عنصرية المُضطهَد (*)

المدن - ثقافة
السبت   2018/07/14
مدرب المنتخب الفرنسي ديدييه دوشامب، يمازح اللاعب بريسنل كيمبيبي، خلال التدريبات (غيتي)
(*) قرأتُ الآن ما كتبه الصديق عبد الإله الصالحي عن ردود أفعال بعض أبناء الجالية العربيّة في فرنسا على منتخب فرنسا لكرة القدم وعلى أصحاب البشرة السوداء فيه...

كم مرّة سمعنا، وأحيانًا من كتّاب ومثقّفين عرب، كلمة "عبد" (أو "عبد أسود")، للإشارة إلى شخص أسود، كأنّ العبوديّة ملازمة، بالضرورة، للسود، بل كأنّها جزء من وجودهم وكيانهم...
هذه العنصريّة الألسنيّة تكشف عن عنصريّة متأصّلة في النفوس عند مجموعة من البشر تُمارَس عليها العنصريّة يوميًّا، وتمارسها هي بدورها على الآخرين. وبدلاً من أن يفرح هؤلاء بما يمثّله المنتخب الفرنسي من وجه متعّدد، منفتح ومتسامح، خصوصاً في هذه الأزمنة الصعبة، وبعد الاعتداءات الإرهابية وما ولّدته في النفوس، نجدهم يقفون في صفّ واحد مع اليمين الفرنسي المتطرّف الذي يكره الاختلاف والتنوّع، ويكرههم ويناصبهم العداء بمجرّد أنّهم عرب أو من أصول عربيّة.

هذه الظاهرة العربيّة في الخارج، وفي فرنسا بالأخصّ، والتي يحتاج فهمها إلى دراسات معمّقة، لا تتجلّى فقط في الموقف من كرة القدم واللاعبين السود، بل أيضًا في المواقف السياسيّة كإقبال فئة من المهاجرين، خبرت معنى أن يكون الإنسان مواطنًا، على التصويت للغنّوشي في الانتخابات التونسيّة، وتتجلّى أيضًا في أولئك الطلبة المتطرّفين الذين يتزايد عددهم في المدارس والجامعات الفرنسيّة، فيرفضون بعض المقولات العلميّة فيها بحجّة أنّها تتعارض مع الشرع...
لا يكفي أن نقول إنّ انحطاط مجتمعاتنا بات ينتشر في الوطن والمهجر على السواء، بل علينا أن نبحث عن الأسباب التي دفعت تلك الأمّة إلى هذا الانحطاط النادر في الزمن الراهن.

(*) مدوّنة كتبها الشاعر عيسى مخلوف في صفحته الفايسبوكية.