رحيل الشاعرة ديان دي بريما.. أناركية حركة البيت

المدن - ثقافة
الثلاثاء   2020/10/27
بدأت التواصل مع كبار الشعراء في سن مبكرة
توفيت، ليل أمس، الشاعرة النسوية والأناركية ديان دي بريما (6 أغسطس 1934 - 25 أكتوبر 2020)، وهي من أهم الكاتبات المؤسِّسات لحركة "البيت" الشعرية، ألّفت ما يقرب من أربعين كتابًا، وتُرجمت أعمالها إلى أكثر من 20 لغة. مزجت دي بريما في شعرها بين تقنيات الوعي المنساب والانتباه القصدي بشكل يمزج السياسي بالممارسة الروحية.

وكتب الشاعر والمترجم المغربي، الحبيب الواعي، أن ديان دي بريما ولدت في بروكلين (نيويورك) وتربت في كنف عائلة ايطالية مهاجرة، ودرست في كلية سوارثمور قبل أن تنقطع عن الدراسة وتركز على حلمها الذي اختزلته في رغبتها الجامحة في أن تصبح شاعرة في مانهاتن. بدأت دي بريما الكتابة في سن مبكرة، فشرعت في مراسلة شعراء كبار، أمثال كينيث بثشن وإزرا باوند الذي كانت تزوره بانتظام في مستشفى للأمراض النفسية في واشنطن، ونشرت دار طوطم بريس ديوانها الأول المعنون بـ"هذا النوع من الطير يطير عكس المسار" العام 1958. في مانهاتن، التقت دي بريما بفرانك أوهارا، أودر لورد، ورواد حركة "البيت" جاك كيرواك، آلن غينسبرغ وأميري بركة، وبدأت تشارك في تنشيط الحركة الأدبية هناك وساهمت في ازدهارها في المدينة. وخلال هذه الفترة شاركت دي بريما كذلك في تأسيس مسرح شعراء نيويورك...

تعتبر دي بريما لبنة أساسية في حركة الستينات الأدبية، إذ شكّلت جسراً يربط بين حركة  "البيت" الأدبية وحركة "الهيبيين"، وكذلك بين فناني الساحل الشرقي والساحل الغربي لأميركا. تميزت دي بريما باعتبارها أول صوت نسوي يكسر قيود المجتمع البطريركي وينضم إلى حركة "البيت" التي تميزت بنبذها لكل ما هو مؤسساتي. وكغيرها من الكتّاب الذين وقفوا في وجه السلطة السائدة والمؤسسات التي تمثلها، واجهت دي بريما مراراً، مضايقات، نظراً إلى طبيعة شعرها واتهمت باستمرار بنشر الفاحشة بسبب ما ينشره مسرح شعراء نيويورك ومجلة "دفلوتين بير". وفي العام 1961، قُبض عليها من قبل المكتب الفيدرالي للتحقيقات بسبب نشرها قصيدتين في مجلة "دفلوتين بير". في العام 1966، أمضت بعض الوقت في ميلبروك بنيويورك، مع جماعة تيموثي ليري، وأصدرت نسختين من كتابه "صلوات سايكيديلية"، وهو كتاب يتكون من قصائد تأملية كتبها ليري خلال رحلته في الهند 1965 متأثراً بلاوتسي. وأمضت العام 1967، في الطريق، مسافرة في حافلة فولكس فاغن، تقرأ الشعر أمام واجهات المحلات والبارات وصالات العرض والجامعات، قبل أن تنتقل، العام 1968، إلى مدينة سان فرانسيسكو حيث ستقضي معظم حياتها وتنكب على دراسة البوذية والغنوصية والخيميا والسنسكريتية.

نشرت دي بريما أكثر من 40 كتاباً ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة، وتشمل دواوينها الشعرية "هذا النوع من الطيور يطير عكس المسار"(1958)، "رسائل ثورية"(1971) و"قصيدة طويلة لوبا"(1978)، و"مقطوعات من أغنية: قصائد مختارة"(2001)، بالإضافة الى مجموعة قصصية معنونة "عشاءات وكوابيس"(1960)، و"مذكرات امرأة من جيل البيت" (1968)، ومذكرات "ذكريات من حياتي كامرأة: سنوات نيويورك"(2001) و"صفقة الشعر" (2014). 

نصوص مختارة (ترجمة الحبيب الواعي)
رسالة ثورية # 20
(مهداة إلى هيوي نيوتن)
لن نستريح
حتى يمشي الإنسان حرّاً وشُجاعاً على هذه الأرض
كلّ واحد وفق طريقته الأصلية
وقبيلته، مُسالماً في الهواء الطلق
::
حتى يمكن للجميع أن يبحثوا دون عوائق
عن شكل أفكارهم
لا وجود لسحابة سوداء من الخوف أو شعور بالذنب
بينهما والشمس، لا أطفال يحترقون
لا شبابَ محبوسين، لا عالمًا من الورق
يقف بين الجسد والجسد في
التقاء الإنسان بالإنسان
::
حتى تصبح الشابات
أنفسهن شريفات وغير خائفات
يلدن أبناء أقوياء
يحببن ويرقصن
::
حتى يمكن للشباب في نهاية المطاف
أن يفقدوا بعضاً من صرامتهم، أن يعودوا
إلى أفكار الشباب، حتى يرتدَّ صدى
الضحك مرة أخرى على تلالنا ويملأ
سهولنا

رسالة ثوريه رقم 21
هل تستطيع
أن تمتلك الأراضي، هل تستطيع أن تمتلك
بيتا، أن تكون لك حقوق في
عمل الآخر، (أسهما، أو مصانع
أو مالا مقدما بفوائد)
ماذا عن
العائدات من نفس المحاصيل وسيارات،
طائرات تسقط القنابل، هل تستطيع أن تمتلك
العقارات حتى يدفع لك الاخرون
ثمن الإيجار؟ من يمتلك
الماء، من سيمتلك
الهواء وهو في طريقه الى النذرة؟
يقول الهنود الحمر ان الإنسان
لا يمكنه أن يمتلك أكثر مما يستطيع أن يحمل
على حصانه

النافذة (ترجمة ريم غنايم)
خُبزي أنتَ
والخَطّ الرفيع 
لعظامي
تكادُ تكونُ
البحرَ
لستَ حجرًا
أو صوتًا صهيرًا 
أحسبُكَ
بلا يدين
هذا العصفورُ يرتدّ في طيرانه
وهذا الحبّ
يتكسّرُ على زجاج النافذة
حيثُ لا ضوء يحكي
إنّه ليسَ أوانَ
تعالُق الألسنة
(الرّمل هنا لا
يتحوّل أبدًا) 
أخالُ
الغدَ
قد لفّك بإصبعه
تسنو
وتسنو
صامدًا
غيرَ مستنزَف