حين يفشي سليم بركات "سرّ أبوة" محمود درويش

المدن - ثقافة
الأربعاء   2020/06/10
محمود درويش
فجّر الشاعر الكردي السوري، سليم بركات، جدلاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب مقالة بعنوان "محمود درويش وأنا" في "القدس العربي"، أورد فيها أن صديقه الشاعر محمود درويش كان قد أسرّ في أذنه بأنه أبٌ وله ابنة اختار عدم التعرف عليها. وهي معلومة صادمة لقراء درويش الذين يعتبرونه أيقونة ويرفضون خدش صورته. كثيرون قالوا إن ما فعله سليم بركات "خيانة" للشاعر، وبعضهم قال إن ما باح به بركات هو أمانة للبنت ويصب في خانة الإنسانية... وكثيرون سألوا لماذا الآن؟ وهل يحق لشاعر أن يبوح بأسرار شاعر آخر أصبح تحت التراب؟ ومن ينطق بلسان محمود درويش ليؤكد أو ينفي الخبر؟! هنا أبرز التعليقات في الفايسبوك عن "البوح الصادم".

ريم غنايم
محمود لم يسأل المرأةَ، حين انحسر اعترافُها، وانحسرتْ مبتعدةً في العلاقة العابرةِ، عن ابنته. أبوَّتُه ظلَّتْ تبليغاً موجَزاً من صوتٍ في الهاتف عن ابنةٍ لم تستطع العبورَ من صوتِ أمها إلى سمع أبيها. لذا محمود بلا أبوَّةٍ، كأنَّ الأمرَ كلَّه اعترافٌ صغيرٌ لصديقِ سنينَ طويلةٍ من عمره، بلا متْنٍ من توضيح في اللغة، أو هوامشَ إضافاتٍ، أو حواشي متجانسةٍ. أنا، نفْسِي، تلقَّفتُ اعترافَه بلا فضولٍ: لكانَ أنبَأَني من تكون المرأةُ لو كنتُ أعرفها. وها هو الفضولُ، خاملاً، يعبر خاطري بعد اثنتين وعشرين سنة. لابأس. أنا أُلفِّقُ لتلك الأبوَّةِ إقامةً في الكلمات، الآن، مُذْ كُنا إقامةً في الكلماتِ مُلفَّقةً بسطوةِ الشعر وبطشِهِ. لكنه التلفيقُ الأنقى مُذْ كانت الأمكنةُ ناكثةً بوعودِها ـ وعودِ الأمكنة.
من أجمل الأسرار التي يمكن أن تفشيها قامة عن قامة. استمتعتُ وأنا أقرأ المقالة، واحترمت الثلاثة: سليم ودرويش والمرأة المجهولة. نسينا الخطيئة وأقمنا في أبوّة درويش داخل الكلمات. ولم يتغيّر شيء.

نوري الجراح
لماذا يا سليم بركات، يا صديقي الذي أحب؟.. ما حاجتك إلى حكاية كهذه؟ لطالما كنت احب صداقتك لمحمود درويش، وكنت في نظري نداً بديعاً في جواره، ولم اعتبرك يوما ابنا له، كما صرت تقدم نفسك! استودعك وهو حي سراً، فلماذا تفشي سر الصديق، والصديق غائب وليس له لسان؟

محمد العباس
من أراد أن يفهم وقائع مقالة سليم بركات "محمود درويش وأنا" فليقرأ رواية "الخلود" لميلان كونديرا. علاقة غوته مع بيتينا تحديدًا. أجزم أنه سيعي لماذا أسرّ درويش لصديقه الحميم بسر أبوته لبنت من امرأة متزوجة، ولماذا كتب بركات هذا المقال المرعب، وبالتأكيد سيتعرف على عبقرية كونديرا‬…

فادي سعد
لغة سليم بركات، في مرحلة زمنية من المراحل، كانت بطريقة ما مدرسة. هكذا كنتُ شخصياً أنظر إليها. مدرسة يمكن للمرء أن يعشقها، أن يكرهها، أن يتفاعل معها، أن يتعلّم منها، أن يحاول تفكيكها، الخ...
مع جريان الزمن وتغيّر المراحل والكتابة، تحوّلتْ المدرسة إلى ما يشبه التحفة التاريخية. غادرها جميع طلاّبها إلّا سليم بركات نفسه، الأستاذ الأول والأخير فيها. ظلّ مصرّاً على الإقامة في المدرسة المهجورة لوحده، كأن المدرسة تحوّلت داخله إلى هوس. هوس بدا كأن بركات سجين فيه. ربّما لا يستطيع الفكاك منه حتى لو أراد. هوس فقد كل بريقه وجماله.
لذلك قراءة بركات أصبحتْ مؤلمة. ليست صعبة فقط لكن مؤلمة. ثم أن مقاله الأخير عن درويش المنشور في "القدس العربي" يثير محتواه الكثير من التساؤلات. لماذا قرّر أن يفشي سرّ أبوة درويش لبنت من امرأة متزوجة؟ هل هذا الكلام صحيح؟ وهل يصحّ أخلاقياً إفشاء أسرار الأصدقاء بعد موتهم؟ ثم لماذا قرّر بركات نشر مقاله الآن؟ بعد ثماني سنوات من كتابته العام 2012؟

سليم البيك
مقالة سليم بركات عن محمود درويش يجب أن تُوضع في المعاجم كتعريف لمفردة التسلّق.

فخري صالح
ما كتبه سليم بركات عن علاقته بمحمود درويش صادمٌ ومريب، ويشير، في الوقت الذي يدعي فيه سليم حبَّ درويش وبنوتَه له، إلى رغبة في إلحاق الأذى بالشاعر الراحل، وغيرة مستحكمة وضغينة مضمرة، وادعاء بأهمية شعرية توازي أهمية درويش، في مقالة فيها الكثير من البلاغة الممجوجة والتقعر والإغراب اللغوي، مما يثقل على النفس ويشعر القارئ بالملل والرغبة في الترك وعدم المتابعة. وما يدعيه بشأن السر، الذي استودعه إياه درويش قبل اثنين وعشرين عاماً، بأن له ابنة غير شرعية من علاقة عابرة مع امرأة متزوجة، سقطة أخلاقية غير مغتفرة وإثارة تافهة لا تليق بشاعر يدعي أنه كبير، والأفظع من ذلك أنه يعترف أن درويش عامله كابنٍ، بل ندٍّ، له. فأن يذيع الصديق سر صديقه، الذي رحل عن عالمنا، وليس في مقدوره أن يرد أو يصحح أو ينكر، يدل على انحدار القائل إلى حضيض أخلاقي تأباه الصداقة الرفيعة والمناقبية الأخلاقية. لا ندري صحة ما رواه سليم بركات عن درويش لأن الرجل لم يعد بيننا ليعترف أو ينكر صحة ما رواه لـ"صديقه سليم بركات!". لكن ما ندريه أن هذه المقالة، التي يدعي بركات أنه كتبها العام 2012، ثم نشرها العام 2020، متأخراً كل هذه السنوات(!)، سقطةٌ كنا نربأ بكاتب وشاعر نحبه ونقدّره، أن ينجرَّ إليها.

ندى منزلجي
رأي شخصي.. او لا بأس في تسميته اعترافاً..
الحق، أنني تقريبا لا أفهم شيئا من كتابات سليم بركات.. ليس انتقادا ولا انتقاصا، لكنه واقع الأمر.
أشعر بالاختناق من لغته. وبالطبع لا استمتع بها، ولا أستطيع متابعة القراءة. يقول في مقال له في القدس العربي، انه بمثابة الابن الشعري لمحمود درويش.. لا أستطيع نهائيا ان اجد في لغته وأسلوبه برهانا على ذلك... هذا، عدا كشفه سرا خصه به محمود درويش، ولا اعرف لماذا اختار ان يكشف سر صاحبه، خصوصا انه لم يعد قادرا على الرد.
قد أكون البطة السوداء من حيث الذائقة.. او قد يكون فهمي محدودا.. ما باليد حيلة.


توفيق العيسى
"ليس للكردي إلا الريح"
حين قالها درويش، لم نسأله عن أي كردي تتحدث، وما صفاته أو اسمه، قال كردي وأكمل قصيدته، وقلنا وراءه كردي وتقاسمنا الريح لشعبين وقضيتين وحقين في تقرير المصير.
ما همنا إن كان الكردي شاعراً أو عاملاً، مزارعاً أو رفيقاً مسلحاً في جبال كردستان، قال كردي وأكمل قصيدته، وأكملنا هتافنا في مسيرة.
ملاحظة: لم أفهم ما يريده سليم بركات من نصه "محمود درويش وأنا" اذا كان يريد أن يذكرنا بصداقته لدرويش وشهادة درويش في شعره فكان يكفي سطر واحد لذكر المسألتين، اما عن موضوع أنه يلمح لأبوة درويش لابنة لم يعترف فيها، فأرى ان يغير عنوان النص ليجعله "بلاغ الى النائب العام" أو يقوم برفع دعوى اثبات نسب، أما ان يعتبر ما كتبه كتابة فهذه مهزلة.

ابراهيم المصري
ليس الأمر فقط، أن سليم بركات كتبَ مقالاً باستعفائه المعتاد على اللغة و"فشخها" كما يقول المصريون، أو كشفَ سراً عن أبوة محمود درويش لطفلة لم يعترف بها، وإنما الأمر كذلك فحص ونقد وتقييم إنتاج هؤلاء الذين يحتلون الواجهة من أقصاها إلى أقصاها، كما لو كانوا معجزات ميتة تأبى الانصراف، إننا لا نقيم حواراً عادلاً مع هؤلاء الكتاب لنا ولهم، وإنما يسد تصنيمهم الأفق، كما لو كانوا الكلمة الأخيرة في الإبداع العربي. وثمة شجاعة نقدية غائبة، في زيف واعتلال الدراسات النقدية التي تناولت ظاهرة الحداثة العربية ككل، سواء في الشعر أو الفكر، أو هو الصمت أمام الأصنام التي لا يجرؤ أحد على تحطيمها، أو على الأقل وضعها تماماً في سياقها الإبداعي والإنساني والزمني.

يزن الحاج
بمعزل عن الفذلكة اللغويّة الممجوجة المعهودة، لم أفهم سبب بوح سليم بركات (إن صدق) بسرٍّ قاله له محمود درويش العام 1990 عن وجود ابنة لدرويش من امرأة متزوجة. ما معنى السر إنْ كنّا سنبوح به بعد رحيل أصحابه؟ تصيُّد؟ محض بلاهة؟
إن كانت الحادثة صحيحة، فهذا أمر يخص ثلاثة غائبين: درويش والأم والبنت؛ وهو لا يخصّنا قطعًا، ولا يخصّ سليم بركات برغم "اللوعة كالرياضيّات، والحنين كالهندسة" يا هندسة!

سمير اليوسف
قرأت في مكان ما أن الشاعر السوري سليم بركات أفشى سرَّ محمود درويش بأنه، أي درويش، عنده ابنة.
طبعاً كل من التقى ببركات هذا يعرف بأن الرجل مجرد انسان بذيء ابن شارع لا يؤتمن على سرّ أو أي شيء ذي قيمة.
لكن بعيداً عن الشاعر السوري! ماذا في الأمر أصلاً؟
ليس سرّاً بأن كان لدرويش في أي وقت من الأوقات حبيبة أو صديقة أو عشيقة. ولا بد أن إحداهن لم تلتزم بتناول حبوب منع الحمل، ومن ثم رفضت أن تجهض، على الأرجح حباً منها بأن تكون عندها ابنة من محود درويش.
فلماذا، اذا، ابقى محمود درويش الأمر سرّاً؟
على الأرجح لانه لم يشأ أن يخرب بيت المرأة التي أحبّ. أمر حدث وكثيراً ما يحدث.
فما الذي يعنيه كل ذلك؟
لا شيء! محمود درويش سيبقى أهم شاعر عربي في النصف الثاني من القرن العشرين والأهم من ذلك سنبقى نحبه كما أحببناه دائماً.

أنور حامد
(في هجاء "الأخلاق" ومديح "البوهيمية")
المحاكمات الأخلاقية للمبدعين غريبة، لكن طبعاً هذه وجهة نظر تخصني، وأحترم وجهات النظر الأخرى، بس بحب أنكشهم معلش. ربما الخلل عندي في افتراض أن النخبة الثقافية تصوغ "قوانينها الأخلاقية الخاصة" ولا تروج الاعتبارات السائدة. الموضوع يتعلق بـ"سر خطير" كشفه الكاتب سليم بركات عن محمود درويش، أن له ابنة سرية، فاستحقا استهجانات كثيرة في هذا الفضاء، الكاشف والمكشوف. الجميع حاكَم الإثنين بإخلاقيات المجتمع الفاضل الخلوق المتدين بطبعه. في رأيي أن الشاعر كيان بوهيمي، لا يأتمر بالضرورة بأمر الاعتبارات الاجتماعية السائدة. وأنا لا أعتقد أن المرأة العشيقة الأم سعيدة بهذا الغضب، ربما وعلى الأغلب كانت متواطئة في الأمر وسعيدة به، إذ لا أظن أن الشاعر أنجب منها طفلة بالخديعة وهرب بعد أن وعدها بالزواج. ثارت ضجة أخلاقية مشابهة حين نشرت غادة السمان رسائل غسان كنفاني، استهدفت كليهما. تحضرني حالة شاعر مجري عظيم (جورج فالدي) عشق انرأة تصغره بخمسين عاما وعشقته وهي في الثلاثين. وقررا أن يساهما سويا في إنشاء مكتبة عامة في قرية الفتاة، والمشروع مكلف بينما هما فقيران كما يليق بالشعراء. ماذا فعلا ؟ اتفقا مع مجلة تنشر صورا فنية عارية (أكرر: صورا فنية، لا صورا جنسية) ووقفا عاريين أمام الكاميرا في أوضاع جمالية، وتقاضيا مبلغا محترما مقابل مشروع فني مولا منه مشروع المكتبة. لم يتعرضا للرجم، لا لأن المحتمع الأوروبي الشرقي متحرر، وهو كذلك، لكن لأن لا أحد قيم اللفتة تقييما أخلاقيا واعتبر المشروع "تعرياً جنسياً"...
بالمناسبة: قبل شهور قليلة دخلت في نقاش مع شاعرة عربية كانت تهجو بوريس حونسون لأنه تزوج امرأة تصغره بالسن بعشرين عاما أو يزيد، وتعتبره وغداً. بالمناسبة لست معجباً ببوريس السياسي، لكن حياته الشخصية تعجبني من دون أي تحفظ... وكذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته التي تكبره بسنين كثيرة...
ودمتم.

أحمد عبد اللطيف
لماذا انتفض العالم العربي من إفشاء سليم بركات لسر محمود درويش؟
لأننا لا نحب أن "نشوه" "الرموز"، لأن شاعر القضية لا يجب أن يلوث، وقامة الشاعر لا يجب أن ينال منها. كيف ينجب درويش سراً؟ كيف ينسب ابنته لرجل آخر؟ المقدس لا يجب ان تدنسه هذه الأفعال، الحل إذن حملة على سليم بركات واتهامه بالنفسنة والخيانة وطعن الموتى.
شخصياً، أحب محمود درويش كواحد من أكبر شعراء العربية، لكن حبي للشاعر لا يجعلني أفترض ملائكيته، درويش إنسان له حياته وأخطاؤه، يمكن أن نحب شعره ونتفهم أخطاءه أو نستنكفها، يمكن أن ننقده، كل ذلك على أرضية بشريته.
منذ فترة كتبت عن "غياب" السيرة الذاتية عربياً، ولعل ذلك أحد أسبابها: أننا نؤله الأفراد، نقدسهم، هذا التقديس يمنعهم من الاعتراف والنظر علنا في حياتهم، ويحرمنا من التعلم من تجاربهم. الكاتب، سرداً وشعراً، بشر يخطئ، مثلنا جميعاً، وربما لو كنا في سياق اخر لأعترف درويش بأبوته.
أصدق سليم بركات، الشاعر الكبير قبل أي شيء، ولا أظنه يفتري على درويش، ولا أرى أ، كشف "السر" يستدعي كل الحملة ضده، ربما الرجل يخلص ضميره من عبء، وربما يرمي بحجر الحقيقة في مياه الأكاذيب.