نوبل 1971... بين نيرودا وميخائيل نعيمة

المدن - ثقافة
الخميس   2022/01/06
لطالما كانتْ جائزة نوبل للآداب، موضع جدل في الصفحات الثقافية وفي المقالات النقدية، وجهتْ إليها عشرات الاتهامات، وفتحتْ لأجلها مئات السجالات والنقاشات، ومرض بسببها عدد لا بأس به من الشعراء، إما غيرة أو نتيجة أوهام الفوز...

مرّة قيل إنها تستعمل في "الحرب الباردة" بين "الشرق" الشيوعي و"الغرب" الرأسمالي، ولهذا أجبر صاحب "دكتور زيفاكو"، بوريس باسترناك، على رفضها. ومرات قيل إنها تظلم العرب أو تناصر اسرائيل أو اليهود أو تروج للسلام والتطبيع أو "ضد الاسلام" أو ضد العالم الثالث، أو تنحاز الى الثقافة "المركزية الاوروبية" والغربية. معظم الفائزين فيها يكتب بالانكليزية أو الفرنسية أو الاسبانية، بينما فاز أديب من الذين يكتبون بالعربية وهو نجيب محفوظ. والباحث في كواليسها وأرشيفها يجد أنها متشعبة، فنادراً ما فاز أديب أو شاعر أو شاعرة من دون جدل واتهامات، وليس آخرها الجدل حول الروائي والشاعر النمساوي بيتر هاندكة الذي كان مؤيداً للطغيان في حرب يوغوسلافيا.

ونوبل للآداب التي تفرج عن أرشيفها كلما مرّ عليه 50 عاماً، أفرجت أخيراً عن مداولات العام 1971 اي عام فوز التشيلياني بابلو نيرودا بجائزة نوبل للآداب. المفارقة أن فوزه كان موضع جدل كبير بين لجنة التحكيم بسبب "ميوله الشيوعية"، وكاد يحرم من الجائزة بسبب ذلك. فلجنة التحكيم كانت قلقة من سياسات نيرودا لأنها "غير متوافقة مع الغرض من الجائزة". ونيرودا مثير للجدل حتى بين رفاقه الشيوعيين. فالزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو يصفه بـ"العاهرة"، وهو كان صاحب مزاج متقلب، يبدع في قصائد الحب والنساء، وفي الوقت نفسه يكتب مدائح في ستالين، وفي السنوات القليلة الماضية أثيرت قضايا جديدة بحقه، تتعلق بالتحرش والاغتصاب... أمور حساسة كان كتب عنها في مذكراته وكأنها أمر عادي، وتزامن الجدل النسوي حولها مع فضائح جنسية ضمن لجنة نوبل أدى إلى تأجيل إعلان الجائزة العام 2018.

في مكان ما، يكاد لا ينجو اسم أدبي من سقطة ما أو هفوة في مساره الأدبي، خصوصاً في زمن صعود الشيوعية والقوميات وحتى أمور تتعلق بالذكوريات والعنصرية. ويفاجأ القارئ بأن عدمية صموئيل بيكيت (فاز بنوبل) كانت مشلكة لبعض أعضاء لجنة التحكيم، وفي الواقع هي ميزته. وبمثل ما كانت الستالينية مشكلة لنيرودا، كانت الفاشية مشكلة للشاعر الأميركي إيزرا باوند، وقد حرم من الفوز. وخطيئة باوند الكبيرة التي لم ينسها أحد، هي أنه توهم أن دولة موسوليني الفاشية هي تجسيد للدولة المدنية، فناصرها. ولم يمر هذا من دون ثمن باهظ، فقد اقتيد بعد الحرب إلى أميركا التي يكرهها، وحوكم واعتبر مجنوناً ومختلاً عقلياً، فسجن في مستشفى مجانين لأكثر من عشر سنوات.
  
يستغرب القارئ هذا الكم من المرشحين لنوبل، وبينهم أسماء عادت وفازت بنوبل، مثل كلود سيمون وغونتر غراس، وأسماء معروفة: خورخي أمادو ويانيس ريتسوس وبورخيس وألبرتو مورافيا، ومن بين المرشحين اسماء أصبحت في دائرة النسيان... واللافت ضمن اللائحة النوبلية ورود اسمين لبنانيين هما ميخائيل نعيمة وجواد بولس، هذا الى جانب اللبناني الفرنسي المسرحي جورج شحادة. وإذ نفهم أن يكون نعيمة مرشحاً، وهو اديب معروف له اسمه وكتبه، لكن ما أسباب ترشُح أو ترشيح جواد بولس (لوهلة نسينا الاسم). وتعود بنا الذاكرة الى زمن كان أحد وجوه الجبهة اللبنانية ويصنف بين المؤرخين. أما جورج شحادة فكان اسما بارزا في عالم المسرح...