أمنية العام الجديد...

أسعد قطّان
الخميس   2020/12/31
فقراء في لبنان
من الصعب أن تجد موضوعاُ تكتب عنه على عتبة العام الجديد. فماذا تكتب؟
هل تكتب عن أصدقائك الذين ماتوا بالكورونا، أو عن أصدقائك الذين يقبعون اليوم بالذات، قبل ساعات قليلة من رأس السنة، في غرفة العناية الفائقة ويتصارعون مع الفيروس؟
هل تكتب عن خيم اللاجئين التي احترقت وتحطّبت وتفحّمت فيما الساسة يختلفون على «معايير» تشكيل الحكومة، وعلى جنس الملائكة؟
هل تكتب عن مقابلة السيّد حسن نصر الله مع إعلاميّ مخضرم لا يحرجه بسؤال واحد، حتّى يكاد يبدو الحديث السنويّ مع سماحته أشبه بغابة ورد، كما غنّت فيروز ذات يوم؟
هل تكتب عن توقّعات ميشال حايك وليلى عبد اللطيف التي تحقّقت، وعن تلك التي لم تتحقّق؟
هل تكتب عن الناس الذين عيّدوا رغم افتقارهم، وعن الناس الذين لم يقدروا أن يعيّدوا بسبب افتقارهم، وعن الناس الذين رفضوا أن يعيّدوا لأنّ افتقارهم يكاد يسلبهم ما تبقّى لهم من كرامة؟
هل تكتب عن كلّ الذين تعرفهم في لبنان من الذين ما زالوا يقبضون معاشهم بالدولار، ثمّ تحصيهم فتجد أنّ عددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، فتصاب بالإحباط، وحين تحاول أن تنظّم خيبتك في كلمات، تخون القلوب العقول كما يقول أبو الطيّب المتنبّي؟
هل تكتب عن المقاوم القديم المزهوّ بانتصاراته، السكران بإنجازاته الاستراتيجيّة والتكتيكيّة، حتّى إنّ ضحايا انفجار مرفأ بيروت ما زالوا يبحثون إلى اليوم عن زاوية في خطابه المتماسك، وسلوكه الأكثر تماسكاً، فلا يجدون سوى الخواء؟
هل تكتب عن الثورة التي تعربد في عيون الأطفال رغم كلّ الهزائم، عن الانتفاضات المنبثقة من رحم الأشجار، عن الصرخات الطالعة من أشلاء المدينة المستباحة حين قرّر أهلها، لفرط تهذيبهم، أن يكظموا صرخاتهم ويستمرّوا في الحياة وكأنّ شيئاً لم يكن؟
هل تكتب عن القاضي الذي يسعى المافيويّون والمجرمون والتافهون إلى إسكاته؟
هل تكتب عن الأشياء كلّها فلا يبقى لك شيء تكتب عنه، لأنّ الكلّ واللاشيء صنوان كما يقول الأقدمون؟
لم يترك لك العام المنصرم ما تكتب عنه. فالأجدر بك أن تذهب إلى العام الجديد وفي بالك أمنية واحدة: أن يكون لك فيه ما تكتب عنه قبل أن تتحوّل الكلمات إلى شيء مبهم هو أكثر سواداً من اليأس وأكثر فداحةً من الصمت.