أطفال هوليوود و"بيت الدعارة المكتظ"

محمد حجيري
الأحد   2017/10/22
شيرلي تيمبل تعرض للتحرش في عمر 12 سنة
 
ذات مرة وصفت مارلين مرنرو، هوليوود بـ"بيت دعارة مكتظ"، و"حيث يدفعون لك آلاف الدولارات مقابل قبلة، وخمسين سنتاً مقابل روحك". ما قالته الاميركية الشقراء، التي تعرضت للاغتصاب في التاسعة من عمرها، قبل أن تصبح ممثلة وأشهر نجمة اغراء، يستعاد الآن في الكثير من التعليقات والمقالات، ويلخص وجها من وجوه هوليوود، ويتجلى في جانب من تاريخها القبيح الذي يتجسد في شخصيات مثل المنتج الأميركي هارفي وينشتاين المعروف بـ"أبي هوليوود"، وقد أُحصيت في سجله عشرات حالات التحرش الجنسي.


ليس هارفي الأول في هذا السياق الفضائحي، فقبله الكثيرون من المتحرشين، الممثلة جوان كولينز قالت إنَّها فقدت دور البطولة في فيلم "كليوبترا"؛ لأنَّها رفضت ممارسة الجنس مع مدير الاستوديو، بيل كوسبي، نجم برنامج "Cosby Show" متهم بتخدير الكثير من النساء والتحرش بهن... الخ. وما لاحظناه من خلال متابعة ملف التحرش الهوليوودي، قبل كل شيء، وقبل أي شيء عدا عن التحرش بالنجمات، هناك التحرش بالممثلات في عمر المراهقة وحتى الطفولة، والتواطؤ أحياناً ليس من المشاهير فحسب، بل من بعض الأهل أيضا. فقد استمرّت علاقة الممثل إيرول فلين بالممثلة بيفرلي آدلاند لعامين، وبدأت علاقتهما حين كانت تبلغ من العمر 15 عاماً. واتُّهِم فلين بالفعل في أثناء تلك العلاقة باغتصاب فتاتين قاصرتين، وحُكِمَ ببراءته في عام 1942. وكتبت آدلاند في مجلة "بيبول" الأميركية: "كنتُ خائفة، فقد كان أقوى مني بكثير. وبكيت. وعند لحظة معيّنة مزّق ملابسي، ثم نقلني إلى غرفة أخرى، وكنتُ لا أزال أحاول مجاراته. وكل ما كان يدور برأسي حينها هو: ماذا سأقول لأمي؟".

النجمة الطفلة
وفي مذكراتها "النجمة الطفلة"، ادّعت الممثلة شيرلي تيمبل أنَّ أحد منتجي شركة مترو غولدوين ماير، خلع بنطاله وتعرَّى أمامها خلال اجتماعهما الأول في عام 1940. كانت تبلغ من العمر حينها 12 عاماً، ونظراً إلى كونها صغيرة ولا تعرف شيئاً عن الجنس، استجابت لفعلته بالضحك الشديد، وهو ما دفعه لطردها خارج مكتبه، ولحسن الحظ، فقد حدث هذا بعد أن كانت قد وقّعت بالفعل عقدها مع الشركة.
ووفقاً لجيرالد كلارك، مؤلف كتاب "كوني سعيدة: حياة جودي غارلاند"، فقد عُرِضَ على الممثلة جودي غارلاند ممارسة الجنس من قِبل كبار الشخصيات بشركة "مترو غولدوين ماير" منذ كانت تبلغ من العمر 16 عاماً وحتى 20 عاماً. ومن بين أكثر المتحرشين سيئي السمعة، كان لويس ماير، مدير الاستوديو. فقد كتب كلارك عن ذلك قائلاً: "كان ماير يقول لها كم أنَّها مغنية رائعة؛ إذ إنَّها "تغني من قلبها" ثم وضع يده على الناحية اليسرى من صدرها".

وعاشت جودي غارلاند طفولة بائسة لتحقيق طموح والدتها التي لم تعرف الرأفة في مشاعرها، اذ كانت مصممة على دفع ابنتها نحو عالم النجومية، غير عابئة بأي ثمن تدفعه ابنتها لقاء تسلق سلم الشهرة. وينقل جيرالد كلارك عن أصدقاء طفولتها قولهم: "إن والدتها كانت تعتبر جودي سلعة يجب أن تستغل بدلا من كونها طفلة تستحق العطف والحنان". وقد تحولت العلاقة بين جودي ووالدتها إلى حالة شجار دائم بسبب تدخلها في كل ما يتعلق بحياتها حتى بعد زواجها خمس مرات وإنجابها لأطفالها الثلاثة. فبعد زواج جودي غارلاند من الموسيقار ديفيد روز أثارت غضب والدتها ومدير استوديو مترو غولدوين ماير حين حملت، ورافقتها والدتها إلى أقرب عيادة وأرغمتها على الإجهاض في وقت كان فيه الإجهاض عملا غير قانوني في الولايات المتحدة، ما أدى إلى طلاقها في غضون أشهر. وقد ضحت والدة جودي غارلاند بجنين ابنتها للمحافظة على صورتها كنجمة سينمائية مراهقة، كما ضحت بزواج ابنتها. ويمكن القول باختصار إن والدة جودي غارلاند حولت حياة ابنتها إلى جحيم متواصل.  

ومن أشهر أخبار التحرش والاغتصاب في هوليوود ما فعله المخرج الشهير رومان بولانسكي مع سامانثا غيمر، لقد اعترف بممارسة الجنس بصورةٍ غير قانونية معها، كانت في الثالثة عشرة من من عمرها، حالمة وتريد أن تصبح ممثلة، في أثناء جلسة تصوير في لوس أنجليس عام 1977، قدّم لها الشمبانيا وأقراص المنوم... وكتبت غيمر في مذكراتها: "الفتاة، حياة في ظل بولانسكي": "لم أكن أريد ممارسة الجنس، ولكن على ما يبدو، فإنَّ هذا ما كان سيحدث". اختارت غيمر صورة كان قد التقطها لها المخرج ذاته لتكون غلافاً لكتابها. جاء ذلك بعد ان قدم بولانسكي فيلما وثائقياً يتضمن اعتذارا لسامانثا عام 2011 ... يقول المخرج في فيلمه ان سامانثا اصبحت في ذلك الوقت ضحية له وللصحافة ايضاً، وبعد ان بلغت من العمر خمسين عاماً، قررت سامانثا ان تروي قصتها في كتاب قائلة: "أنا اكثر من مجرد فتاة تعرضت للعنف الجنسي... أنا احاول تقديم قصتي بلا غضب ولدي غايتي منها وهو أن اتقاسم قصتي مع القراء لأنها مكنتني من الحصول على هويتي التي اساءت إليها مواصلة نشر الموضوع والحديث عنه إعلاميا، حتى يومنا هذا مما أثر على زوجي واطفالي الثلاثة ووالدتي، لذا قررت أن أكرس وقتي لكتابة القصة لأكشف حقيقتها...". وفي عام 2009، اعربت غيمير عن رغبتها في متابعة اجراءات الدعوى المعلقة وانتقدت القضاء الاميركي، لأنه اعتمد على تصريحها الذي قالت فيه إنها "غفرت لبولانسكي وطوت صفحتها معه"، وكررت ذلك عام 2003 قائلة: "لا أشعر بأي استياء نحوه ولا أية شفقة أيضاً... إنه رجل غريب فقط بالنسبة إليّ"...

وفي ملف المنتج هارفي وينشتاين، قالت الممثلة البريطانية كيت بيكينسيل كانت هي الأخرى من ضحاياه، حين كانت مراهقة، وقالت إنها فوجئت بالمنتج الأميركي وهو يستقبلها عندما كانت تبلغ من العمر 17 في غرفته الخاصة بأحد الفنادق وهو يرتدي زي الاستحمام على الرغم من أنه أخبرها أنها ذاهبة لمقابلة عمل وقدم الخمر لها.

تركض وراء الفتيات الصغيرات
وعلى نسق مارلين مونرو، شن النجم جون كوزاك عام 2014 هجومًا على هوليوود واصفا إياها بـ"بيت الدعارة"، منتقدًا صناعة السينما واستخدامها للمرأة. وأضاف كوزاك أن هوليوود تركض وراء الفتيات الصغيرات لاستغلالهن وهو ما يشبه (دعارة الأطفال)، حسب قوله. وأضاف كوزاك أن لديه صديقة ممثلة نبذتها هوليوود تمامًا بعدما بلغت الـ29 عاما، قائلا: "يريدون فتاة أخرى جديدة ومثيرة فى الـ22 من عمرها". وقال الممثل الأميركي إليجاه وود، إن التحرش الجنسي بالأطفال في "مصنع الأحلام" ظاهرة منظمة وتحظى بالحماية من قبل شخصيات نافذة في قطاع صناعة الأفلام. واعترف وود، في حديث لصحيفة "ذي صاندي تايمز" البريطانية، بأنه شخصيا نجا من التعرض للاعتداء عليه جنسيا بفضل والدته التي منعته من حضور الحفلات التي نظمها أرباب صناعة السينما لاصطياد ممثلين بعمر صغير، مؤكدا أن أطفالاً آخرين وقعوا ضحايا هؤلاء.

هذه عينة مستعادة من تاريخ هوليوود القبيح، فخلف مصنع الأحلام هناك الكثير من الكوابيس، وخلف الجمال الأسطوري هناك الكثير من القبح، يصنعه بعض النافذين في تاريخ هوليوود.