بيروت آرت فير 2018.. في ظلال المصارف

حسن الساحلي
الأحد   2018/09/23
من المعرض
أراد المعماري اللبناني باتريك بستاني للنسخة التاسعة من معرض بيروت آرت فير 2018، أن تبدو في حال نظرنا إلى تصميمها الداخلي من الأعلى، مدينة منقسمة إلى أحياء وساحات تتمتع بخصوصيات فنية وأسلوبية تميزها عن بعضها، وتشكل وفقه بيروت "مصغرة" عن بيروت الحقيقية القابعة في الخارج.

ربما المشترَك الوحيد بين المدينتين (الحقيقية والمصغرة) هو الحضور الطاغي للمصارف في المجال العام، فعند المدخل يقبع جناح "بنك ميد" الذي وضع منصة كبيرة عرضت أعمالاً للفنان الأميركي KAWS المعروف بشكل خاص بمنحوتاته التي تمثل شخصيات كرتونية شهيرة مثل ميكي ماوس وسيمبسونز وغيرها، وتقع في مكان غير واضح بين التجاري والمفاهيمي. أما مصرف SGBL فشكل في الناحية الأخرى، ساحة يجتمع حولها 13 عملاً لفنانين صاعدين تتراوح بين الرسم والتصوير والتجهيز، وهي منصة دائمة في المعرض منذ ثلاث سنوات، أصبحت أحد الركائز التي يبني عليها سمعته كمشجع للفن الصاعد.

بين منصة بنك ميد وساحة SGBL يقبع حي للغاليريهات اللبنانية والأجنبية منها Tanit، Marfa’، Sud، Voodart، ٍSouth Border، M Square، ِArtual، وغيرها، ويغلب على الحي الفن المعاصر. في نهاية الحي، قاعة كبيرة نسبياً لشركة الريجي التي عرضت صوراً من مشروع مدعوم منها عنوانه "منشر صور"، وقد استقدمت الشركة مزارعَين يشكان التبغ في وسط القاعة! وفي جانبها منصة لبنك بيبلوس الذي حمل راية دعم الفن الفوتوغرافي منذ 7 سنوات، من خلال مسابقة خاصة بالتصوير، وورش عمل تنظم دورياً.

في وسط المعرض تقريباً، يقع حي الفن الفوتوغرافي Across Boundaries الذي انقسم إلى ثلاث ثيمات: الوثائق، الحميمية، والأرض. وقد تعاونت إدارة المعرض مع طارق نحاس لاختيار الأعمال المأخوذة بجزء كبير منها من مجموعات تملكها مؤسسات أو أفراد، وأعاد بعض الفنانين اللبنانيين المعاصرين (ياسين، أفاكيان، الصلح، الزعتري ... ) تدويرها من خلال القص واللصق، أو من خلال إضافة عناصر تجعلها أقرب للتجهيز الفني، وأغلبها يعود إنتاجه للعقدين الماضيين. الصور الأخرى غير القديمة، هي لمصورين لبنانيين "معاصرين" مثل كارولين تابت، زياد عنتر، لارا تابت، لميا جريج، وتظهر بغالبيتها مشاهد مشوشة لأمكنة في لبنان. 
في وسط المعرض تتناثر غاليريهات جانين ربيز، إماغوس، مارك هاشم، فنون، فابيان لوكليرك، التي أخذت المواقع الأفضل في القاعة، والتي يمكن الوصول إليها بشكل أسهل من غيرها. طبعاً هدف الظهور بشكل أفضل هو لتأمين مبيعات والتأكد من أن جميع من يدخل ويخرج يمكنه أن يرى الأعمال المعروضة.

في زاوية المعرض أخذ Macam منصة واسعة (هو أحد منظمي المعرض أيضاً) لعرض الكتب والمنشورات التي حرص على إظهارها للمرتادين، والتي تعتبر المنتج الوحيد في المعرض الذي يهدف بالتعريف بالفن اللبناني على تنوعه (أحد إصداراته مجلة تحت عنوان "غاليري" عن الفن اللبناني وفاعليه) طبعاً غالبية المنشورات باللغة الإنكليزية أو الفرنسية، كما كل العناوين المتناثرة هنا وهناك في المعرض. في زاوية أخرى تقبع مساحة كبيرة لعرض أعمال من مسيرة الفنان بول غيراغوسيان، تتوزع زمنيا منذ بدء مسيرته حتى وفاته، تظهر واضحةً للخارج والداخل، حيث وزّعت الرسومات على الجدران كأنها غرافيتي لكن من النوع الأكثر رقيّاً.

في نهاية المعرض مساحة خاصة VIP برعاية البنك العربي، تهدف لتعريف الضيوف (بدعوة حصراً) على الفاعلين في السوق الفني من تجار وجامعي قطع، ومنسقين، من خلال جولات على المجموعات الموجودة في بيروت (يمتلك المصرف العربي مجموعة من الأعمال والمنحوتات التي اقتناها بشكل تدريجي منذ العام 1943)، ونشاطات تجمع هؤلاء مع رجال الأعمال المهتمين بهذا المجال الفني.