ربيب القرود

دخل طرزان عالم السينما العام 1918 من خلال فيلمين قام ببطولتهما ايلمو لنكولن. في العام 1920، لعب جين بولر هذا الدور في فيلم عنوانه "عودة طرزان"، وفي العام التالي عاد ايلمو لنكولن ليجسّد هذه الشخصية الأسطورية في سلسلة من 15 حلقة. بعدها، ظهر فيلم "ابن طرزان" العام 1922، وقام ببطولته بيرس دامبسي دابل. غاب طرزان عن الشاشة خمس سنوات، وعاد في فيلم "الأسد الذهبي" بطولة جايمس بيرس. بين العامين 1928 و1929، تحوّل فرانك ميرل إلى طرزان الجديد في سلسلة أخرى مؤلفة من 30 حلقة، وبهذه السلسلة انتهى عهد طرزان في السينما الناطقة.

في العام 1932، اختير جونى ويسمولر ليلعب هذا الدور، فكان سادس طرزان يظهر على الشاشة، وأول طرزان ناطق، ولم يكن ممثلاً محترفاً، بل بطلا رياضيا فاز بخمس ميداليات ذهبية في السباحة، وبات نجما أميركياً عالمياً. تحوّل هذا البطل الأولمبي في العام 1929 إلى "مانيكان" لأشهر ماركة من ماركات الثياب الداخلية، أي "البي في دي"، وظهر في فيلم استعراضي بعنوان "تمجيد الفتاة الأميركية"، وفيه لعب دور أدونيس وهو شبه عار، مكتفياً بلباس ورقة عنب. بعد أدونيس، جسّد جوني ويسمولر "الرجل القرد" العام 1932، وعاد ليلعب هذا الدور في "طرزان ورفيقته" العام 1934. تكرّرت هذه التجربة في ثلاثة أفلام أخرى أنتجتها شركة "مترو غولدن ماير"، وتواصلت في سلسلة اخرى من الأفلام أنتجتها شركة "راديو كيث أورفيوس" في الأربعينات. انتقل دور طرزان بعد هذه السلسلة إلى لاكس باركر، غير أن جوني ويسمولر استمرّ في تأدية دور مشابه في سلسلة جديدة حملت عنوان "أدغال جيم"، وبقي في الذاكرة العامة رجل الأدغال الأوحد على مر عقود من الزمن. حصدت أفلام "الرجل القرد" نجاحاً واسعاً في العالم العربي، وظلّت تعرض حتى منتصف السبعينات في دور السينما، بالرغم من انتقالها إلى الشاشة الصغيرة.

دخل طرزان عالم السينما المصرية، وظهرت تحية كاريوكا في دور مشابه في فيلم "نادوجا" العام 1944. بحسب الرواية الأصلية، لاقى والدا طرزان حتفهما على شاطئ مهجور لجآ إليه بعدما استولى القراصنة على سفينة كانا على متنها، وتبنّته القردة وهو طفل يتيم، وعاد إلى الكوخ الذي بناه والده، واقترن بحبيبته جاين في ذلك الكوخ. وفي "نادوجا"، فقد الثري خورشيد باشا ابنته نادية في السودان، قبل 15 عاماً، عندما كان يشغل منصب كبير الأطباء، وأوصى سكرتيره، مراد، بالبحث عنها قبل أن يودّع الحياة. سافر مراد مع فرقة من الرحالة إلى الأدغال للبحث عن ابنة الباشا، واستضافه زعيم القبيلة في احتفال حاشد، وفوجئ خلال هذا الاحتفال بنادوجا وهي تهبط من أعلى الأشجار، فكشف لها عن هويتها الحقيقية، وحملها معه إلى مصر، وتعرّضت هناك لمؤامرة دنيئة من أقربائها بهدف ابعادها ومنعها من الوراثة.

بعد "نادوجا"، ظهر اسماعيل ياسين في فيلم مشابه العام 1958، وفيه يرحل ثري من كبار الأثرياء عن هذه الدنيا تاركا وراءه ثروة كبيرة، غير أنه يترك وصية تمنع ورثته من الحصول على نصيبهم من هذه التركة قبل العثور على ابنه الذي فقده في الغابة منذ زمن بعيد. يتوجه اثنان من أقارب هذا الثري إلى الغابة بحثاً عن الإبن المفقود، ويعثران على اسماعيل ياسين الذي نشأ بين القردة وبات واحداً منها، ويعودان به إلى مصر حيث يواجه سلسلة من المتاعب.

تعرّف الجمهور العربي على طرزان من خلال أفلام جونى ويسمولر في المقام الأول، وتعرّف عليه جيل آخر من خلال سلسلة من الشرائط المصورة ظهرت بين العامين 1966 و1971، عنوانها العريض "طرزان ربيب القردة". أصدرت "المطبوعات المصورة" 66 عدداً من هذه السلسلة، وتبعتها "مؤسسة بساط الريح" التي أصدرت بدورها سلسلة اخرى حملت عنوان "طرزان سيّد الأدغال"، نُشرت تباعا بين 1979 و1982، وتوقّّفت بسبب الاجتياح الإسرائيلي. خلفت هذه السلسلة مجموعة ثالثة بعنوان "مغامرات طرزان المصورة"، نشرتها "المكتبة الأدبية للطباعة والنشر". إلى جانب هذه المجموعات الصادرة في بيروت، نشرت "دار كرم" في سوريا، سلسلة من 12 عدداً، بحجم الجيب، عاش فيها طرزان مغامرات أخرى من مغامراته التي لا تنتهي.

في العام 1976، ظهر طرزان من جديد على الشاشة العربية في فيلم سوري من بطولة إغراء ورفيق السبيعي ومحمد جمال، وعنوانه "امرأة بين رجلين". و"إغراء هنا بين رجلين: زوجها الذي دخل حياتها بوثيقة رسمية، وشاب دخل قلبها بوثيقة الحب والأمل". يجمع القدر الأطراف الثلاثة إثر حادث طائرة ينجون منه بأعجوبة، وتجد "إغراء" نفسها طرزانة بين طرزانين يواجهان معها الصعاب في سبيل البقاء. وقيل قبل عرض الفيلم، أن الشركة المنتجة "متخوفة من مضايقات قد تتعرض لها عند عرضه للرقابة، والسبب ان بطلة الفيلم إغراء كانت أكثر إغراء في عدد كبير من مشاهد الفيلم، وقد ظهرت هذه المشاهد على الشاشة أكثر إثارة مما كان مكتوباً في ورق السيناريو".