لبلبة التي تحمل "الهرم الذهبي":أنتظر مخرجاً مثل عاطف الطيب

أشرف غريب
الجمعة   2022/11/18
كرمها مهرجان القاهرة السينمائي
 لقى تكريم الفنانة لبلبة في الدورة الرابعة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي وإهدائها الهرم الذهبي عن إنجاز العمر، ترحيباً كبيراً من جانب زملائها في الوسط الفنى وكذلك من جانب جمهور النجمة التي أعطت للفن كل عمرها على مدى واحد وسبعين عاما، منذ أن بدأت مشوارها الفني عام 1951 وهي في الخامسة من عمرها وحتى اليوم، وهو ما يفسر حالة التأثر الواضح الذي بدت عليه الممثلة ذات الأصول الأرمينية سواء فى حفل افتتاح الدورة الحالية للمهرجان أو أثناء الندوة التي أقيمت على هامش تكريمها.

     لبلبة قالت لـ"المدن" أنها في غاية السعادة أولا لأن هذا التكريم جاء وهي لا تزال على قيد الحياة وليس بعد موتها مثلما يحدث عادة في كل التكريمات، وثانيا لأنه جاء عن مجمل مشوارها الفني ما يعنى تقدير المهرجان والقائمين عليه لقيمة الفن الذي قدمته طوال أكثر من سبعين عاما، وثالثا لأنه جاء في دورة يرأسها نجم بقيمة الفنان حسين فهمي. 

- إذن لماذا بكيت ليلة تكريمك على المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية؟
     تذكرت والدتي ومشوار العناء الذى تحملته معي، وكنت أتمنى أن تكون بجانبي في تلك اللحظة لترى ثمرة مجهودها، فهي التي جعلتني أعشق الفن منذ الثالثة من عمري، وهي التي أدخلتني مدارس لتعليم الباليه والرقص الإيقاعي والغناء، وهي التي كانت تنتقي لي أدواري وكلمات أغنياتي، وهي التي اختارت لي في البداية فن المنولوج كى أتخصص فيه، وهي التي كانت ترافقني في "كواليس" الحفلات التي أشارك فيها، وهي التي لم تفارقني في الحياة منذ فشل تجربة زواجي الوحيدة، وهي التي عوضتني حرماني من تجربة الأمومة، فكنت بعد أن كبر بها العمر أعاملها كأنها ابنتي وكأني أنا أمها، كنت أتمني بكل تأكيد أن تشاركني لحظة التكريم هذه، إنني أفتقدها كثيرا، وأحنّ إلى حضنها ودفئها حتى وأنا في هذا العمر.

- سألتها: شتان بين استقبال الفنانين والجمهور لتكريمك في مهرجان القاهرة السينمائي واستقبال البعض على وسائل التواصل الاجتماعي لتكريمك قبل أشهر من جانب وزير التربية والتعليم المصري.
تقول لبلبة بعد أن تغيرت ملامح وجهها: بقدر ما أسعدني تكريم وزير التعليم لي عن دوري في المسلسل التلفزيوني "دايما عامر" الذي عرض في رمضان الماضي بقدر ما أدهشتني بعض ردود الفعل على هذا التكريم على مواقع التواصل الاجتماعي، التكريم كان عن قيامي بدور ناظرة مدرسة تؤمن بالقيم التربوية وتسعى إلى احتواء طلابها ومدرسيها، ورأت وزارة التعليم أنني أقدم رسالة أستحق عنها التكريم، كما أنه جاء فى إطار مهرجان فني تسعى فيه الوزارة إلى ربط الفنون بالتربية وبالتعليم لمحاولة الارتقاء بالذوق العام، ثم أنني لم أسع إلى هذا التكريم وسبقتني إليه قامات فنية أخرى فى الدورات السابقة، فما العجب في أن تكرمني وزارة التعليم؟! على أية حال فقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحات للتربص والتنمر، ولكن هي في النهاية كانت ردودا فردية لم تأخذ من سعادتي بالتكريم.

     وبدأت "نينوتشيا" وهذا هو اسمها الحقيقي مشوارها وهي دون الخامسة حينما قدمها المخرج نيازي مصطفى في فيلم "حبيبتى سوسو" سنة 1951، لكن علاماتها المهمة في تلك المرحلة بدأت العام 1954 حينما شاركت نعيمة عاكف في فيلم "أربع بنات وضابط" تحت إدارة المخرج أنور وجدي، ثم شاركت فى العام التالي ليلى مراد بطولة فيلم "الحبيب المجهول" من إخراج حسن الصيفي، وتتذكر لبلبة هذه الفترة المبكرة من حياتها وتقول إنها كانت تتصرف بتلقائية وعفوية طفلة في الخامسة أو السادسة من عمرها، وأن والدتها كانت تنصحها دائما بسماع توجيهات المخرج، وتضيف أن اتقانها للتقليد في بداية مشوارها الفني ساعدها كثيرا على تقمص الأدوار التي قامت بها، ومع تراكم الخبرات أصبحت ممثلة متمرسة.

- وأقول لها: لكنك ظللت لفترة طويلة من حياتك موصومة بالأدوار الخفيفة ربما لارتباطك بأداء المنولوج الغنائي ودأبك على تقديم فقرات تقليد الفنانين فى الحفلات العامة، إلى أي مدى كنت مسؤولة عن ذلك؟
هي في النهاية اختياراتي، وأنا مسؤولة عنها، ولا أظنني نادمة عليها، كانت أدواراً تناسب المرحلة العمرية التى كنتُ أمر بها وليس لدي ما أندم عليه فى تلك المرحلة، لقد قدمت مجموعة من الأفلام الاستعراضية مثل: حكايتي مع الزمان، عجايب يا زمن، مولد يا دنيا، وألف بوسة وبوسة، وكلها أفلام جيدة المستوى من الناحية الفنية، في هذه الفترة أيضا كونت ثنائياً ناجحاً مع عادل إمام فى مجموعة من الأفلام الكوميدية، وانتقل هذا الثنائي إلى التلفزيون بعد ذلك، وأعتقد أن أفلاما مثل: خللي بالك من جيرانك، عصابة حمادة وتوتو، احترس من الخط ، أو مسلسلي صاحب السعادة، ومأمون وشركاه، رسمت البسمة على وجوه المشاهدين وحققت نجاحا كبيرا لا ينكره أحد.

- إذن ماذا فعل المخرج الراحل عاطف الطيب في مشوارك الفني وما هي النقلة التي قادك إليها؟
عاطف الطيب كان علامة مهمة وتجربة استثنائية في مشواري الفني، لقد اكتشف في داخلي قدرات تمثيلية لم أكن أعرفها عن نفسي، وقدمت معه فيلمين اثنين فقط هما "ضد الحكومة" العام 1992 و"ليلة ساخنة" العام 1995 وحصلت عنهما أكثر من نصف الجوائز التي فزت بها فى مشواري الفني كله، ولو كان الله قد أطال فى عمره لكنت قدمت معه علامات أخرى كثيرة، لكنه على أية حال لفت انتباهي إلى مناطق أخرى في أدائي التمثيلي ساعدتني على انتقاء أدواري بعد ذلك، يكفي أنني قدمت بعد عاطف الطيب أفلاما مهمّة منها: الآخر، مع يوسف شاهين، جنة الشياطين، مع المخرج أسامة فوزي، معالي الوزير، مع سمير سيف، النعامة والطاووس، مع محمد أبو سيف، حسن ومرقص، مع رامى إمام، والفيل الأزرق مع هاني خليفة.

- وتشعر لبلبة رغم كل ما قدمته أن بداخلها طاقات فنية لم تكتشف وتتمنى أن يأتيها المخرج الذى يفعل ذلك مثل عاطف الطيب، وتقول: أنا لا أخفي عمري لأنني سعيدة به، وكل الناس يعرفون بدايتي باليوم والسنة، ورغم أعوامي التي تجاوزت السبعين فإنني أشعر أنني لم أقدم الكثير لفنّي وللناس، أتمنى أن يأتيني المخرج الذي يفجر طاقات فنية لم أكن أعرفها، وأتمنى أن أظل أعطي حتى يومي الأخير، وأتمنى أن أحافظ على حبّ الناس لي، فأنا إنسانة بسيطة لم يعد لي أهل بعد رحيل والدتي قبل سنوات، وأعتبر كل الناس أهلي، واسألوا جيراني وأصدقائي وجمهوري الكبير.