شويكار... رحيل الفنانة الزئبقية

المدن - ثقافة
الجمعة   2020/08/14
شويكار وفؤاد المهندس
رحلت الممثلة المصرية شويكار عن عمر يناهز 82 عاماً بعدما خلدت اسمها في مجال الفن بأعمال مسرحية وسينمائية وتلفزيونية بارزة.
ولدت شويكار إبراهيم شفيق طوب صقال في الإسكندرية، لأب من أصل تركي (من ملاكي الأراضي)، وأمّ شركسية... وفي مسيرتها الطويلة والمتعددة، عرفت شويكار بتمردها على الدور الواحد وبجمالها الذي ينسب مرة إلى التركي الشركسي، ومرة الى الفرعوني المصري، وبحسب توصيف الناقد أحمد يوسف في كتابه "نجوم وشهب في السينما المصرية": "جمالها هو غموضها، وصعوبتها في سهولتها، وبريقها هو مراوغتها الزئبقية"...
 
التحقت شويكار بالمدارس الفرنسية، وعندما أتمت السادسة عشرة من عمرها، تزوجت من شاب ثري يدعى حسن نافع، أنجبت منه ابنتها الوحيدة "منة الله"، وبعد عام واحد من الزواج، أصيب الزوج بمرض خطير، توفي على إثره بعد عامين من الزواج. وبعد وفاته تزوجت من الفنان، فؤاد المهندس، فقدما سوياً الكثير من الأعمال الفنية، وأصبحا من أبرز الثنائيات في تاريخ المسرح والسينما في مصر والعالم العربي.

والزواج الواقعي بين النجمين بدأ مسرحياً... تقول القصة أنه أثناء تقديم مسرحية "أنا وهو وهي" قرر المهندس أن يعرض عليها الزواج على خشبة المسرح، فقال لها "تتجوزيني يا بسكوتة"، فردت على الفور "وماله"، لتبدأ قصة من الحب والنجاح بينهما. وأصبحت شويكار أيضاً أماً لأولاده من زوجته الأولى... لم يكن طلب الزواج فقط مزيجاً من التمثيل والواقع، وإنما الزفاف أيضًا، فبعد انتهاء الثنائي من المشهد الأخير من فيلم "هارب من الزواج" الذي تقاسما بطولته، وكان المشهد عبارة عن زفاف وكانت شويكار ترتدي فستان زفاف، استغل الاثنان مشهد زواجهما في نهاية الفيلم وقررا أن يتزوجا في الليلة نفسها، وذهبا وهما بالملابس نفسها التي أدّيا بها مشهد الفيلم إلى المأذون ومعهما الفنانة زهرة العلا وزوجها المخرج حسن الصيفي الذي كان مخرج الفيلم، ومعهما أيضاً شقيقه طلعت الصيفي ووقع عقد الزواج. واستمرت قصة حبهما لأكثر من عشرين عاماً من الزواج، وحتى بعد الإنفصال ظل الثنائي يؤكد على الحب... تقول شويكار عن المهندس: "كان لي الحبيب والصديق والزوج والأخ والمعلم واعتقد بأنني كنت الحب الأول والأخير في حياته، حتى عندما انفصلنا استمرت علاقتنا لآخر لحظة في حياته". بعد انفصالهما تقدم لخطوبتها العديد من الاشخاص فكان ردها دائماً "اللي يتجوزني يكون مش اقل من فؤاد المهندس، وكان نجله محمد المهندس قال إن والده كان يأكل من يد شويكار لآخر لحظة في حياته، ولشويكار زيجة ثالثة من السيناريست مدحت حسن لم تتحدث عنها كثيراً.

كانت الغيرة حاضرة في مسيرة الزوجين، ففي العام 1971 اختير الفنان محمد خيري للقيام بدور البطولة مع الفنانة شويكار في أحد الأفلام، وما أثار غيرة فؤاد المهندس أكثر كون الفنانة شويكار كوّنت علاقة صداقة قوية مع خيري، ما تسبب بينهما في خلاف كبير وصل أشده حين حضر الثلاثة إحدى المناسبات الرسمية وجلس محمد خيري على الطاولة نفسها التي جلس عليها الزوجان وانفعل فؤاد المهندس أمام الجميع وغادر فؤاد وشويكار المكان على إثره. واستمرت الخلافات بينهما وكاد الأمر يصل للطلاق عدة مرات، وظلت علاقتهما الزوجية متوترة للغاية بعد هذا الحادث، ثم تم الانفصال عام 1980 أثناء عرض مسرحية "سك على بناتك".
ورغم حبه الشديد لشويكار وغيرته الدائمة عليها، فإن ذلك لم يمس أبداً قيمة زوجته الأولى في حياته، حيث قال "فضلت أراعيها حتى وفاتها، ولا أعتقد أنني استطعت تضميد جرحها الذي كنت سبباً فيه". وحين رحل المهندس العام 2006، بقيت شويكار معه حتى الساعات الأخيرة، ونعته كأستاذ وحبيب تعلمت منه طيلة عمرها على كل المستويات، وقالت: "سأظل طوال عمري حزينة على فنان ملأ الدنيا ضحكاً وسعادة في الترفيه عن شعبه من المحيط إلى الخليج، فهو رفيق وحبيب عمري ولم أعشق غيره طيلة عمري، وعلى رغم انفصالنا لكن علاقتنا ظلت قوية ووثيقة".

وخلال مسيرتهما شكل المهندس وشويكار 
ثنائياً مسرحياً مميزاً، فقدما معاً مجموعة من الأعمال التي رسخت في وجدان المشاهد المصري والعربي من بينها "أنا وهو وهي و"أنا فين وإنتي فين" و"أنا وهي وسموه" و"حواء الساعة 12" و"السكرتير الفني" و"سيدتي الجميلة".
وانتقل هذا النجاح من المسرح إلى السينما فقدما معا أفلام "أخطر رجل في العالم" و"شنبو في المصيدة" و"مطاردة غرامية" و"العتبة قزاز" و"انت اللي قتلت بابايا" و"ربع دستة أشرار" و"عريس بنت الوزير".

ومع حلول منتصف السبعينيات انتقلت شويكار إلى مرحلة جديدة برزت فيها موهبتها بشكل أكبر من خلال أدوار مركبة ومختلفة عن الصورة المأخوذة عنها فشاركت في أفلام "الكرنك" عام 1975 و"دائرة الانتقام" عام 1976 و"طائر الليل الحزين" في 1977 و"درب الهوى" في 1983 و"سعد اليتيم" في 1985 و"أمريكا شيكا بيكا" في 1993.
وفي حقبة التسعينيات جذبتها الدراما التلفزيونية فقدمت نحو 20 مسلسلاً من بينها "كلام رجالة" في 1995 و"ترويض الشرسة"في 1996 و"هوانم غاردن سيتي" و"امرأة من زمن الحب) في 1998 و"أحزان مريم" في 2006 و"سر علني" في 2012 الذي يعد آخر مسلسلاتها.

نالت شويكار العديد من التكريمات والجوائز من مهرجانات ومؤسسات فنية كان آخرها تكريم المهرجان القومي للمسرح المصري لها في دورته العشرين في أكتوبر تشرين الأول 2016.