عمر راجح لـ"المدن": حان الوقت لعصيانٍ ثقافي!

المدن - ثقافة
الأربعاء   2019/08/07
عمر راجح في أحد عروضه
صدر عن جمعية "مقامات" و"سيتيرن بيروت"، بيان يعبر عن أسف القيمين على المؤسستين اللتين يمثلهما المديران الفنيان ميا حبيس وعمر راجح، لإضطرارهما لهدم الفضاء بسبب تعذر الحصول على التراخيص اللازمة. بدا هذا البيان الذي قُسّم الى ست فقرات أشبه بصرخة تتعدى حدث "السيتيرن"، لتطاول الجو العام الذي يرزح تحته كل مواطن يعيش في هذا البلد.

للإستيضاح حول خلفية "عدم التمكن من الإستحصال على تراخيص"، اتصلت "المدن" بعُمر راجح، المتواجد حالياً مع فريق عمله في هولندا لتقديم عرضه "minaret"، بعدما قدمه في اليونان وفي دوسلدورف. وأوضح راجح أن "سيتيرن بيروت" كان يُشيّد كل عام في مهرجان bipod السنوي، ليعاد تفكيكه لدى انتهاء المهرجان. ورغم أن هدف فرقة "مقامات" تحويل هذا الفضاء إلى فضاء اشتغالٍ فني دائم، طمح عمر راجح أن يبقى سيتيرن في مكانه المعهود في الكارنتينا مؤقتاً لعام متواصل أو لستة أشهر، قبل أن يبحث عن فضاء دائم يكون أكثر ملاءمة. إلا أنه فوجئ بعدم حصوله على تجديد للتصريح المؤقت من بلدية بيروت التي طلبت رخصة بناء، تبلغ كلفتها، وفقاً لراجح، 150 ألف دولار، وتتطلب ما يقارب العام ريثما تصدر. طلب راجح من الجهات المعنية في بلدية بيروت، السماح له بالإبقاء على هذا الصرح حتى نهاية العام على الأقل حتى إيجاد مكانٍ بديل، وهنا يستحصل على رخصة بناء ولم يُقبل بالإقتراح. 

هذه الأمور هي تفاصيل، أمام المشكلة الأساسية وهي ذات منبعٍ فكري، وفقاً لراجح الذي وجد  أن هنالك محاربة للثقافة: "لا نقوم بما نقوم به لمجرد التسلية ووضع سيتيرن بيروت وضع صعب، كي يجدد المكان لثلاثة أو أربعة أشهر بهذه الكلفة". كل ما يطلبه عمر هو بعض الوقت الإضافي للبحث عن حل مستدام، ويستغرب كيف يسكت كل هؤلاء عن أزمة النفايات لسنوات، ولا يسمحون ببقاء مسرح لبضعة شهور. يقول راجح: "لو كنا في بلاد محترمة لما جرى ما يجري. لا أحد يقفل مدرسة، لا أحد يقفل مسرحاً. أنا كعُمر راجح مللت كل الطوائف وممثليهم في الدولة. تعبنا. نقوم بعملهم، نبني مسارح وفضاءات من المفترض هم أن يؤمنوها لنا، ونخاطر في ذلك ونتحمل كل شيء وفوق هذا كله يطمسون كل شيء، كل من يحاول رفع رأسه فوق مستوى الماء، يغطسونه ليبلغ القعر. لا يريدون لنا أن نتنفس".

يضيف: "ما زلنا نعمل منذ عشرين عاماً ونتعاطى مع ما يجري بإيجابية، ونقول لأنفسنا لنتحمل لنتحمل لنتحمل. وصلنا الى مكان، لم يعد من الممكن أن تمر الأشياء كما في السابق. لم نعد قادرين على التنفس. نريد القيام بمهرجان، نتعذب كثيراً في ما يتعلق بتحصيل تأشيرات سفر للفنانين، الضرائب في كل الإتجاهات، ويجب أن لا ننسى ما جرى مع مشروع ليلى ومع مهرجانات بيبلوس، وما جرى مع مارسيل خليفة وما يجري الآن في سيتيرن بيروت... وجب أن نتوقف جميعاً وأن نقوم بأمرٍ ما.. يجب ألا نبقى صامتين: علينا أن نقوم بعصيان ثقافي".

وأشار راجح إلى أن فرقة "مقامات"، هي أول فرقة عربية تعرض في مسرح بولشوي، ومن المؤسف "أننا في بلادنا غير قادرين على التنفس.. نحن وغيرنا من الفنانين، نعمل جاهدين لتشكيل مشهد ثقافي في بيروت وكلما وقعت واقعة، طالعونا بعبارات مثل لبنان الرسالة ولبنان الحرف ولبنان الثقافة... أتركوا شيئاً نصدقه من هذه الشعارات!".     
    
استكمل عمر راجح كلامه داعياً سائر العاملين في مجالات الفنون والثقافة والإعلام للإلتقاء وللتجمّع وللتوحد حول "مصلحتنا المشتركة وحقوقنا جميعاً، لنفكر سوية كيف من الممكن التعامل مع مؤسسات الدولة كافةً: يجب أن تكون هناك سياسة ثقافية واضحة ويجب أن نبنيها نحن، لأن الدولة غير قادرة على ذلك. ما يهمنا هو أن نضمن استمراريتنا...". وختم قائلاً: "ليس الأمر محصوراً في إغلاق مسرح أو متحف أو صالة عرض، الخطير هو الفكر المتلطي خلف فعل الإغلاق بحد ذاته. عندما تغلق مسرحاً، أنت تمنع حرية التعبير والتفكير وطرح التساؤلات حول كل ما يجري من حولنا، وهذا ما يستدعي الحماية. هناك إتجاه تفكيري يحبذ العصبيات، الطائفية، الإنعزالية، كيل الشتائم... هذا ما علينا أن نحاربه. العصيان الثقافي   أصبح أمراً أساسياً لأنه لم يعد هناك ثقافة".