مارسيل خليفة والإقطاع المتجدد

المدن - ثقافة
الخميس   2019/02/21
جاء في خبر وارد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن الشيوعي مارسيل خليفة "في موقف ينتصر فيه لأهالي بلدة كونين – قضاء بنت جبيل بوجه الإقطاع المتجدد الذي يحاول أن يضع يده على أراضي البلدة وبعض عقارات الأهالي بحجج هي موضع شك كبير ويرفضها الأهالي ويعتبرونها غير قانونية، وعلى هامش تكريمه من أبناء الجالية اللبنانية في سيدني بمبادرة من عضو المجلس التشريعي في ولاية نيو ساوث ويليز النائب الأسترالي اللبناني الأصل، ابن بلدة كونين شوكت مسلماني، أعلن مرسيل خليفة تضامنه مع أهالي كونين في معركتهم ضد الإقطاع، لا بل مع كل أهالي الجنوب، وكتحية للجنوب ولكونين أنشد خليفة أغنية "يا علي نحن أهل الجنوب حفاة المدن نروي سيرتك".


مضحك أن يكون التضامن مع "كل أهالي الجنوب"، وكأن الاقطاع المتجدد أتى من بلاد الواق واق، أو ارسله العدو المتربص خلف الحدود، وليس أركانه من ابناء الجنوب، وجمهوره الواسع من ابناء الجنوب. نحسب أن استعمال تعابير ضد الاقطاع المتجدد، أشبه بلغو تعميمي وموضة قديمة مستأنفة، لغو حزبي وايديولوجي، لا يختلف عن لغو تمجيد المقاومة في كل شاردة وواردة. وفي وسط جمهور مارسيل خليفة اعتدنا على سماع تعابير حيتان المال، والطائفية البغيضة، وجماهير شعبنا...

على أننا لا نعرف لماذا غنى خليفة أغنية "يا علي" في هكذا مناسبة وفي استراليا تحديداً؟ هل لمجرد أن الجمهور من أبناء بلدة جنوبية؟ أين مارسيل خليفة الآن من علي شعيب الأمس؟ ألا تعتبر هذه الأغنية من خردة الحرب الأهلية في لبنان؟ ألا تعتبر الحرب الأهلية سبباً رئيساً لولادة الاقطاع المتجدد في الجنوب؟ والقصيدة المغناة أصبحت موضع التباس دائم ومعمعة. كثيرون لا يعرفون أن الشاعر عباس بيضون كتبها في رثاء علي شعيب الذي سقط برصاص الأمن اللبناني بعد اقتحام "بنك أوف اميركا". كتبها بيضون ذات يوم بأسلوب نيرودي شيوعي(نسبة إلى بابلو نيرودا)، ونشرت في مجلة "مواقف". اقتبس خليفة عبارات قليلة من القصيدة وقدمها، وزاد من التباسها، أن عنوانها "يا علي"، لتكون مزيجاً من نفَس شيوعي وهوية دينية (طائفية) مناطقية، حتى أن كثيرين ظنوا أنها مناجاة للأمام علي.

ويزيد الطين بلّة أن مارسيل خليفة يغني بطريقة الأناشيد الحزبية، ولا يبتعد عن الأجواء الدينية. قيل ان عباس بيضون تخلى عن القصيدة، وقيل لم يتخلَّ، وقيل إنها من أجمل قصائده، وقيل إنها تمجّد الارهاب، وقيل إنه لا يكن مقاربة زمن القصيدة (الثوري) انطلاقاً من هذا الزمن الراهن... بالطبع الجدل حول شخصية علي شعيب، لا يختلف عن الجدل حول القصيدة. صار علي شعيب ورفاقه قناعاً لكتابات في غير محلها. من يقرأ تعليقات بعض الفسابكة يلاحظ فوضى التأويلات والتفسيرات والاسقاطات والبطولات الوهمية والعنتريات... ثمة من يكتب هذراً، ويعتبر أن علي شعيب ورفاقه رمز "الوحدة الوطنية" لمجرد أنهم كانوا من طوائف متعددة، الى جانب الكتابات والعراضات ضد الامبريالية والاستكبار، ثمة من يذكّر بأن الوزير السابق مروان شربل هو من قادة العملية الأمنية ضد علي شعيب ورفاقه...

يغني مارسيل خليفة "يا علي نحن..." ضد "الاقطاع المتجدد"، ويخرج وزير الثقافة اللبناني محمد داوود داوود، الذي قتل والده اغتيالاً بوابل من الرصاص في يوم من أيام الحرب الأهلية، ليقول "ثقافة الشعب والجيش والمقاومة يجب أن تعمم على سائر مكونات المجتمع". بالطبع ما كنا نتوقع أكثر من ذلك من وزير الثقافة، وما كان ينقص خلّبية وزارة الثقافة سوى ثقافة السلاح والاحتراب.