أحمد بيضون... كأنّ بلادَنا باتت لنا مَشْفى عَجَزة

المدن - ثقافة
الخميس   2021/03/11
لوحة غويا
المُجْرِمونَ المُسَلَّطون علينا جَعَلونا نشعُرُ، نحْنُ اللبنانيّينَ المتقدِّمينَ في السِنِّ، أنّ أزْمةَ البلادِ هي أشْبَهُ شَيْءٍ لَنا بمَرَضِ الموت. وكأنّ بلادَنا باتت لنا مَشْفى عَجَزةٍ لا يَحْظونَ فيه بعِلاجٍ ولا بغِذاءٍ ونَظافةٍ مَقْبولَين. بَلْ يُتْرَكونَ لحالِهِم: يَتَفاقَمُ بؤسُها فيما أطِبّاؤهم وممَرِّضوهُم يتناتَشون ما تبَقّى من مؤونةٍ في المَطْبَخ!
هذا وعْدٌ لنا بنَوعٍ ظالِمٍ من الموت: بمَوتٍ مغايِرٍ لذاكَ الذي يستَحِقُّه أناسٌ بَذَلوا أعمارَهُم في عُمْرانِ هذه البلادِ بألفِ وجْهٍ ووجْهٍ، وفي مُداراةِ أوجاعِها أيضاً، وهي التي قَلّما بَدَت مُعافاةً، في مَدى أعْمارِهم، ولكنْ كانت فيها فُسَحٌ لحَيَواتٍ معافاة. 
لا أحَدَ، في أيِّ حالٍ، يَسْتَحِقُّ معاناةَ هذا النَزْعِ المَديدِ، مُهْمَلاً في هذه اللُجّةِ من الكَآبةِ والألَم.
مع ذلكَ، فإنّ من بَقِيَت لَهُم أعْمارٌ مُنْبَسِطةٌ أمامَهُم هم مَنْ يُنْزِلُ بِهِم عَجَزةُ السُلْطةِ أَفْدَحَ الظُلْم. هُمْ من تُقْطَعُ عليهِم سُبُلُ المُسْتَقْبَلِ فتُحالُ أعمارُهُم إلى ما يُشْبِهُ النَزْعَ المَديدَ أيضاً... هؤلاءِ لن يَرْضَخوا بل سيُقاوِمون. قد لا يجدونَ أفْضَلَ المسالكِ لمُقاوَمَتِهم وقد لا يَجِدونَ عَوْناً وقد يُغْدَرُ بِهِم. ولكِنْ يَتَعَذَّرُ أنْ يجِدوا في الرُضوخِ خياراً.

(*) مدونة نشرها الباحث أحمد بيضون في صفحته الفايسبوكية.