هادي زكاك يوثق تاريخ بيروت قبل الحرب بـ5 أفلام

المدن - ثقافة
الأحد   2022/06/12
افتتحت بيروت، عرضاً سينمائياً على هامش "مهرجان أيام بيروت السينمائية"، اختُزلت فيه مشاهد للعاصمة اللبنانية ما قبل الحرب في خمسة أفلام، أخذت لقطاتها من 50 عملاً سينمائياً. دُشّن المعرض السينمائي على بعد مئات الأمتار من مرفأ بيروت، وزيّنت صور قديمة للمدينة وملصقات لأفلام عُرضت على الشاشات المعرضَ تحت عنوان "اكتشاف بيروت ما قبل الحرب".
تتناول الأفلام الخمسة التي أعدّها المخرج هادي زكاك "ذاكرة المنطقة الممتدة من مرفأ بيروت وصولاً إلى الفنادق مروراً بوسط المدينة التجاري"، وفق بيان إعلامي للمعرض الذي يقام بالتعاون مع المؤسسة العربية للصورة وجهات أخرى، ويستمر إلى 22 حزيران/يونيو في "مركز مينا للصورة". وهذه المناطق شهدت جولات سياحة وحياة وجولات حرب وقتل واقتحام، كان تصدعها علامة على انفجار لبنان.

وقال زكاك (48 عاماً) لوكالة "فرانس برس" إن العمل الذي يتيح إعادة "اكتشاف بيروت ما قبل الحرب، بين عامي 1935 و1975، ليس من قبيل الحنين ولا التغني بالماضي بقدر ما هو حوار مستمر بين الماضي والحاضر"، موضحاً أنه أراد من خلاله أن يُظهر "أن ثمة الكثير من الإشارات، حتى في الماضي الجميل، إلى ما (جرى) في المستقبل".


واستند زكاك الذي عُرف بأفلامه الوثائقية و"يسعى إلى أن يوثق الذاكرة السينمائية اللبنانية"، بحسب البيان، إلى 50 فيلماً روائياً طويلاً لبنانياً وعربياً وأجنبياً، وأجرى توليفاً لمشاهد منها عن بيروت، بحسب الأمكنة التي تناولتها.

وأوضح المخرج الذي أصدر كتاباً عام 1997 عن تاريخ السينما اللبنانية وكتابا اخر عن ذاكرة طرابلس السينمائية أنه "من الصعب العثور اليوم على بعض هذه الأفلام" التي واظب على جمعها منذ سنوات، مشيراً إلى أن من "بينها إنتاجات أوروبية من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا، وأخرى عربية، وخصوصاً مصر وسوريا، وثمة أفلام تركية ويوجد أيضاً فيلم هندي".
أرشيف المدينة
إذ لاحظ أن «الأفلام الروائية تصبح مع الوقت أرشيفاً عن المدينة»، أبرزَ أن في كل واحد من أشرطته الخمسة «تلميحاً إلى أن في بيروت شيئاً ما سينفجر». وشدد زكاك على أن المنطقة التي اختار التركيز عليها في أشرطته الخمسة «تنطوي على رمزية كبيرة وتمثّل مفهوم بيروت عموماً، وشهدت فصولاً عنيفة من الحرب الأهلية وكانت الخط الفاصل بين شطري بيروت المنقسمة»، كذلك هي «المنطقة التي كانت دائماً تعكس انقسامات لبنان (...) وتشكّل صورة مصغّرة عنه»، على قوله.

ورأى أن «تجربة المُشاهد مع هذه الأشرطة ستختلف بحسب الجيل الذي ينتمي إليه، فمن يعرف بيروت القديمة سيشعر بحنين قوي جداً، ولكن ثمة من سيكتشف مدينة أخرى لم تعد موجودة، وخصوصاً وسط المدينة الذي كان قلباً نابضاً ومكاناً تجتمع فيه كل الطبقات الاجتماعية».
يبدأ العمل بفيلم قصير بعنوان «أهلاً بكم في بيروت» «يتعرف فيه المشاهد إلى دافع مجيء شخصيات الأفلام إلى بيروت، فيلاحظ مقاربة مختلفة جداً بين أفلام لبنانية وعربية غالباً ما تكون فيها نظرة انبهار بالمدينة، في مقابل الأجنبي الآتي مع أجندته كعميل سري في مهمة، ولا تختلف المدينة بالنسبة إلى نظرته الاستشراقية عن أي مدينة عربية أخرى»، بحسب زكاك.

ويتمحور الفيلم الثاني حول مرفأ بيروت، «وهو اليوم مكان ينطوي على الكثير من الرمزيات، لكنّه شكّل دائماً في الأفلام اللبنانيّة محطة للهجرة، ولاستقبال السياح في بعض الأفلام المصريّة والأجنبيّة»، و«كان أيضاً مسرحاً للعمليّات المشبوهة المتمثّلة في التهريب وخصوصاً في أفلام الجريمة والتجسس الأجنبيّة، وأصبح الخطر على مدينة بيروت مصدره المرفأ وما يخفيه من بضاعة ومطلوبين».

أما الشريط الثالث فيركّز على وسط المدينة المعروف بـ«البلد»، و«من خلاله يكتشف المُشاهد كل تفاصيل بيروت، من زحمتها وأهمية ساحاتها وتنوّع أسواقها، حيث يتجاور سوق الخضار مع الأسواق التجارية كسوق الطويلة وشارع المصارف والمراكز التجارية الحديثة التي بدأت تظهر في المدينة».

وفي الشريط الرابع «أوتيل بيروت»، الموضوع هو «الفندق الذي غالباً ما يتجه إليه الزائر العربي، أو الأجنبي من خلال أفلام التجسس الأوروبيّة التي ظهرت بقوة خلال الستينات وإبان الحرب الباردة».

وينقل الفيلم الأخير «كباريه بيروت» إلى «أجواء الحياة الليلية لبيروت، ويعكس هوية المدينة كخليط بين أجواء شرقية وأجنبية غربية، يبحث فيها الأجنبي عن الرقص الشرقي، ويسعى اللبناني إلى أن يكون غربياً، وفيه تلميح إلى أن هذه الهويات ستنفجر في النهاية بطريقة معينة»، وفق زكاك.
ولم يستبعد زكاك أن يجمع أجزاء عمله الخمسة المقسّمة بحسب الأماكن، مشيراً إلى أنه «معدّ ليكون فيلماً واحداً على مدى ساعة ونصف الساعة».