لوائح "بوكر": مَن قصدت سحر خليفة بالمبتدئين والمستسهلين؟

سامر مختار
الجمعة   2017/02/24
هل يمكن لروائي ان يكون حَكَماً عادلاً في جائزة روائية؟
لا تمرُّ دورة من دورات جائزة "بوكر" للرواية العربية، إلا وتحمل معها تساؤلات حول اختيارات لجنة التحكيم لمكونات اللائحتين الطويلة أو القصيرة. خصوصاً عندما يكون الجمهور المُهتم؛ من نقّاد، وكتّاب، وصحافيين، وقراء؛ على قدر من المعرفة بالأعمال التي رُشِّحتْ للجائزة، وروايات أُخرى قَدَّمها ناشروها أو مؤلفوها للجائزة ولم تصل حتى الى اللائحة الطويلة. 

هذه التساؤلات، التي من الممكن أن يطرحها أي متابع للجائزة - كون الجائزة تُصدِّرُ نفسها على أنها أهم جائزة أدبية للرواية العربية -  أجابت عليها رئيسة لجنة التحكيم الروائية الفلسطينية سحر خليفة (1941) عبر مدونة كتبتها في صفحتها الفايسبوكية، جاء فيها: "186 رواية تقدمت لجائزة بوكر كان على لجنتنا أن تقرأها وتقيمها وتختار ما تراه الأجمل والأعمق. لم تكن المهمة سهلة ولا ممتعة، فالكثير من الروايات، أغلبها، من وجهة نظرنا، لا يستحق حتى الورق الذي نشرت عليه. وفي هذه الحالة، أنا ألوم الناشرين الذين يتخذون من النشر عملية تجارية ولا يولون أي اهتمام للمستوى الفني والإنساني، ولا يولون أيضاً أي اهتمام للفائدة التي يجنيها القارئ ولا خسارته المادية حين يشتري رواية لا يستطيع إكمال قراءتها لركاكتها وفجاجتها وسطحيتها"...

وأضافت: "والغريب أننا تلقينا تهجمات كثيرة ممن لم يفوزوا، واتهمنا البعض بالفساد، وآخرون اتهمونا بالعمالة لجهات مجهولة غامضة، ومعظم المتقدمين، وأغلبهم من المبتدئين والمستسهلين كانوا يتوقعون الفوز وهم ما زالو في أول الطريق أو لا يملكون الموهبة اللازمة لهذا الفن الصعب على الإطلاق. ولم يدر في ذهنهم وذهن ناشريهم أن اللجنة، أية اللجنة، لا يمكن أن تغض النظر عن الركاكة والفجاجة، ولا أن تفّوز الـ186 رواية. لكن، ورغم كل ما واجهناه من صعوبات، فقد خرجنا بحصيلة مجدية، بل رائعة، وبعضها نعتبره تحفاً فنية ستظل مميزة في أدبنا العربي المعاصر. أنصح الجميع بقراءتها"...

بالطبع 186 رواية، عدد لا يُستهانُ به، ويحتاج بالفعل إلى جهدٍ وتركيزٍ، ودقّة في الاختيار. إن استثنينا 16 رواية استحقت – من وجهة نظر لجنة التحكيم – الترشح للائحة الطويلة؛ فهل يعقل أن 170 عملاً روائياً غالبيتها "لا تستحق حتى الورق الذي نشر فيه؟". من الجيد أن رئيسة اللجنة سبقت حُكمها بعبارة "من وجهة نظرنا"، لأنه لو افترضنا أنه كُشف عن أسماء الكتّاب وعناوين الأعمال الروائية التي خرجت من المسابقة، عندها سيكون هناك فرصة للاطلاع وقراءة تلك الأعمال، ومراجعة الأسس والاعتبارات – الفنية ربما – التي على أساسها تكونت وجهة نظر اللجنة.

أما عن كلام سحر خليفة بأن "معظم المتقدمين، وأغلبهم من المبتدئين والمستسهلين كانوا يتوقعون الفوز وهم ما زالوا في أول الطريق أو لا يملكون الموهبة..." فهو اتهام – ترد فيه على اتهام لجنة التحكيم بالفساد.. والخ - يحمل تعميما "مبطناً" وفجاً، فاستعمالها لكلمة "أغلبهم" لا تنفي التعميم. ربما لو أوضحت  - بعد أو قبل - كلمة "أغلبهم" بأنه كانت هناك مثلاً أعمال جيدة لكتّاب غير مبتدئين أو مستسهلين، عُرف في مرحلة ظهور اللائحة الطويلة للجائزة، بأنهم كانوا من بين المتقدمين للجائزة. ألا تعتبر سحر خليفة أن اتهام الغالبية من المتقدمين من الكتّاب المبتدئين والمستسهلين إهانة قد ترتطم بأي وجه من وجوه الكتّاب الروائيين الذين لم يتمّ ترشّحهم للائحة الطويلة حتى؟ 

بالتأكيد هناك كتّاب عرب قدموا أعمالاً مهمة، وأصحابها ليسوا كتّاباً مكرسين بشكل أو بآخر. لكن هل يعقل ألا يربط أي عارف بالمواقف السياسية للكتّاب المستبعدين، بينها وبين بعض مواقف الأشخاص المتواجدين في لجنة التحكيم هذا العام؟

وقد يأتي أحدهم ويسأل ماذا تقصد سحر خليفة بالكتّاب المبتدئين والمستسهلين؟ وهو يجهل المعايير التي على أساسها يتم اختيار عمل روائي ما ويستثنى آخر! ما هي المعايير الفنية ووجهة النظر الأدبية التي تتبناها لجنة التحكيم؟ وقد يتساءل كاتب مبتدئ، هل يجب أن تكون لي سيرة ذاتية حافلة كيّ أتقدم لجائزة أدبية؟ أم أن المعيار هو العمل الأدبي الذي تقدّمت به؟ هل يكفي أن توصف الأعمال الروائية المرشحة بأنها "رائعة"، و"تحفة فنية .. ننصح الجميع بقراءتها!"، أم يجب أن يكون هناك "منهج" معين يقوم على أساسه الاختيار، لنعرف على أي أساس يتم اختيار لجنة تحكيم معينة؟

أية لجنة تحكيم لأي جائزة أدبية، قد تتهم بالفساد والعمالة، وهذه الاتهامات تعتبر "كليشيهات" جاهزة، وغارقة في التعميم. المهم هو ردة فعل لجنة التحكيم. 

على ان القائمة القصيرة للبوكر لم تنج من "لطشات" سحر خليفة التي اقرت أنها تفضل ثلاث روايات، ولم تعلن عنها، والسؤال الذي يطرحه البعض: هل يمكن لروائي يرأس لجنة حكم جائزة للرواية ان يكون محايداً ومعتدلاً؟ ألا ينبغي ان تكون لجنة حكم هذه الجائزة من خارج الروائيين؟ على الأقل من كتاب السيناريو أو النقّاد؟