مقهى"ريش":تاريخ موجز للقاهرة بين ثورتين..وسير مثقفين وفنانين

أسامة فاروق
الأحد   2021/10/31
مقهى ريش
"نحن الحكماء المجتمعين بمقهى ريش/ قررنا ما هو آت:

البروتوكول الأول:/ لا تقرأ شيئا../ كن حمال حطب/ واحمل طن كتب/ واشرب../ وانتظر الفرسان".

نجيب سرور "بروتكولات حكماء ريش"

 

منذ فترة قصيرة انتشرت على مواقع التواصل شهادات تسجل مواقف صادمة حدثت بمقهى "ريش" الأشهر في مصر، معظمها كان لكتاب وصحافيين واجهوا مشكلات غريبة وتصرفات أغرب تصدهم عن المقهى التاريخي في وسط القاهرة. في المجمل، لم يكن المقهى مرحباً بوجودهم، كان أصحابه يفضلون "انتقاء" نوعية معينة من الزبائن! لا أتذكر السبب الذي دفع لنشر تلك الشهادات، لكنها كانت جميعها متقاربة ويفهم منها المعنى نفسه.. هناك وجه آخر للمقهى، أدار ظهره لتاريخه الشخصي. المكان الذي بنى سمعته على الانفتاح على العالم، ببساطة لم يعد كذلك.

لكن كيف حدث ذلك التحول؟ الإجابة نجدها في ثنايا الكتاب الجديد الصادر مؤخرا في القاهرة للشاعرة ميسون صقر "مقهى ريش عين على مصر" حيث نفهم ببساطة إنها مجرد مرحلة جديدة من مراحل المقهى، الشاهد الأعظم على التحولات في القاهرة، نفهم أن مسألة الانتقاء تلك ليست عشوائية وليست بلا سبب أيضا، فالمقهى "ترمومتر" شديد الحساسية للواقع، واستمراره حتى الآن في مكانه رغم تغير العالم من حوله دليل كاف على مدى حساسية ملاكه وذكائهم وخبرتهم الطويلة في التعامل مع المدينة التي أصبحوا جزءا من تاريخها السياسي والثقافي.

تقول ميسون إن المقهى لم يتمتع بوجود مستقر منذ إنشائه عام 1908 فمر بتغيرات كثيرة في إداراته وانتقلت ملكيته بين أكثر من شخص، بدءاً بالمجري برنارد ستينبرغ من 1908 إلى 1913، ثم الفرنسي هنري بيير ريسينيه من 1914 إلى 1916، ثم اليوناني مشيل بوليتيس من 1916 إلى 1932، فيوناني آخر هو واسيلي مانولاكيس من 1932 إلى 1942، ثم الإنكليزي جورج واسيلي من 1942 إلى 1960، وأخيرا المالك المصري عبد الملاك ميخائيل، وهو أول مصري يدير المقهى ولاتزال عائلته تديره حتى الآن، وتغير المقهى بتغير ملاّكه، وكان الوضع العام مهدداً في كل هذه المراحل بافتقار استقراره وهويته أو شكله الخاص، مرّ كذلك بتعديلات عديدة؛ من مقهى، إلى مقهى وبار، ثم إلى مقهى و"تياترو"، ثم إلى مقهى ومطعم، ثم مطعم وبار، واستقر في النهاية على مقهى ومطعم، وظل البار مجرد مشهد أثري مثل البيانو والصور التي تدل على ما كان عليه المكان في السابق، وتحت عنوان "إغلاق مقهى ريش انحراف البوصلة" تقول ميسون إن المقهى شهد تغيراً جذرياً في نوعية رواده بعد أن تم إغلاقه في الفترة التي امتدت من فبراير(شباط) 1990 إلى مارس (آذار)2000 للترميم، إضافة إلى حل بعض المشكلات الخاصة بالترخيص "فمع خشية أصحاب المكان من حدوث أزمات يمكنها أن تلغي رخصته أو تساعد الراغبين في الحصول عليه، أصبحوا ينتخبون من يدخل إليهم بطريقة أو أخرى، مما صنع فجوة بين الرواد والمكان التاريخي".


بعد 10 سنوات حين أعيد افتتاح المقهى، كانت المساحة الخارجية قد أغلقت تماما، وتم ترميم الجزء السفلي وتحول إلى مقهى ومطعم، وأصبح الأمر مقتصرا على الرواد القدامى، يعقدون فيه أسبوعيا حلقات دراسية وندوات مصغرة، تقول ميسون إن تلك السنوات العشر كانت فارقة في لحظات التحول الجديد، ظهرت خلالها أجيال أخرى من الكتاب وظهر صناع سينما وموسيقى جدد، وكان لا بد لهم من البحث عن أماكن بديلة، مما جعل سلسلة التواصل التاريخي بين رواد مقهى "ريش" تنقطع.

لكن هل وجدت أصلا هذه السلسلة؟ وكيف كانت ملامحها؟ وما الذي أضافه المقهى لها؟

من الكتاب يمكن تقسيم المراحل التي مر بها المقهى إلى سياسية ثم فنية ثم ثقافية، بالطبع كانت المراحل متجاورة ومتزامنة أحيانا لكن بعض الأحداث الكبرى التي كان المقهى شاهدا عليها –ومشاركا في صنعها أحيانا- طغت على الجوانب الأخرى له، ويمكن من خلالها جميعا قراءة تاريخ مصر السياسي والفني والثقافي.

التاريخ السياسي

عندما ضرب القاهرة زلزال عام 1992 ظهرت شروخ في مبنى المقهى وتحتم ترميمه، وفي أثناء عمليه الترميم وبالمصادفة اكتًشف قبو يؤدي إلى غرفة سرية عثر فيها على ماكينة طباعة يدوية قديمة يعود تاريخها إلى عام 1898 -لا تزال موجودة في المقهى حتى الآن- وقيل إن هذه الغرفة هي المقر السري لبعض خلايا ثورة 1919 وما يرجح هذا الرأي أن القبو الذي تم اكتشافه كان له باب سري دوار يصعب رؤيته لأنه كان محملا بأرفف لإخفائه، واكتشفوا خلفه سلما يؤدي إلى ممر صغير يصل إلى بئر مصعد العمارة "قيل إن هذا الباب كان لخروج الثوار من باب العمارة الأساسي الموجود في شارع هدى شعراوي، دون ملاحظة أحد"، فيبدو أن بدروم المقهى قد تحول في تلك الفترة إلى ملاذ آمن للثوار هربا من جنود الاحتلال البريطاني.

يقول الكتاب إن اكتشاف القبو السري ولغز المطبعة عززا الكثير من التكهنات حول طبيعة الدور الذي لعبه المقهى في خدمة ثورة 1919 ومنها ما يقال عن كون أصحابه أنفسهم بدأوا في استخدام هذه المطبعة منذ الاحتلال الإنكليزي لمصر، وأن منظمة "اليد السوداء" المسؤولة عن الجناح المسلح لثورة 19 كانت أيضا تلتقي فيه.

لكن وبعيدا عن التكهنات فقد انطلقت من مقهى ريش بالفعل أكبر حركات الجهاز السرى لثورة 1919 بقيادة عبد الرحمن فهمي، وكانت وظيفة هذا الجهاز المحافظة على استمرار اشتعال الثورة، و"تنفيذ رغبات الأمة"، ونفذت شعبة الاغتيالات بالفعل محاولة شهيرة لاغتيال يوسف باشا وهبة، رئيس وزراء مصر وقتها أثناء مروره بشارع سليمان باشا (طلعت حرب حاليا) ونفذها عريان يوسف الذي كان ينتظره في حديقة مقهى "ريش". يرصد الكتاب أنه بعد عقود على هذه الحادثة دعا صاحب المقهى مجدي عبد الملاك (الابن الثاني لأول مالك مصري للمقهى) حفيدي كل من رئيس الوزراء يوسف وهبه باشا، وعريان يوسف وجمعهما مع عدد من المثقفين من مرتادي المقهى والتقطوا الصور التذكارية أمامه.

صحيح "فشلت محاولة الاغتيال لكن بقيت رمزيتها، كما بقي مقهى ريش عالقا في الأذهان وفي أوراق المحاكم كنافذة مشرعة على رياح الثورة"، كما بقيت أعين الأجهزة الأمنية في الوقت نفسه مسلطة على المكان أيضا لعقود بعدها، ورغم ذلك كان المقهى أيضا أحد المقرات المهمة لاجتماع مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 بل يقال إنه كان مقراً لتجمع لاجئين سياسيين عرب في العقد السادس من القرن العشرين وغيرهم من الوافدين للدراسة والزيارة، والكثير من صناع الأحداث في العالم العربي؟ فتذكر بعض الروايات أن صدام حسين كان من بين المترددين على المقهى، وقحطان الشعبي الذي أصبح أول رئيس لجمهورية اليمن الشعبية، وعبد الفتاح إسماعيل الذي أصبح رابع رئيس لها عام 1978، وأيضا قائد الثورة اليمنية عبدالله السلال، وياسر عرفات، ومن المقهى انطلقت مسيرة الأدباء احتجاجا على اغتيال الروائي الفلسطيني غسان كنفاني.

يرصد الكتاب تزايد الدور السياسي للمقهى بعد نكسة 67، إذ استطاع أن يلعب أدواراً مهمة وبأشكال عدة، وأن يكون القاعدة التي تنطلق منها الحركات الوطنية للمثقفين في مصر والعالم العربي، ليكون بعدها شاهدا على ميلاد جيل الستينات الأدبي.


في الثمانينيات تراجع دوره كثيرا ليعبر عن حالة الركود التي أصابت كل شيء، وبعد تطبيق قانون الطوارئ عام 1981 تعرض لمنافسة قوية من مقاه عديدة أسست بطريقة حديثة في المنطقة، وشهد المقهى آنذاك تغيراً جذريا في هوية رواده، "في الصباح الباكر يلتقى فيه المحامون والقضاة لتبادل آخر أخبار القضايا، ثم يتوافد عليه السماسرة الذين اتخذوه مقراً لهم لقربه من مأمورية الشهر العقاري، وكذلك مندوبو شركات السفر والسياحة، وظهرا يتوافد الموظفون العائدون من أعمالهم، وفى المساء كان نقطة التقاء الشباب".

حاول المقهى استعادة بعضٍ من ألقه القديم مع الشرارة الأولى لثورة 25 يناير 2011 حيث فتح أبوابه للجميع محاكياً تاريخه السابق الذى كان فيه فضاء للحرية، وتكرر الأمر نفسه في 30 يونيو 2013 حيث عقد المثقفون اجتماعات مهمة فيه ونظموا وقفات احتجاجية وبيانات تمت كتابتها بالكامل داخل جدرانه.


التاريخ الفني

قبل اليوناني ميشيل بوليتس اكتفى أصحاب "ريش" بدوره كمقهى فقط، لذا يؤكد الكتاب إن قصته مع الفن بدأت عندما قام بوليتس بشراء المقهى من صاحبه الفرنسي هنري ريسينييه عام 1916، فبوليتس كان محبا للآداب والفنون بل وصاحب خبرة في إدارة النشاط الفني بحكم إدارته لمسرح الحمراء بالأزبكية، فقرر إدخال توسعات على المقهى ليدخل الموسيقى، فصار يمتد من مكانه الحالي حتى ميدان سليمان باشا (طلعت حرب) بحديقة واسعة ضمت "تياترو" وكشكا للموسيقى، ومن هنا بدأ النشاط الفني لمقهى "ريش" فعليا، وكانت هناك فرقة تعزف الموسيقى الكلاسيكية والعسكرية كل يوم واستمرت حتى عام 1919، هذا الانجاز تحقق بعد صراع طويل مع بيروقراطية الاحتلال الإنكليزي وقتها ويرصد الكتاب تفاصيله المعقدة بالمستندات، حتى تمكن بوليتس في نهاية المطاف من الحصول على الترخيص عام 1923 بإضافة التياترو إلى نشاط المقهى.

منذ ذلك الحين أصبح لـ"ريش" بعد ثقافي وفنى ملحوظ، فتحول من مجرد مقهى أرستقراطي غربي، إلى مكان حميم يتجمع فيه أبناء الطبقة الارستقراطية والفنانون والمثقفون الأجانب، ليصبح ملتقى فنيا ذائع الصيت يحفل بالعروض المصرية والأجنبية، حيث كانت الفرق تعزف الأعمال الموسيقية الكلاسيكية الشهيرة، ثم تدفقت الفرق الشعبية وحققت نجاحا كبيرا، وتناوب على مسرح مقهى "ريش" الفنانون المصريون ومشاهير الطرب ومنهم: صالح عبد الحى، وعلي عبد الباري، ومحمد السبع، وأحمد إدريس، ثم منيرة المهدية، كما مثلت فيه روز اليوسف مع المخرج عزيز عيد، وشهد بدايات ظهور أم كلثوم إذ أحيت حفلاً في المقهى عام 1923 وكان ثمن التذاكر 15 قرشا، بعدما سبقها أستاذها الشيخ أبو العلا محمد.

ويحكي الكتاب أيضا كيف أُطلقت من "ريش" أول نقابة للموسيقيين، خلال فترة الأربعينات، وذلك بعد أن احتشد عدد كبير ممن يعملون في مجالي الموسيقى والغناء داخل المقهى من أجل ايجاد طريقة لحل مشكلاتهم المهنية المتفاقمة، وكان على رأس المجتمعين أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، ونتج عن هذا التجمع الاتفاق على إنشاء أول نقابة للموسيقيين في مصر، بل في العالم العربي، وانتخبت أم كلثوم كأول نقيب لها.

 

التاريخ الثقافي

مع بيع مسرح مقهى "ريش" وتغير أصحابه من بعد ميشيل بولتيس، تحول تدريجيا من مكان ينتج الفن ويعرضه كمشارك في الثقافة التي تؤمن بالتعددية والتجاور وتمازج الفنون، إلى مقهى يرتاده المثقفون والمهتمون بالشأن العام، تراجع من ناحية وازدهر من ناحية أخرى ثقافية وسياسية ساعدت على استمرار سلسلة التواصل أو كما يقول الكتاب ثبات لحظته مع تلك اللحظة الماضية، كما أنه فتح أبوابه في الوقت نفسه للجماعات الثقافية والندوات والمجلات. تقول ميسون إن المقهى في هذا الشكل أصبح أحد المقاهي التي شكلت ذاكرة كثير من المبدعين والكتاب والمفكرين والسياسيين الذين ترددوا عليه، ليناقشوا همومهم الفكرية والوطنية والإبداعية، فدارات مناقشات متنوعة بين مقاعده، ورويت حكايات وهبها المقهى لهم، وكما حفر ذكرياتهم حفروا هم أيضا بكتاباتهم ووجودهم تاريخ المقهى، فلم تعد تنفصل حكايته عن حكايات رواده في كل مرحلة من مراحله.

كان المقهى شاهدا على بداية قامات أسست لرؤى أدبية ساعدت على القفز بالثقافة المصرية والعربية إلى مساحات شاسعة، تجذرت في الوعى الجمعي، فكان شاهداً على انطلاق كتاب وشعراء كبار من مختلف الأجيال منهم: أمل دنقل، نجيب سرور، عبد الرحمن الأبنودي، يحيى الطاهر عبدالله، إبراهيم أصلان، وكثيرين غيرهم، وكانت مجالس نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم ومن قبلهم يحيى حقي أحد الشواهد الأساسية على الدور الثقافي الكبير الذي لعبه المقهى، وعلى طاولاته ألفت الروايات والمجموعات القصصية والمسرحيات، وخرجت منه المجلات الثقافية وكتبت عليه وعنه الأشعار منها "بروتوكلات حكماء ريش" لنجيب سرور، و"التحالف" لأحمد فؤاد نجم.

وعلى الرغم من تزاحم الأجيال على المقهى لكن جيل الستينات على وجه الخصوص كان له حضوره الخاص، بل هم من صنعوا حضوره اللافت بحسب تحليل الكتاب، تقول ميسون إنه –المقهى- يستحق لقب "ملتقى جيل الستينيات" لأنه شهد الميلاد الحقيقي لأبناء هذا الجيل الذي أفرز أسماء جديدة في القصة والشعر والموسيقى والسينما، خاصة بعد نكسة يونيو 67.

لكن كل شيء اختلف الآن، في حواره مع المؤلفة يلخص المفكر نبيل عبد الفتاح المسألة فيقول "نحن أمام مقهى مكتنز بالتواريخ والشخصيات والأفكار، لكنه يبدو الآن غريبا وسط الأمكنة الأخرى، وجه الغرابة يميل في اكتنازه التاريخي والثقافي، وسط أصوات بلا نضال، وأماكن للبيع والشراء تضج بالصخب، هي أصوات تتبادل مع بعض الأصوات الرديئة أو الجيدة بين الأجيال الجديدة الشابة، بها بعض المؤيدين وتيار كامل من العاطلين عن المواهب، يوزعون الصخب والأكاذيب والرداءة في المكان".

بقى أن نقول أن السطور السابقة مجرد إطلاله سريعة جدا على عالم الكتاب الواسع، فطموح الكتاب أكبر بكثير من مجرد التأريخ للمقهى، فالجزء الخاص بالمقهى يبدأ بعد أكثر من 200 صفحة! حيث يبدأ الكتاب بالتأريخ للقاهرة كفكرة ثم يرصد مراحل تطورها حتى ظهور المقهى مع ما كل ما سبق ذلك من تطور عمراني وسياسي واجتماعي، ثم مراحل تطور المقهى نفسه من تاريخ بنائه حتى الآن.. ملاّكه وعقود تأجيره وامتلاكه ومشاكله وتراخيصه، وحتى تطور قائمة الطعام والشراب فيه، لكن هذا الطموح الكبير للكتاب أثر بشكل كبير على بنائه الذي ارتبك في أكثر من موضع، علاوة على تكرار المعلومات أيضا، وبحسب تفسير الروائي صبحي موسى في نهاية الكتاب فإن الكاتبة سعت للقول بأن "ريش" ليس مجرد مقهى لكنه جزء من تاريخ القاهرة وشاهد أصيل على تطورها الثقافي والحضاري، بل إنه –الكتاب- اتخذ من المقهى حجة لرصد هذه التطورات "ليس من عين متخصص في التاريخ أو الآثار، ولكن من خلال عين تبحث عن الدهشة في التفاصيل وربط العلاقات وسير الأشخاص والأماكن، وإعادة صياغة التاريخ الذى عشقت قصصه وما جرى فيه".


(*)كتاب "مقهى ريش عين على مصر" للكاتبة ميسون صقر، يقع في 650 صفحة من القطع الكبير وصدر عن دار نهضة مصر.