسار مهني. والأهم أنه لا يرى في الموضوعات الاجتماعية اختلافاً عما قدمه في أعماله السابقة المحمّلة بحمولات سياسية، خصوصاً أنها جميعاً تدور حول معاناة شخصيات مع وجودهم والسياق الذي يعيشون فيه، وهي بالتالي تتّسع لقضايا عديدة وأشكال مختلفة من العلاقات الإنسانية وصراعتها.

يعزّز اختيارات شكري لموضوعاته إيمانه بأن العالم مليء بالقبح، وبالمعاناة، وبدرجات متفاوتة من الانحطاط الإنساني الذي يعكس نفسه على المستوى الشخصي والعام، كما أنه مليء أيضاً بالجمال، وبالبهجة، وبدرجات متفاوتة من النبل الذي يسمو بأصحابه إلى درجات عليا من الإنسانية. والموضوعات التي تجتذبه كلها لها علاقة بصراع الفرد مع الجانبين. لكنه يؤمن أيضاً بأن النص، منذ لحظة خروجه للمجال العام، يصبح ملكاً لقارئه ولا يصح له ككاتب البوح بما يراه "قضية الرواية"، وفي مقابل حقوق الملكية التي يكتسبها القارئ، يرى أن عليه مسؤولية أيضاً، وهي أن يفكّر قليلاً ولا يكتفي بالمستوى الأوضح للرواية – أي الحكاية.

من هذا المنطلق تجدر قراءة رواية شكري الجديدة "جريمة في الجامعة" الصادرة حديثًا عن دار الشروق. ليس فقط باعتبارها رواية بوليسية مُحكمة تدور حول التحقيق في جريمة قتل الدكتورة يارا رفقي، أستاذة الدراسات الثقافية في الجامعة الأميركية، لكن بالبحث أيضاً والتفكير قليلاً في ما وراء تلك الحكاية وتفاصيلها وتعقيداتها، في حكايات أو جرائم أخرى أعمق تتكشّف تدريجياً مع كل فصل جديد، عن الفساد والخراب متعدّد المستويات الذي يضرب بجذوره في أخطر المؤسسات وأكثرها تأثيراً، ليرى القارئ كيف تتكسّر الطبقة الخارجية التي تخفي تحتها العفن المستور في عوالم اقترب منها المؤلف وغاص في تفاصيلها الدقيقة وأعماقها.
هنا يتحدث عز الدين شكري لـ"المدن" عن الرواية بالتفصيل…

- تقول إنك تكتب ما يلح عليك بلا برنامج ذهني أو مشروعات لبناء مسار مهني. متى ألحت عليك "جريمة في الجامعة"، وما الوقت الذي استغرقته في كتابتها؟

* فكرة الرواية راودتني منذ كنت أعمل في التدريس في الجامعة الأميركية بالقاهرة، بين 2011 و2014. فكرة القصة الأساسية والمكان الذي تدور فيه، يأتيان إلى ذهني عادة كتعبير عن شيء آخر تماماً يتجاوز القصة ومكانها. كأنهما مجرد أوعية لأفكار ومواقف وصراعات أخرى أريد التعبير عنها. عند هذا الحد تكون تلك الفكرة مجرّد نواة، ليست حتى مشروع رواية. وقد تظل كذلك إلى الأبد. لدي من هذه الأفكار المبدئية الكثير جداً، مكتوبة في صفحة أو اثنتين على تيلفون أو كومبيوتر أو ملقاة في ملف بدرج ما. تظل هكذا حتى يحدث ما يستدعيها، وعندها إما تتطور لتصبح مشروع رواية أو تموت. وكي تصبح مشروع رواية يجب على القصة أن تصعد لتحتل الصدارة، بتفاصيلها وأحداثها وشخصياتها ومكانها، وتتوارى خلفها الأفكار والصراعات التي كانت فكرة القصة تعبيراً عنها. الكتابة هي عملية الغرق في تفاصيل القصة وإحكام تفاصيلها كي تستقل بذاتها. أحد معايير اكتمال الكتابة هو اكتمال هذا الاستقلال، بحيث يمكن قراءة الرواية باعتبارها مجرد قصة عن تحقيق في جريمة، أو عن امرأة تترك حبيبها، أو غير ذلك من القصص.
ولا يتبقى من الأفكار التي خلقت القصة سوى ظلال، يراها القارئ أو لا يراها – وإن رآها يعطيها أشكالاً تتفق وخياله لا بالضرورة الشكل الذي ارتآه الكاتب. تحويل "جريمة في الجامعة الأميركية" من نواة إلى رواية استغرق ما يقارب العام.

- من "مقتل فخر الدين" إلى مقتل يارا في "جريمة في الجامعة" وما بينهما، تأكيد على أن "الحبكة البوليسية" ليست بجديدة عليك، قدمتها من قبل مرات عديدة بأشكال مختلفة، لكنها ربما محصورة هذه المرة ومحدّدة في مكان واحد. على أي أساس تختار التقنية أو الشكل الفني وإلى أي حد يساهم الموضوع في تحديد هذه المسألة؟

* لا أرى حبكة بوليسية في "مقتل فخرالدين"؛ فالتحقيق ليس تحقيقاً بالمعنى الواقعي المعروف، والجريمة ليست جريمة بالمعنى القانوني، بل هناك شك في وقوعها. هي إذاً أقرب لنموذج "سرد أحداث موت معلن" مما هي لنموذج "جريمة على النيل". "جريمة في الجامعة الأميركية" تتضمن تحقيقاً بوليسياً يحاكي الواقع، وفيها جريمة وفقاً للوصف القانوني - بجثة ومشرحة وتقرير طبيب شرعي وخلافه، ومن ثم يمكن تصنيفها باعتبارها رواية بوليسية - الأولى في حالتي. التقنية والشكل الفني يتبعان القصة، ولا أختارهما متعمداً. يعني لا أجلس وأفكر في أني أريد كتابة رواية بوليسية المرة المقبلة، أو رواية سياسية، أو اللجوء لرواية أصوات متعدّدة أو استخدام مذكرات وخطابات. كل هذه الاختيارات تأتي لاحقة على النواة التي حدثتك عنها. وهي تنبع من هذه النواة ويجب أن تتسق معها. وبالطبع لا شكل واحداً لكل حكاية، فالحكاية نفسها يمكن سردها بأشكال متعددة، لكني أجد أن اختيار شكل السرد – أو ما يسمى التقنيات - جزء من جمال الرواية. فالشكل الفني للحكاية، طريقة الحكاية وتسلسلها وأصواتها، يلعب دوراً أساسياً في تحديد مصير هذا الجمال. قد يجعل الرواية مشوّقة، ذكية، مدهشة، مثيرة للاهتمام، أو مملة رتيبة، يتنبأ القارئ بتفاصيلها قبل وقوعها.

- إذا قلنا إن فكرة الرواية أو سؤالها الأساسي أو من ضمن أسئلتها: فساد التعليم. فكيف رأيت أن الشكل البوليسي هو الأنسب لطرح هذه القضية؟

* القتل، أي الموت الناتج عن تدخل إنساني، والبحث في أسباب هذا الموت وهوية المتسبب فيه ودوافعه، وفكرة العدالة نفسها وإمكانية تحقيقها، والصراعات التي تدور حول كل ذلك، المال والنفوذ والبراءة والتورط، كلها تشكل سياقاً مناسباً لمناقشة الفساد – سواء كان فساد التعليم أو الفساد بمعناه العام - أي بمعنى التحلل، التلوث، التمرغ في "الأرض الخراب". جريمة قتل متورط فيها، أو يمكن أن يكون متورطاً فيها، عدد كبير من المحيطين بالقتيل – بمن فيهم الشخص الذي يحقق في الجريمة - تبدو سياقاً مناسباً جداً لمناقشة فكرة "الأرض الخراب" هذه.

- رغم الشعبية الكبيرة للأدب البوليسي -والمترجم على وجه الخصوص- في عالمنا العربي إلا أن النظرة له ربما تكون أقلّ من الأنواع الأخرى. هل تخشى حصر الرواية في هذه المنطقة؟

* أنا أكتب روايات لأني أريد التعبير عن أشياء تشغلني وأظن أنها تشغل آخرين؛ أفكار ومشاعر إزاء مواقف وصراعات ومآسٍ تواجه البشر. أحياناً التعبير عن هذه الأشياء يأخذ طابعاً سياسياً، أحياناً يأخذ طابعاً عاطفيا، أحياناً يأخذ طابعاً اجتماعياً، وفي هذه الرواية أخذ طابعاً بوليسياً. في كل مرة، أخشى على الرواية من حصرها في "الطابع" الذي يعطيها شكلها وعدم الالتفات لبقية عناصرها. لكن الله غالب؛ الكاتب يخاف والقارئ يرى ما يريد.

- في تصوري أن هذا النوع من الكتابات لا يتطور مع الوقت بالشكل التقليدي، بالتأكيد كان لديك تصور كامل -أو شبه كامل- لما ستؤول له الأحداث قبل البدء في الكتابة، على الأقل حبكة النهاية. هل هذا صحيح؟

* في خبرتي الشخصية – وهي غير ملزمة لغيري كما يقول "أنديل" – تتطور الرواية دائماً أثناء الكتابة، مهما كانت مخططة من البداية. و"جريمة في الجامعة الأميركية" ليست استثناء، بما فيها النهاية، سواء ما يتعلّق بهوية القاتل أو بردّ فعل الضابط على تعقّد المشكلة التي يحاول حلها. ولو فكرت في المسألة تجد أن هذين الأمرين يمكن أن يختلفا بشكل جذري؛ يمكن أن يكون القاتل هذا الشخص وليس ذاك، وأن يكون هذا الشخص مذنباً فعلاً كما يتهمه خصومه وليس بالبراءة التي تبدو عليه. هل هناك فارق ضخم بين هذا أو ذاك؟ أم أن كل اختيار من الاثنين يوضح الفكرة بشكل مختلف؟

هناك أيضاً أحداث تطورت لأن الفكرة نفسها تطورت أثناء الكتابة – الفكرة أو الأفكار التي ولدت الرواية. بدأت بتصور وانتهيت بتصور مغاير لأني اكتشفت أثناء الكتابة موضوع الرواية بشكل أوضح مما كان في ذهني عندما بدأت. وهذا ليس بجديد علي؛ في كل رواياتي السابقة حدث الشيء نفسه.

- تكتب في الفصل الأول ما يشبه التقديم لكل الأبطال بملامح عامة عن كل منهم، ثم استطراد طويل كإطار عام لما يواجهونه داخل الجامعة. كقارئ، أقول إنه أعطى انطباعاً مخادعاً عما تطورت إليه الرواية بعد ذلك، وأنه ربما يتسبب في فقدان قارئ متعجل. بشكل شخصي كنت أفضل أن تبدأ الرواية بحادث القتل ثم يمكن تمرير كل هذا في فصول لاحقة. بالتأكيد فكرت في هذا، فعلى ماذا راهنت هنا؟ كيف بنيت هذا الجزء على أي حال؟

* الحقيقة أن أي رواية يمكن كتابتها بأشكال متعددة وبتسلسل مختلف. وكل اختيار قد يتسبب في مضايقة قراء، بينال رضا آخرين. لكن إن كان القارئ يمسك بيده برواية عنوانها يتضمن جريمة، والتنويه في غلافها يشير لقتل شخصية بعينها، ولتحقيق في هذه الجريمة، وبعد كل هذه الإعلانات يشعر بالملل من ثلاثين صفحة تتناول مسرح الجريمة والشخصيات الضالعة في الأحداث – وهي كلها شخصيات حياتها مثيرة بأشكال مختلفة - فليس باستطاعتي الحفاظ على هذا القارئ. الرواية ليست لعبة فيديو كل فقرة فيها تلقي إليك بتحدٍ جديد: الرواية نص، سرد، بعضه هادئ وبعضه سريع، بعضه متخم بالأحداث وبعضه بالوصف والمشاعر. 

ولا أخفي أني فعلًا فكرت في البداية بجريمة القتل والحديث عن الشخصيات بعد ذلك في سياق التحقيق. وفعلت ذلك على سبيل التجربة، لكن المشكلة في هذا الاختيار أنك حين تبدأ بحادث عال في الإثارة – مثل جريمة القتل – لا تستطيع أن تعود لتحكي حكايات أقل إثارة – مثل عصر يوم خميس هادئ في ساحة الجامعة. ساعتها يبدو النص أكثر مللاً بكثير. مثلما تبدأ طعامك بالحلويات ثم تأكل الخضار. أظن أن الإبقاء على اهتمام القارئ – خصوصاً القارئ العجول المعتاد على ألعاب الفيديو – يحتاج إلى نص تعلو فيه الإثارة، لا تقلّ. في كل حال، كما قلت في بداية حوارنا، هذه اختيارات، قد يحبها البعض ويكرها البعض الآخر.

- المواجهة، أو الحضور، أو فلنقل "الدور الأميركي"، خط أساس في كل أعمالك. دورها في الحروب العربية كما جاء في "مقتل فخر الدين"، الفساد أو العفن أو الإفساد السياسي في "أسفار الفراعين" و"غرفة العناية المركزة"، دورها في أفغانستان والمنطقة بالكامل في "أبوعمر المصري"، ومصر تحديداً في "باب الخروج" و"كل هذا الهراء"، حتى نصل للمواجهة الصريحة في "عناق عند جسر بروكلين" والنتيجة النهائية بحتمية استمرار هذا "العناق المميت". أخيراً تأتي "جريمة في الجامعة" كشكل آخر من أشكال هذه المواجهة الدائمة والمستمرة والحتمية، لذا فإن اختيار الجامعة الأميركية كمسرح للجريمة لم يكن اختياراً عشوائياً. إلى أي حد تصح هذه الرؤية؟

* الحضور الأميركي، أو "الغربي" عموماً، جزء من الواقع العربي، ليس خارجا عنه -يجب أن نضع "الغربي" بين علامتي تنصيص لأني غير مرتاح للتسمية، لكن هذه قضية أخرى ليس هنا محل شرحها. هناك تداخل وتماثل ومواجهات وأثر مرايا مستمر بين الجانبين، حتى إنه يصعب الحديث عن جانبين كأنهما مستقلان عن بعضهما البعض. إذا نظرت لأي قضية من قضايا مصر أو العالم العربي عموماً، ستجد فيها مكوّناً "غربياً"، يلعب دوراً أساسياً – أحياناً كصراع وأحياناً لا، وغالباً الأمران معاً. ومن ثم، حين أكتب رواية تدور في الواقع المصري فإن هذه المكونات الغربية لا بدّ أن تظهر. حين أكتب عن مصريين في المهجر؛ أين سيكونون؟ حين أكتب عن حروب في المنطقة – من حرب الكويت في "مقتل فخرالدين" إلى "الحرب على الإرهاب" في "أبوعمر المصري" و"عناق عند جسر بروكلين"، فمن أطرافها؟ حين أكتب عن الهوية وصراعاتها، فما أطراف هذا الصراع؟ تعريف الهوية المصرية أو العربية نفسها لا يمكن فهمه من دون فهم علاقته بالهويات التي يحاول التمايز عنها، خصوصاً الهويات "الغربية". الواقع المصري، العربي عموماً، لا يمكن فهمه جيداً بمعزل عن أبعاده الدولية، لا سيما علاقاته المتشعّبة بالمجتمعات والدول "الغربية". في حالة روايتنا هذه، فإن الجامعة الأميركية تشكل مسرحاً مناسباً جداً للأحداث، لأنها ليست جامعة أجنبية تماماً ولا مصرية خالصة، بل هي خليط من هذا وذاك، سواء في أسس إدارتها أو في هوية العاملين فيها أو في رسالتها التي تحاول الاضطلاع بها. ومن ثم تضع إطاراً يسمح بتناول هذه الأبعاد في تفاصيل الرواية – بتداخلها وتماثلها ومواجهاتها – من دون إقحام.

- الإشارة للجامعات ككيانات لها أدوار أكبر من مجرد مبانٍ تعليمية، يتكرّر في أعمالك الأخرى وفي الرواية الأخيرة بشكل أوضح، هل هي كذلك فعلاً أو يجب أن تكون؟ ما الشكل الأمثل للجامعة من وجهة نظرك؟

* الجامعات كيانات محورية في المجتمعات الحديثة: فيها تنمو الأفكار وتتبلوّر ويتم تنقيحها ومناقشتها ودحضها وطرح غيرها، فيها تتعلّم الأجيال الجديدة معنى العقل والتفكير النقدي والمنهجي، وتتدرب على الحياة في مجتمع يزخر بالاختلاف ويحتفي به ويسعى للاستفادة منه، فيها يغذي الشباب الأحلام والمثل التي يسعون وراءها ويبحثون عن وسيلة لتطويع الواقع لها، باختصار الجامعات هي مراعي العقل والقيم والطموح والتجديد. لذا فإنّ خرابها يشبه "خراب الهيكل"؛ يفسد مخزون المجتمع من الأمور التي تعتمد عليها حياته. ومن هنا اختيارها مسرحا للأحداث في الرواية.

- في الأعمال كلها تقريباً، هناك دائماً تشتت بين البقاء في أميركا أو "النزول" لمصر. لماذا تتكرر دائماً هذه التيمة؟

* ربما التشتت – أو الحيرة – يخص العكس: البقاء في مصر أو الرحيل. وهذا سؤال حقيقي في حياة كل الناس الموزعين بين انتمائهم لمصر وكراهيتهم لظروف العيشة فيها. وهؤلاء ليسوا أقلية: لا تفكر فقط في الأغنياء أو أصحاب المهن المطلوبة خارج مصر، الذين يستطيعون مغادرتها بسهولة. فكر أيضاً في ملايين المصريين الذين سافروا للعمل في الخليج – مثل أبي – وظلوا طيلة حياتهم يسألون أنفسهم سؤال العودة والبقاء. فكر في فيلم "عودة مواطن". فكر في الذين يخاطرون بحياتهم وحياة أبنائهم على متن قوارب الهجرة غير الشرعية. كل هؤلاء، ومن يحبونهم وترتبط حياتهم بهم، يسألون هذا السؤال. هو أيضاً سؤال الاختيار بين الانغماس في الحياة الشخصية والتورط في أمور الحياة العامة. سؤال الاختيار بين البقاء في علاقة مهمة لك بكل ما تأتي به من امتلاء عاطفي ومن ألم، وبين الرحيل. كلنا نعيش هذه الأسئلة، طيلة الوقت، ليس فقط مروان وعمر ولقمان ونشأت.

- تعامَل الناشر مع الرواية بشكل مربك إلى حد ما، فلم يذكر اسم الجامعة الأميركية صراحة في ظهر الغلاف مع إنه موجود داخلها، حذف بعض الألفاظ وترك أخرى رغم تماثلها! هل لديك تفسير؟

* والله يُسأل في ذلك الناشر، "غالباً المحرر مخدش باله"، وهذا قد يكون من فضل الله.

- وصلت "حكاية فرح" للائحة الطويلة لجائزة البوكر. وهي المرة الثالثة التي تنافس فيها أعمالك على هذه الجائزة. كيف أصبحت تنظر لها؟ هل اختلفت رؤيتك الآن عن الترشح الأول؟

* أقدر دور الجائزة في الترويج للروايات العربية، ورأيي فيها هذا لم يتغير. ربما ما تغير هو توقع الفوز، الذي اختفى تقريباً!

- ما الذي تعمل عليه حالياً؟

* حالياً أضع اللمسات الأخيرة على كتاب غير روائي، عن "مشكلة مصر". وعندي مشروع رواية – لا مجرد نواة - تدور في القدس في سياق الصراع العربي الإسرائيلي، وكما ترى الاثنان قد لا يريان النور قريبا!