لقاءات آرل الفوتوغرافية: إيران والبحث عن لينين

جوزيف الحاج
الثلاثاء   2017/07/04
البحث عن لينين
افتتحت "لقاءات آرل الفوتوغرافية"-2017 دورتها الـ48 والتي تستمر حتى أيلول المقبل.أعرق المهرجانات الفوتوغرافية في العالم، وفي برنامجها العديد من العناوين الثابتة والمفاجآت التي إعتادت تقديمها سنوياً.

تُعتبر "لقاءات" هذه المدينة الفرنسية عملاً فنياً جماعياً، ترفده خيمياء مصورين وإبداعات وأمكنة وجمهور. هي صناعة محلية ونشاط حيوي تنسجه منذ عشرات السنين أيادي نخب وجماعات ومؤسسات ومعاهد فنية.  

المعروف عن جمهور آرل- الذي يتخطى سنوياً المئة ألف زائر - أنه هاوٍ ومتطلب، يعشق الصورة ويحبّذ مفهوم اللقاءات التي ستشهد هذا العام تخصيص 25 مكاناً للعرض ولباقي الأنشطة، تستوعب أكثر من 250 مصوراً وناشراً وأصحاب صالات. إنها تبدع مواضيعاً وتتناولها بعمق. تتمدّد لتشمل مدناً فرنسية أخرى. تنعقد أيضاً في الصين منذ 2015.  

كتب مديرها سام ستوردزه: "كلما كثرت الدول التي تغلق حدودها وتنغمس في أزماتها السياسية أو الإقتصادية، يزداد عدد المصورين الوافدين إليها، يشهدون ويبدعون لغاتهم البصرية المميزة. يفككون العلامات الغيبية ويتنبأون بمستقبل هذه المجتمعات التي تعيش قلاقلها".

في الدورة الـ48 يتشارك الجمهورمع ميول الفوتوغرافيا وشغفها بالأمكنة البعيدة والغرائبية.  إنه زمن "آرل" المدينة التي تجلب صور العالم، تختصرها في صيف قصير، تعرضها للفرجة المدهشة في أماكنها التراثية والحداثية. صور العالم، من أميركا اللاتينية، بفقرها ثوراتها والحروب الدائرة والمنتهية فيها، وآخرها كولومبيا التي بدأت تشق طريقاً هشة نحو السلام: تُعرض أعمال 28 مصوراً ترددوا إلى هذا البلد منذ السبعينيات وحتى اليوم. وتحت عنوان "أميركا اللاتينية كميدان للفوتوغرافيا: 1960- 2016" نشاهد نصف قرن من تصوير القارة الجنوبية. صور من مجموعة ليتيسيا وستانيسلاس بونتياتوفسكي، تناقضات قارة هجينة، ومحاولة إعادة تكوين الخيالي عبر الصور التي صنعت أيقونات هذا الجنوب اللاتيني.

ولأن لقاءات آرل "رحلة إلى قلب جغرافيا سياسية معقدة ومضطربة"(ستوردزه) فقد شمل موضوعها "أراسلكم من بلاد بعيدة: نظرة على جزء من العالم، على شكل مراسلة مصورة"  أعمال 66 مصوراً إيرانياً في سرد بصري لبلدهم منذ نهاية السبعينيات حتى اليوم، أو ما وصفته آرلبـ"النظرشذراً إلى إيران".  "ورقة بيضاء" عنوان ضم 11 مصوراً إسبانياً في قصص مرئية معاصرة. وتنتقل آرل إلى عنوان آخر هو "فوضى العالم"، عن الإضطرابات السياسية والمناخية والنضالات البيئية والإجتماعية متسائلة: أي غد نحلم به؟ نتعرّف هنا على فرنسيين يعملان في أوكرانيا هما نيلز أكرمان وسيباستيان غوبير في موضوعهما "البحث عن لينين". ومن ضفاف البوسفور، إلى سوريا، روسيا، وقلب أوروبا في "منصات المرئي: مقاربات حديثة للوثائقية" رصد لأجل ممارسة فوتوغرافية تعيش لحظة تحولاتها. 
في "تجربة المكان"، تصبح المدن الحديثة وتنظيمها وأحداثها ملائمة لشاعرية المكان وثقافة المشهد الطبيعي:  أعمال من جويل مييروفيتش، ومايكل وولف عن العيش في المدن. كما تجري اللقاءات مراجعة للفوتوغرافيا من منظور مختلف: من السوريالية إلى إستخدامات الصورة. ومجموعات غريبة تطرح مسألة الصور الشعبية. "كتب آرل" وجائزة الكتاب من أهم الأنشطة التي ترصد أحوال الكتاب الفوتوغرافي.

روّجت اللقاءات للتقنية الأحدث في عالم التصوير أو ما سمي بـ"الواقعية الإفتراضية"، قدّمت كتابتها الجديدة، تحدّت التمثيلات وخلخلت القوانين التقليدية لتنتج أشكالها الحداثية.

آرل فضاء تجريبي وإستعراض عالم متحرّك، متغيّر تسير صوره بسرعة الضوء، لتدخل زمن "ديموقراطية الصور وحروبها التي تكشف وجهاً آخر. لقد تحوّل الأفراد إلى مصورين وناشرين ومتلقين لحقائق وترويجات مرئية. من هنا الحاجة إلى وجود مصورين فنانين يرصدون التوقيت الملائم، يحللون، يفكون الرموز، يبدعون لغة حديثة"(ستوردزه).

يزوّد الفوتوغرافيون برمجة اللقاءات فيحافظون على تمايزها. تفتتح أمكنة جديدة وفضاءات أخرى للصورة. أكثر من أمكنة مستحدثة للعرض طرحت آرل عناوين جديدة: للإبداع، للسياسة، للإحتجاج والثورة، للتأمّل، إضافة إلى فسحة بعنوان "نظرة ناقدة"، لتبقى لقاءاتها فضاءات للصورة الحرّة.