طلال حيدر وشِعر السفارات الانحداري

المدن - ثقافة
الإثنين   2019/09/23
من احتفال السفارة السعودية بالعيد الوطني في بيروت
لطالما تعرض الشاعر العامي اللبناني، طلال حيدر، للانتقاد، بسبب مشاركته يوماً ما، بقصائد مديح أو رثاء لآل الأسد الذين يضعهم في موضع الأنبياء والمخلصين قائلا: "لاقيت الأسد سهران/ جايي عا ضهر البراق/ تا يخلّص الآذان/ وجايب معو هالشمس/ تتمشى على الجولان". فيما دافع عنه كثيرون من أنصاره، وقالوا إنه فعل ذلك مُجبراً على مجاملة آل الأسد في زمن الوصاية على لبنان..

لا ضرورة لنبش قبور الماضي، لكن إذا تأملنا قليلاً قصيدته الخطابية التي أطلقها أمس، في العيد الوطني السعودي الذي أقامته السفارة السعودية في بيروت (المتحف)، بحضور حشد من الرؤساء وأصحاب السعادة والمعالي والسماحة وهلم جرّ.. يتبين أن طلال حيدر لديه مفردات قليلة، يستعملها في كل مناسبة، يغير الأسماء لتكون منسجمة مع مراده ومبتغاه وهواه. فكانت قصيدته عن السعودية، أمس، أشبه بخطاب يلقيه سعد الحريري ويتحدث عن خيرات المملكة ويدها البيضاء في لبنان... والأرجح أن مديح آل الأسد بالنسبة إلى "بياع الزمان" كما يسميه صديقه مارسيل خليفة، لا يختلف عن مديح آل سعود. ففي الجوهر، الكلام نفسه، وإن تغير موضع الكلمة، أو حضر رمز ديني من هنا ورمز سياسي من هناك.

وبغض النظر عن المواقف السياسية ولعبة المحاور، فإت السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يجعل شاعراً مثل طلال حيدر، أو أي شاعر حتى، في موضع المبهِّر أو المنمِّق أو المزيِّن للمناسبات السياسية والمبخِّر لقادتها؟ فنراه يطلق قصائد ركيكة، يمجد فيها سيف الأسد في الجولان، وسيف محمد بن سلمان في الحق. في الماضي، هاجم خصوم آل الأسد، طلال حيدر، بسبب قصيدته الأسدية، واليوم سيهاجمه الممانعون بسبب قصيدته البن سلمانية..
وفي الحالتين، شِعره في موضع "الانحدار"، كما يقول هو نفسه في قصيدته عن السعودية.